بين ابتزاز نتنياهو وخضوع ترامب.. بقلم: تحسين الحلبي

بين ابتزاز نتنياهو وخضوع ترامب.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأحد، ٢٤ مارس ٢٠١٩

يبدو أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو كان يعرف أن المحقق الخاص الأميركي روبرت مويلير في موضوع اتهام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعلاقة مشبوهة مع موسكو، سيقدم نتائج التحقيق لوزير العدل الأميركي على شكل لائحة اتهام تفرض استجواب ترامب ومحاكمته. ولذلك سارع نتنياهو إلى ابتزاز ترامب ومطالبته بتقديم اعتراف علني بضم الجولان المحتل إلى السيادة الإسرائيلية قبل أن ينشغل ترامب بملف اتهامه وتتعرض صلاحياته للشكوك. ويبدو أن نتنياهو وعد ترامب بأن يجند لمصلحة براءته من هذه التهم جميع وسائل ومنظمات الضغط الصهيونية – اليهودية الأميركية وخاصة منظمة إيباك. وبهذه الطريقة اصطاد نتنياهو عصفورين بضربة واحدة، فقد شكل إعلان ترامب قبل أسبوعين من موعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في 9 نيسان المقبل عن اعترافه بضم الجولان تعزيزاً لفرض نتنياهو وحزب الليكود في الفوز بمقاعد برلمانية تزيد على الحزب المنافس له حزب (أزرق – أبيض)، كما شكلت وعوده لترامب في وقوف منظمات الضغط اليهودية الأميركية إلى جانبه فرصة لاستمرار ابتزازه في الفترة التي ستجري خلالها إجراءات استجوابه المحتمل من المؤسسات التشريعية الأميركية. ويبدو أن الحملة على ترامب بدأت، فقد طلب أعضاء من مجلس النواب الأميركي من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري من المدعي العام الأعلى بنشر وثيقة الاتهام على الجمهور في أقرب فرصة ممكنة، وكشفت الصحف الأميركية أمس أنه «إذا تقررت إدانة ترامب في أي مادة من لائحة الاتهام، فسوف يخضع لجلسة استماع أمام الكونغرس، وفي الكونغرس من الممكن أن تبدأ إجراءات إقالته»، وسيقوم المدعي العام الأعلى ويليام بار بدراسة تقرير مويلير قبل أن يقرر إمكانية إطلاع الجمهور عليه. وكشفت مجلة «بلومبيرغ» الإلكترونية الأميركية أن ويليام بار ربما يكشف تفاصيل اتهام ترامب بعد نهاية الأسبوع المقبل، وقد يسمح بنشر القليل جداً مما جاء فيه بسبب ما سوف يتضمنه من معلومات سرية، وسوف يقدم تقرير الاتهام لأعضاء الكونغرس بعد أيام قليلة، وهذا يعني أن العد التنازلي لمجموع أزمات وفضائح ترامب ستبدأ خلال أسابيع قليلة، لأن البيت الأبيض ورئيسه ترامب سيستخدم كل وسائل الضغط لكي يرجئ عرض التقرير على الكونغرس أو تجريد هذا التقرير من مصداقية تتيح تقديمه للكونغرس. وهذا ما فعله نتنياهو حين طلب من المدعي العام الأعلى في تل أبيب إرجاء عرض لائحة الاتهام ضده إلى ما بعد 9 نيسان المقبل موعد الانتخابات البرلمانية. وفي واشنطن بدأ المحامون الذين كلفهم ترامب بمتابعة تحقيقات مويلير بالاستعداد للدفاع عنه مستفيدين من القانون الأميركي التشريعي الذي لا يسمح للمدعي العام الأعلى بكشف تفاصيل علنية تدين رئيساً في منصب الرئاسة أمام الجمهور، فثمة إجراءات يتعين على الكونغرس اتخاذها ومتابعتها بشكل حذر.
لكن الديمقراطيين يفضلون عرض التقرير على الجمهور لاستخدام الاتهام في حملاتهم الانتخابية التي بدأ المرشحون الديمقراطيون عن الحزب التنافس فيها على ترشيح الحزب.
مويلير كان قد طلب من الرئيس ترامب الإجابة خطياً على بعض الأسئلة من دون مقابلته شخصياً، وحين سئل ترامب قبل أيام من الإعلان عن استكمال ملف الاتهام حول مواقفه إذا ما جرى الإعلان عن الملف فقال: «فليخرج إلى العلن، ولندع الجمهور يراه»، لكن أحداً لا يمكن أن يصدق كل ما يعلنه ترامب وخصوصاً في موضوع كهذا وهو الذي اعتاد شن حملات انتقاد على العديد من وسائل الإعلام واتهمها بتزييف الأخبار عنه. وكان مويلير قد عين محققاً خاصاً في موضوع علاقة ترامب بأوساط خارجية والاستعانة بها في حملته الانتخابية عام 2016 في شهر أيار 2017 وأنفق على تحقيقاته 25 مليون دولار دفعتها وزارة العدل في كانون الأول الماضي، وتمكن منذ عام 2017 حتى الآن بسرعة فائقة إعداد لائحة اتهام بعد أن أدان أهم مستشارين لدى ترامب في حملته الانتخابية وجعلهم يعترفون بإدانتهم وكان المستشار الأميركي الخاص كينيت ستار الذي كلف بمتابعة ملف فضيحة الرئيس الأميركي الأسبق بل كلينتون مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا ليفينسكي قد أمضى أربع سنوات لتقديم الاتهام ضد كلينتون عام 1998، ويزداد الاعتقاد أن نتنياهو سيجد في النهاية أن انتزاعه موافقة ترامب على ضم الجولان سيضع السياسة الأميركية أمام تحد للعالم كله، وسيدشن حالة فرز دولية لن يكون بمقدور واشنطن تحملها سواء أدين ترامب أم لم يتمكن النظام الأميركي من إدانته.
الوطن