الجولان حقٌ لا يموت … وتوقيع رجلٍ أحمق.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

الجولان حقٌ لا يموت … وتوقيع رجلٍ أحمق.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠١٩

يا له من عالمٍ أحمق تتالى في المشاهد المزورة … رئيسٌ أمريكي يلهو على التويتر ويوقع إعترافه بسيادة العدو الإسرائيلي على الجولان السوري المحتل.
بياناتُ إدانةٍ وتصاريح رافضة أطلقتها بعض الدول الأوروبية الإستعمارية التي لا تزال تتواجد على أراضي الدولة السورية بصورة غير شرعية كفرنسا وبريطانيا، إنزعاجٌ تركي -أردوغاني سخيف وهو الذي يحتل أجزاءا ً واسعة في الشمال السوري، ناهيك عن إحتلاله المباشر وغير المباشر لمدينة إدلب عبر إرهابييه.
إداناتٌ عربية خجولة وكاذبة, فغالبية العرب اللذين يستنكرون اليوم تصريح ترامب, هم ذاتهم اللذين شاركوا وساهموا بدعم عدوان وسيطرة العدو الإسرائيلي على الجنوب السوري عبر التنظيمات الإرهابية, التي دعموها ومولوها وسلحوها, ودعموا إحتلال الجنوب السوري صراحة ً, وهرولوا نحو التطبيع مع العدو الصهيوني , وتطوعوا لتنفيذ ماّربه وتمرير مخططاته عبر صفقة القرن , فمنهم من مول ميليشيات “قسد” في الشرق السوري ودعموا مشروع إنفصاله عن السيادة السورية , ومنهم من تحالف مع العدو التركي في الشمال وأيدوا سلخه وإلحاقه بالدولة العثمانية … ولم يجرأوا على إتخاذ قرار إعادة اللاجئين السوريين , والإجماع على عودة سوريا إلى الجامعة العربية, ولم يدرجوا اسم سوريا في القمة العربية القادمة في تونس … ومن المثير للإستغراب أن يصحى العرب على الجولان أرضا ً عربية , فهل كانت حلب أو دير الزور أو إدلب أراضٍ هندية ..!
صحيح أن سوريا ترحب بكل إدانةٍ وبأي موقف يدعم حقوقها الوطنية المدعومة بالقرارات والشرعية الدولية , لكنها في الوقت ذاته لا تعول على تلك المسرحيات اللفظية, ويبقى تعويل السوريين الأول والأخير على إيمانهم بعدالة قضيتهم , وبوفائهم لأرضهم الطيبة أرض الاّباء والأجداد, وأرض الكرامة والعزة التي فُطر وجُبل عليها السوريون, ويعولون على إمكاناتهم الذاتية وعلى شدة بأسهم وإعتمادهم خيارا ً واحدا ً الشهادة حتى النصر, مؤمنين بحكمة وشجاعة الرئيس بشار الأسد وبسالة الجيش العربي السوري وصمود الشعب السوري العظيم الذي يشهد له التاريخ أنه لم ولن ينام على ضيم .
إن تصريحات وتغريدة الرئيس الأمريكي، تأتي في إطار السياسة الأمريكية الداعمة للعدو الإسرائيلي كحليف أول واستراتيجي، وتأتي كدليل قاطع على الإنحياز الأمريكي المطلق الملتزم بأمن ووجود وبقاء “دولة” الكيان الغاصب، وبدعم سياساتها التوسعية ومخططاتها الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية…
كما تأتي في إطار الهدايا المتبادلة بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الغاصب، فهدية ترامب تمثل قمة الدعم السياسي لصديقه الشخصي وحليف الولايات المتحدة الأمريكية في حملته الإنتخابية القادمة، فيما أتت بالأمس هدية الإيباك واللوبي الصهيوني للرئيس ترامب عبر استصدار صك برائته وإخراجه من براثن المحقق مولر في التحقيقات المتعلقة بإتهامه وفريق حملته الإنتخابية بالتعاون مع روسيا وبكامل تفاصيل هذا الملف، والذي كاد أن يودي بترامب إلى غياهب العزل والمحاسبة.
وتبقى تصريحات المغرد ترامب وحتى توقيعه, لا تعدو أكثر من تغريدة رجلٍ أحمق, وجزءا ً من سياساته الإستفزازية المتهورة والتي تسعى لجرّ العالم نحو المزيد من الصراعات, ولا تخرج أبدا ً عن إطار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية, والتي دأب على إتباعها الرؤساء والإدارات الأمريكية المتعاقبة, الساعية لإتمام ما تسمى صفقة القرن, عبر استعجالٍ واضح لإستباق استعادة سوريا كامل قوتها وتوازنها, واستباق إعلانها النصر على الإرهاب ودول الداعمة, بما يجعلها تبدو كمقايضة بين إنتزاع موافقة سوريا للتخلي عن القضية الفلسطينية, مقابل إكتفائها بتراجع ترامب عن تغريدته وتوقيعه.
إن تصريحات الرئيس الأمريكي لا قيمة لها، ولن تغير من الواقع القانوني ومن حق الدولة السورية وسيادتها على كامل أراضيها، وبإحتفاظها بحقها بمقاومة الإحتلال الإسرائيلي بكافة الوسائل المتاحة السياسية والعسكرية , تلك الحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية والأمم المتحدة وبإعتراف العالم كله بأن الجولان كان وسيبقى أرضا ً سورية وعربية للأبد ….
يبدو أن ترامب يستعجل نهاية الكيان الإسرائيلي، فتوقيعه للقرار لن يمر مرور الكرام، وستبقى الكلمة الأولى والأخيرة للدولة السورية ولمحور المقاومة.