انتصار بطعم آخر ..بقلم: صالح صالح

انتصار بطعم آخر ..بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ أغسطس ٢٠١٤

مذاق الانتصار هذه المرة مختلف عن أي نصر آخر، لأنه انتصار لمحور المقاومة، جاء بمقاييس ومعان وروح جديدة، انتصر الصمود والتوحد والبطولة والفداء، انتصر دم الأبرياء على القهر والخذلان والتآمر الذي قام به محور النعاج المفزوعة من خيالها.
خلال واحد وخمسين يوماً من جنون الإجرام الصهيوني لم يهرب أحد، ولم يولي الأدبار ولم ترفع الرايات البيضاء كما تمنى الأعداء، بل تلاشى الخوف ولم يرتعب أطفال فلسطين وشيوخها ونسائها، رغم الحقد الهائل والعهر الإجرامي في استقصاد المدنيين ونثر أشلائهم ودفنهم تحت ركام منازلهم باستخدام أحدث الأسلحة الأمريكية فتكاً وقدرة على الإبادة.
توحد الجميع والتمّ شملهم وثبتوا مقولة أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، وأن الإسرائيليين وقادة حربهم لم يتعلموا من تجاربهم السابقة وخاصة التي شنوها منذ بداية هذا القرن، بينما استفاد العرب ومقاوموهم بالتحديد، فتم ترسيخ المعادلة الجديدة في غزة كما فرضت سابقاً في جنوب لبنان عام 2006، وهي توازن الرعب الذي أبدع رجال الميدان في فرضها عسكرياً، فتغيرت موازين القوى على الأرض وباتت أي مغامرة من قبل العدو الإسرائيلي تحتاج إلى دراسة مطولة وحسابات دقيقة، لكي لا يراق ماء وجههم بهزيمة جديدة لم يعد الداخل الإسرائيلي يحتمل وقوعها، ولا حتى الرأي العام العالمي الذي تغيّر مزاجه وبدأ يميل الى اعتبار إسرائيل دولة قاتلة ومجرمة، فمارس دوراً حقيقياً في الضغط على الحكومات للتحرك ولأن تأخذ موقفاً حقيقياً يتجاوز فعل الإدانة والشجب والاستنكار.
فيما تعرى دور النظام الرسمي العربي الذي غطى الجريمة وكان شريكاً فيها في التغطية والتمويل والدعم ولم يفلح في سرقة النصر من أصحابة وتقديمه هدية للجلادين من أسيادهم في واشنطن وتل أبيب كما درجوا في كل الحروب السابقة.
اللحظة الأهم في كل هذه الحرب هي المشهد الأخير قبل إعلان الهدنة بلحظات عند إطلاق الصاروخ بعيد المدى على تل أبيب برسالة واضحة أننا باقون ويمكننا استئناف القتال في أي لحظة يتجدد العدوان فيها.
هذه اللحظة هي نقطة الارتكاز لمستقبل اللذين صمدوا بشموخ وعزة وكرامة فيما دفن المتخاذلون والمشككون والخائفون والصامتون رؤوسهم في رمال غزة بعد أن فشلت خططهم ولم يزهر ربيعهم المنشود سوى الخيبة والذل والعار لأنه لم يأت إلا بالدمار والقتل والخراب للدول العربية وشعوبها المبعثرة، ربيع كاذب كان استمراراً لخريف قاتم وشتاء أسود كوجوه من خططوا له ورسموه ونفذوه…