الإعلام والديمقراطية.. بقلم: د.سمير صارم

الإعلام والديمقراطية.. بقلم: د.سمير صارم

تحليل وآراء

الاثنين، ١٠ نوفمبر ٢٠١٤

الإعلام والديمقراطية، أو الديمقراطية والإعلام موضوع بدأ يطرح على مستوى المفكرين وصنّاع الرأي، ويمكن أن يكون عنواناً جديداً للحديث فيه والكتابة حوله من خلال محاولة الإجابة على سؤال عن الرابط الذي يمكن أن يجمع بين الإعلام كسلطة ودور، والديمقراطية كهدف وممارسة..
 وعن هذا الرابط نقول بداية إنّه لا إعلام حر بلا ديمقراطية صحيحة، والعكس صحيح، فالإعلام ضروري للديمقراطية، والديمقراطية أساسية للإعلام حتى يمكن القول إنّ الإعلام هو الرئة التي يمكن أن تتنفس منها الديمقراطية كي تسود وتبقى، والديمقراطية هي الهواء الذي يمكن أن يحيا به الإعلام، وفي كل المجتمعات التي تغيب عنها الديمقراطية يتم قمع الإعلام، والدولة القوية القائمة على أسس ديمقراطية تعطي الإعلام كامل الحرية ليكون مراقباً لعمل الدولة، متابعاً لأوجاع وأوضاع كل شرائح المجتمع وفعالياته..
 وتاريخياً بدأ نهوض الديمقراطية باختراع الطباعة، وتنامي القراءة والكتابة، ما أدى إلى نشر الأفكار، وبالتالي المساهمة في هدم النظام السلطوي من خلال اتساع دوائر الحوار ما أسهم في انتشار قيم الديمقراطية.
 السؤال المطروح بعد هذا التقديم النظري هو:
 - أين نحن كعرب.. وكدول عالم ثالث أو نامٍ من هذا الإعلام الذي يمكن أن يكون رئة الديمقراطية؟
 وربما يمكن طرح السؤال بصيغة أخرى مثل:
 - هل يمكن أن يكون هناك بالأصل إعلام غير مرتبط بسياسات ورؤى وتوجهات مموليه سواء أكانوا حكومات أم أفراداً، لنقول إنه يمكن أن ينشر قيم ثقافة الديمقراطية؟..
 الجواب حاضر وسريع وهو أنه لا إعلام في العالم يمكن أن يخرج عن إطار تأثير مموليه عليه، بل إنّ وظيفة كثير من الإعلام إن لم يكن كله هي الترويج لأفكار مموليه وإداراتهم، أيضاً سواء أكانوا حكومات أم أشخاصاً، وفي الوطن العربي والعالم الثالث يتم التخفيف من شبهة هذا الارتباط بالقول عن إعلام الدول إنه إعلام شبه رسمي!.. لكن دون أن يعني ذلك أنّ إعلام الغرب بعيد عن مثل هذه التسمية، إنما في الغرب تتم العملية عبر واجهة الشركات والمستثمرين الذين يرتبطون بعلاقات عضوية مع القوى الحاكمة.
 وعلى هذا فالإعلام الغربي مرتبط بسطوة رأس المال بشكل أو بآخر، وكمثال ففي منتصف ثمانينات القرن الماضي كان هناك حوالي 50 شركة تملك أو تسيطر على مختلف وسائل الإعلام الأميركية، بينما الآن تسيطر خمس شركات فقط على ما يقدر بـ (37) ألف مؤسسة أو منبر إعلامي من صحافة ومحطات تلفزيونية وإذاعات وغيرها من وسائل الإعلام والنشر، والإعلام الصهيوني واضح الدور في خدمة الأطماع والأفكار الصهيونية من شأن الكيان الإسرائيلي والحركة الصهيونية منذ نشأة الكيان الإسرائيلي، والحركة الصهيونية من الحركات التي أحسنت استخدام الإعلام لخدمة أغراضها، وعندما نتحدث عن الإعلام الصهيوني يخطر على البال مباشرة إمبراطورية الإعلام الدولي المملوكة لرجل الأعمال روبرت مردوخ شريك الأمير السعودي الوليد بن طلال مالك مجموعة روتانا الإعلامية، والقائمة لا تنتهي عندما نريد استعراض أدلة على عدم وجود إعلام محايد يخدم التوجهات الديمقراطية حتى في أكثر الدول إدعاء للديمقراطية في العالم، والديمقراطية هي الواجهة التي يحاول فيها الإعلام الغربي إشاعة أنه حر.
 بعد ما سبق يمكن أن نخلص إلى نتيجة مؤكدة هي أنّ مقولة الإعلام الحر هو رئة الديمقراطية التي تتنفس منها تبقى صحيحة نظرياً، لكنها غير ذلك عملياً لأنه لا وجود لإعلام غير مرتبط بشكل من الأشكال بالجهة التي تمولّه مستفيداً من سطوة الصورة وسلطة النص لترويج أفكار وأهداف مموليه الذين يدّعون الديمقراطية.