جرد أم ترحيل روتيني..!؟.. بقلم: سامر يحيى

جرد أم ترحيل روتيني..!؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣٠ ديسمبر ٢٠١٤

اعتادت المؤسسات الحكومية والخاصة وحتى بعض الأسر عمل جرد سنوي خلال الأيام الخمس عشر الأخيرة من كل عام، وكذلك انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي بعض عبارات تحت هذا الإطار، إضافةً إلى أنّ وسائل الإعلام  تنقل ما جرى خلال العام الماضي على شكل مقتطفاتٍ حرفية دون تحليل أو دراسة جديّة حقيقية تهدف للاستفادة من إيجابياته وتطويرها، ودراسة سلبياته التي تحمل في طيّاتها الكثير من الإيجابيات والعبر والأفكار القابلة للتطوير الإيجابي.
 لا نريد أن نستمر كما كل عام بعملية ترحيل أو نقل العام لعام آخر بشكلٍ روتيني بعيداً عن التفكير المنطقي، نسير على نفس الخطى ونفس الطريق دون أي تعديل سوى التعديل الروتيني والزيادة الطبيعية المعتادة نتيجة التطوّر الحياتي، دون أدنى جهدٍ لتطوير ما حصل واستبعاد ما لم يكن فيه فائدة وإعادة ما يمكن أن يصب بمصلحة المؤسسة والمجتمع والشخص، بعد حوارٍ جدي وموسّع ونقاش بين أبناء المؤسسة الواحدة أو أصحاب الاختصاص الواحد، أو المشترك، بهدف الانتقال من مجرد نقل وترحيل إلى عملية تطوير خطط العام الماضي، وعدم التقيّد بموازنة جامدة تزداد أو تنقص روتينياً، تقوم على التدوير والتفكير بكيفية زيادة الموازنة، أو تحقيق وفرٍ فيها، دون أن نضع بالاعتبار هذه الزيادة وهذا الوفر سيصبّ لمصلحة المؤسسة عملياً أم مجرد زيادة نظرية، فما أكثر الزيادات التي تكون سلبيةً على المدى البعيد، ونتجاهل زيادات أخرى أو ننقص منها وتكون لها ضرر على المدى البعيد بل والمتوسط القريب في الكثير منها، لاسيّما نقل تجارب الآخرين وخاصة بما يتعلّق بالموارد البشرية، دون دراسة حقيقية للواقع والإمكانات والتجارب الحاصلة ببيئتنا وينطبق على واقعنا.. وهل نضع الوقت في الاعتبار، والعمل على دراسة رفع الدعم بطريقة إيجابية مستفيدين من الخطوات السابقة التي حصلت والتي كان لها تأثير سلبي حتى على موازنة الدولة بعكس الوفر المتوّقع والتنظير الذي كان في وقتها إيجابياً جداً، حتى خلنا أنّ عملية رفع الدعم سوف تؤدي لازدهار الاقتصاد، برغم الحرب والحصار المفروض على سوريتنا الغالية... نحن نطالب استمرار الحكومة بدعمها للمواطن بطريقة مدروسة، وجديّة بعيدة عن الدراسات النظرية غير المتطابقة مع الواقع المعاش والظروف الحياتية اليومية للمواطن، ويجب أن تبقى الحكومة هي ضابط إيقاع السوق الاستهلاكية، والتعاون مع المواطن عملياً، بأخذ أرائه ولا ننسى أنّ كل مسؤول هو مواطن قبل أن يكون مسؤولاً، نأمل بهذا العام أن يفكّر الإعلام جديّاً بكيفية القيام بدوره الإيجابي في بناء المجتمع بعيداً عن مجرّد الحديث بهدف الحديث وكسب الرأي العام السريع الآني المستهلك، دون تحقيق الهدف الأساسي السامي المنشود منه، وبدلاً من المطالبة بتوسيع الهامش، عقد اللقاءات والنقاشات الجدية والحقيقية للاستفادة القصوى من الهامش المتاح بما يتناسب مع الإمكانيات المتوّفرة والبيئة المحيطة وعدم المقارنة مع الآخر إلا بالعمل الجدي والنشاط الإيجابي، وتلقائياً سوف تتسع الدائرة ونحقق الإيجابيات الكبيرة، وهنا تتحمّل الحكومة المسؤولية الأكبر كونها تملك المؤسسات القادرة على تفعيل ذلك، ولاسيّما وزارتي التربية والتعليم العالي، ووزارة التخطيط بالتعاون والتنسيق مع باقي الوزارات والمؤسسات والهياكل الحكومية والخاصة والمشتركة، وخاصة هيئتي التخطيط والتعاون الدولي، والتخطيط الإقليمي والمكتب المركزي للإحصاء بحيث تجمع بين الشق الأكاديمي والشق العملي على أرض الواقع، واطلاعها على الإمكانيات المتوفرة، والتوقّعات المفترضة. 
 بالتأكيد المفترض أن يتوازى هذا الجهد الحكومي مع جهد كل مواطن منا، بإعادة النظر بما تصرّف به وتمتين علاقاته مع جواره، والتسامح والتعالي على الجراح من أجل تحقيق المستقبل الأفضل، فالعام 2014 مليء بالإيجابيات والعبر التي يجب الاستفادة منها، وليس مجرّد سلبيات نحمّل مسؤوليتها للآخر، ونتناسى أنّ كلاً منا يتّهم الآخر وينسى نفسه، وأنّ العام هو عبارة عن نتائج عمل كلٍّ منا، مما يتطلّب منا تطوير دورنا في الانتقال الأفضل للبيئة التي نرجو ونرغب ونتمنى، وتحقيق التعايش السليم والاستمرار في توطيد العلاقات بين أبناء الحي والعمل، التي بالتأكيد ستشمل الوطن ككل، ولا ننسى دور وسائل التواصل الاجتماعي التي يجدر بكل منا تحويل صفحته مع بداية عام 2015 لتكون نقاشية وحوارية بناءة تنشر الوعي وتساهم ببناء الإنسان، بحيث نملأ العام الجديد سعادة وانتصاراً ومحبةً، يبشّرنا بابتسامة وتفاؤل بتحقيق الأمنيات القابلة للتطبيق على أرض الواقع.. ..
نعم نأمل أن يبدأ كل منا بجردة حساب تحليلية لكي يكون عام 2015 عام التفاؤل والنشاط، عام العمل الجاد والبناء، عام التغيير الإيجابي، عام التواد والتحابب عام الانطلاق بخطوات واثقة للقضاء على كلّ سلبيات العام الماضي وتفادي كلّ أخطائه.. لا عام استمرار الشكوى والنقد الهدام وترحيله.
نعم هذا ما نحتاجه من كلّ منا أياً كان موقعه ومكانته، وعندما نفكّر قليلاً سنجد الحلول للكثير من المشكلات التي كنا نظّنها عصية على الحل، لكن حلولها هي بمتناول أيدينا فقط عندما نفكّر بهدوء وروية ونوسّع دائرة النقاش والحوار البنّاء ضمن الإطار الوطني، وهو الحلّ الوحيد الذي يجعلنا ننطلق بقوةٍ نحو المستقبل المشرق بخطى واثقة بعيداً عن التنظير الإيجابي الشكل، السلبي المضمون.. سوريتنا تحتاج جهد كل مواطن سوري أياً كان تواجده، وأياً كان انتماؤه..
كلّ الحبّ والخير والسلام لوطن السلام سورية الحبيبة في عامها الجديد الذي نأمل أن نعمل معاً لجعله عام النصر والوصول لما نصبو إليه.