ما بين التعليم الإدراكي والسلوكي.. بقلم: هنادة الحصري

ما بين التعليم الإدراكي والسلوكي.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ٤ مايو ٢٠١٥

ثمة أزمة مفارقة قيمية سلوكية باتت تتفاقم في مجتمعنا ولابد من معالجتها.. نحن نلقن التعليم الإدراكي في المدرسة الجامعة..إلخ أما السلوكي فنتعلمه من المحيط والأسرة وبهذا نعيش حالة من التنافر، لأن هناك تضارباً بين ما نتعلمه وبين ما نعيشه، وبهذا نكون قد ورثنا أسلوب التواصل المجتمعي وطرق التفكير، وبقي التعليم الإدراكي حبيس عقولنا حالنا حال الأخطبوط رأسه بمكان وأرجله بمكان.
وخير مثال على ذلك حال الأم، فتعليمها الإدراكي يوجهها صوب تحريك الفاعلية الإيجابية للأبناء وبالتالي المجتمع ككل ولكنها للأسف تتواصل بشكل عكسي فلدي تجربة أضعها أمامكم.
نموذجان من الأطفال يعيشان ظروفاً واحدة ولكن كل أم تختلف طريقة تواصلها، فهناك جاد وعمر تقول: أم جاد لجاد وهي توقظه الآن الساعة السابعة وأنت متأخر مثل كل يوم.
أم عمر تقول لعمر: هل تريد الآن أن تستيقظ أم يلزمك خمس دقائق.
تقول أم جاد وهي تراه ارتدى ملابسه ماعدا حذائه: إن شاء الله ستذهب حافي القدمين للمدرسة.
وتقول أم عمر أنت تقريباً أصبحت جاهزاً ولكن بقي عليك ارتداء حذائك.
تقول أم جاد أين رأسك لماذا نسيت زوادتك.
تقول أم عمر نسيت زوادتك خذها الله معك..
يقول أحد الفلاسفة : ما تتوقعينه من طفلك يتحقق فتوقعي منه الأمور الكبيرة.
في إحدى دور الحضانة الفرنسية كانت المدرسة تلقي توجيهاتها بينما كان هناك طفل يشاغب ولما لاحظت ذلك اقتربت منه وحضنته بدفء وأكملت توجيهاتها، فما كان من الطفل إلا أن هدأ تماماً. فلو كان هذا الطفل في إحدى دور الحضانة عندنا ترى ماذا تكون ردة فعل المدرسة ؟
نقطة أخرى حبذا لو تراعيها الأم وهي أن لديها في منزلها مشروعاً إنسانياً، فالأبناء هم صناعة أم وهنا تأتي ضرورة قيام الأم باللعب مع أبنائها، لأنهم بذلك سيتعلمون الانضباط، فعندما لا يحترمون قواعد اللعبة سيتعلمون أنه لكل سلوك نتيجة وبالتالي سيتعلمون في المرة القادمة أن يبتعدوا عن الغش، وبهذا سيلتزمون الانضباط ويثبتون وجودهم كأفراد فاعلين في مجتمع يعيش أزمة ضياع، فأغلبية الأسر مفككة ونسبة الطلاق باتت عالية جداً، والإعلام الغربي بفضائياته أصبح موجهاً ضد قيمنا ومفاهيمنا ومنظوماتنا الأخلاقية.
الواقع يقول: إن ظروفنا وأحوالنا لن تتغير ما لم يتغير سلوكنا ومواقفنا وتعاملنا، وبالتالي لن نستطيع تغيير سلوكنا وتعاملنا ما لم نغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى أنفسنا وإلى من حولنا.
وكما يقول ألفرد نوبل: قيمتك في الحياة ما تضيفه إليها.