بين مشاعر الفخر والتضحية وبين الحزن والشوق…. قصائد «معبديات»

بين مشاعر الفخر والتضحية وبين الحزن والشوق…. قصائد «معبديات»

شاعرات وشعراء

الخميس، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦

سوسن صيداوي
أصدر اتحاد الكتاب العرب السلسلة الشعرية الثانية «معبديّات» للشاعر عز الدين سليمان، بواقع مئة واثنتي عشرة صفحة، شملت نحو خمسة وثلاثين قصيدة متنوعة المشاعر والعناوين والأهداف فيها الكثير من الشوق والحب والفخر والاعتداد بابن الشاعر «معبد» الذي قضى شهيداً على يد العصابات الإرهابية المسلحة، وكأنّ كل ما في سلسلة «معبديات» هو من وإلى ابنه «معبد»، هذا ما جاء في بداية السلسلة وتحت عنوان «معبديات» حيث قال الشاعر عز الدين سليمان بعد أن قرّر السفر إلى عالم الأحلام بتذكرة ذهاب من دون عودة:
يوم بشّرني أحدهم بأن ولدي «معبد» استشهد كنت واثقاً أنه سيفعلها، وأنه لن يتوانى لحظةً واحدةً في الدفاع عن كرامة الوطن، ولن يضعفَ، ولن يجبنَ فقلت:
الحمد للخالق الأعلى نقدّسه
ونستعين به، والحمد للوطن
وأسرعتُ إلى صورته المعلّقة على جدار القلب فلمحت في عينيه دمعتين عالقتين وعلى ثغره ابتسامة الرّضى فقلت:
كلّما أرنو إلى صورته
أبصر الضّحكة والدّمع معا
وطنٌ نادى بنيه شامخاً
وهو قد لبى المنادي مسرعاً.
وسافرتُ بعدها في أقاصي الأحلام…… ولن أعود.
مشاعر الحزن والشوق والأسى مع مرارة القدر وظلم أحكامه، معجونة بعُصارة الألم التي تمزق قلب الشاعر بين المناجاة وبين محاولة إدراك هول ما فعل به غدر القدر، هذا واضح في قصيدة «خذني إليك» حيث قال فيها:
بالله يا ولدي!! يا جرح أغنيتي!!
ويا ترانيم مقهورٍ لمقهور!!
خذني إليك، فما نفع الحياة إذاً
تمزّق العمر في درب الأعاصير؟!
أبكي عليك؟ نعم أبكي، وبي شجنٌ
غداً سيُكتب عنه في الأساطير
وفي قصيدة «حزيران والقلب الغائب» يعبّر فيها الشاعر عن جرح الأحزان الذي لا يمكن لأي زمن من التمكن من شفائه أو تضميده والتناقض العاطفي الصارخ بين فخر البطولات والحنين، فيقول:
فيا أيها الصاعدون إليه!! رفاق السلاح!!
خذوا كلَّ عمري
وقولوا له أن يعودَ إلى الحقل يوماً
فإنّي زرعت له في ضلوعي الحقولا
ولا أستطيع الصّعود إليه
فإنّي بغير عيونٍ وغير جناح
حملتُ قصائد روحي
مواويل قلبي
رسائل شوقي
لأنسج منها عباءة شعرٍ أنيقٍ
لتلبسها الأرض في حضرة الشّهداء
و أرسل أيام عمري هدايا لمن غاب
لا لن يغيب
ولكنّه في حكايا الخلود
وفي وارفات الأساطير راح
وحطّ على غيمةٍ
واستراح
وفي رسالة ابن الشاعر «معبد» الشهيد إلى أمه جاءت قصيدة «صوت أمي» التي فيها كل الحب والامتنان لأم صوتها لا يمكن لزمن ولا لظرف ولا حتى لصوت مهما علا أو صدح أن يغير من نبرته أو يقلل من حنوه:
صوتها جاءني، وأعرف أمّي
حين تبكي عليّ ميتاً وحيّا
لملمت راحتيَّ منه وروداً
فاشربوا عطر صوتها من يديّا
صوتها جاءني، وكان حنوناً
مثل قطر النّدى، وكان شجيّا
لم يزل صوتها يعطّر عمري
فاقرؤوا طيبَه على شفتيّ
وعن حب الشاعر ومشاعره وشوقه لابنه «معبد» قال:
لقد كان الفتى عنّي بعيداً
وعن عينيّ صار اليوم أبعد
تكحل بالإباء وبالمعالي
أقلبي في يد العلياء مرود؟
لقد عاد الرّبيع وفي يديه
قناديل، وفي عينيه فرقد
أشمّ وريدةً، وأضمُّ أخرى
فعيني أبصرت في الورد «معبد»