لمصلحة نظام عالمي جديد .. خطاب ترامب ينهي نظام أوباما العالمي.. بقلم: تحسين الحلبي

لمصلحة نظام عالمي جديد .. خطاب ترامب ينهي نظام أوباما العالمي.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٧

يبدو أن الاستناد إلى الخطوط الأساسية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي الجديد (ترامب) يجعلنا بشكل موضوعي نتوقع إذا ما قرر تنفيذها أننا سنشهد في هذا العام بداية نظام عالمي أميركي جديد يختلف في قواعد عمله عن نظام بوش- وأوباما العالمي السابق.
فقد لاحظ جميع الأميركيين وبقية دول العالم أن جزءاً كبيراً مما ورد في حملة ترامب الانتخابية تكرر في خطابه بعد أن أصبح رسمياً الرئيس الأميركي وليس الرئيس المنتخب.
وكان عدد من رؤساء الدول الأوروبية قد انتقد قبل تنصيب ترامب تصريحات أطلقها تجاه الاتحاد الأوروبي وأعرب فيها عن عدم اهتمامه بوحدة الدول الأوروبية بخلاف أوباما الذي طلب من البريطانيين أن يصوتوا لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي فالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رد قائلاً في ذلك الوقت: «إن كتلة الاتحاد الأوروبي لا تحتاج لمن هو خارجها أن يقول لها ما تفعله» والمستشارة الألمانية قالت: «أعتقد أننا نحن الأوروبيين نملك مصيرنا بأيدينا» وكانت رئيسة الحكومة البريطانية قد هنأت بحرارة ترامب حين أعلن عن فوزه وأرسلت له في عيد الميلاد هدية هي نص خطاب رئيس حكومة بريطانيا وينستون تشرتشل» عام 1941 وهو خطاب ألقاه في البيت الأبيض ووجه فيه من واشنطن رسالة إلى العالم قال فيها إن الإدارة الأميركية قررت المشاركة بقواتها وقدراتها في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان والألمان بعد وقت قصير من الهجوم الياباني على القاعدة الأميركية في «بيرل هاربر»، ويبدو أن هدية رئيسة حكومة بريطانيا الآن لترامب تحمل دلالات كثيرة لأن بريطانيا بقيت وحدها في الحرب على النازيين منذ عام 1939 حتى عام 1941 وكأن السيدة «ماي» تتطلع إلى تحالف تحتاجه بريطانيا مع ترامب بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.. وهذا ما ظهر من بيان صدر عن وزير خارجية بريطانيا يقول فيه بعد إلقاء ترامب لخطابه: «أحر التهنئة القلبية وإننا في المملكة المتحدة سوف نعمل يداً بيد من أجل استقرار وازدهار الأمن العالمي مع الرئيس دونالد ترامب».. وكأن الحكومة البريطانية تريد أن تحجز لها مقعداً إلى جانب ترامب في تأسيس نظام عالمي يختلف عن النظام الذي أراد بوش الابن وأوباما فرضه على العالم في ولايتيهما.
أما رئيس حكومة اليابان «شينزوايب» فقد أصدر بياناً بعد دقائق من انتهاء خطاب ترامب يقول فيه «أتطلع إلى الالتقاء بترامب مرة ثانية في أقرب فرصة ممكنة» فاليابان ستجد نفسها هي وألمانيا بصفتهما الدوليتين المنهزمتين في الحرب العالمية الثانية أمام ضغوط وقلق إذا ما اتجه مسار أي نظام عالمي جديد خارج إطار النظام العالمي الأميركي الذي تدشنت أولى مراحله بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 ونجاح أوروبا في تأسيس اتحاد أوروبي يضم 27 دولة حتى الآن. وتخشى اليابان على التحالف الذي دعمه أوباما في منطقة آسيا- المحيط الهادئ وهي تدرك أن أي توتر أميركي مقبل مع الصين سيفرض على ترامب الاستعانة بدول جنوب شرق آسيا واليابان ولذلك يريد رئيس حكومة اليابان الاطلاع من (ترامب) مباشرة على خطته في تلك المنطقة ومستقبل علاقاته مع كوريا الجنوبية والوجود العسكري الأميركي فيها.
وكان رئيس حكومة كندا على غرار بريطانيا قد بعث برسالة تهنئة يتطلع فيها إلى تعزيز وتطوير علاقات كندا المتينة مع الولايات المتحدة.
وعلى الجانب الآخر لا أحد يشك في أن الرئيس الروسي بوتين فضل منذ بداية التنافس بين هيلاري كلينتون وترامب فوز الأخير وهذا ما أدركته إدارة أوباما منذ الإعلان عن ترامب رئيساً منتخباً ولذلك حاولت منع فوزه بكل الوسائل، ولن يتوقف جناح هيلاري كلينتون وأوباما في الحزب الديمقراطي عن مواصلة دورهما المحرض ضد سياسة ترامب والنظام الأميركي الجديد الذي يسعى إلى فرضه على العالم. ولذلك يعوّل الرئيس بوتين الآن على انفراج العلاقات الأميركية- الروسية وإغلاق ملف العقوبات الاقتصادية التي فرضها أوباما وأجبر عليها دولاً أوروبية ضد روسيا بسبب أزمة أوكرانيا التي ستعمل موسكو على حلها مع إدارة ترامب.
وبالمقابل ستحتل الأزمة السورية أهمية أولى على جدول العمل الروسي- الأميركي لتصفية الإرهاب من المنطقة وهذا ما أكد عليه ترامب في خطاب التنصيب، فموسكو تنتظر نتائج الجهود المبذولة لعقد اجتماع «أستانة» لكي تنضج ظروفاً في مصلحة سورية في التخلص من المجموعات الإرهابية وإيقاف كل أشكال الدعم لها من حلفاء أوباما في عهد إدارته.
ومع ذلك سيبقى الموضوع الأميركي الصيني من النواحي التجارية والاقتصادية من الموضوعات الشائكة عند سياسة ترامب، لكن هناك من يعتقد أن التحالف الروسي الصيني سيكون في مقدوره لجم أي جموح أميركي يوتر العلاقات الأميركية مع الصين أو روسيا.

الوطن