ترامب وإسرائيل..حلٌّ بعد حرب؟.. بقلم: جوني منير

ترامب وإسرائيل..حلٌّ بعد حرب؟.. بقلم: جوني منير

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٠ فبراير ٢٠١٧

كلّما مضى يوم، كلّما تصاعدت الأزمة السياسية غير المسبوقة بين الرئيس الأميركي وإدارته والأطياف المعارضة له. أزمة تبدو بلا سقف وتُنبئ بمشوار طويل من النزاعات والمواجهات العنيفة والمتاح فيها استخدام كلّ أنواع الأسلحة حسب تطوّر الخلافات والمراحل التي ستصل اليها.
خلال الأيام الماضية، وصف الرئيس السابق للاستخبارات الاميركية CIA ليون بانيتا الوضع في واشنطن بالفوضى العارمة التي تجعل الإدارة الأميركية غير جاهزة للتعامل مع أزمات العالم، إذ لا وجود لآليات في البيت الابيض تسمح بذلك.

لكنّ إشارتين أساسيّتين تُعطيان صورة كافية لمستوى النزاع الدائر. الأولى ذهاب بعض أعضاء الكونغرس إلى حدّ المطالبة بإجراء فحوص طبية للرئيس دونالد ترامب حول وضعه العقلي.

صحيح أنّ هؤلاء الاعضاء ينتمون جميعاً الى الحزب الديموقراطي، لكن لم يسبق أن جرى التخاطب مع رئيس جديد للبلاد بهذه اللغة التي تجاوزت مفهوم التجريح الى الطلب الفعلي بسبب مواقفه وقراراته حيال مسائل أساسية ومهمة وحيوية للبلاد.

والإشارة الثانية ما نُقل عن امتناع أجهزة الاستخبارات المتعددة، وفي طليعتها الـ CIA، عن إطلاع ترامب على معلومات حساسة تتعلّق بالكشف عن الأساليب الاستخبارية المستخدمة لجمع المعلومات. وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، هناك انعدام ثقة بين الرئيس وأجهزة الاستخبارات على خلفية علاقات فريق ترامب بروسيا.

وما لم تنقله الصحيفة، همَس به ديبلوماسيون، بأنّ ترامب يتوجّس من وجود محاولات جدية لاقتلاعه من البيت الابيض، وأنه يُدرك أنّ أيّ توجّه في هذا الاتجاه ومهما تعاظم شعبياً يبقى بلا جدوى ونتيجة إذا لم يساعده جهاز كبير ونافذ مثل جهاز المخابرات المركزية الاميركية.

في العادة، يدفع واقع التخبّط الداخلي وتفاقم الازمات بالقيادة للذهاب نحو مواجهات خارجية تسمح باحتواء الانقسام الداخلي، لذلك ذهبت التكهّنات ناحية ساحة الشرق الاوسط الملتهبة أساساً كما حال سوريا والعراق واليمن، والتي تختزن المشكلات التي تشكل الدافع الأقوى للحروب كما هو حال الواقع الإسرائيلي - الفلسطيني.

في العراق، باشر الجيش الأميركي مواكبة المرحلة الأخيرة من القضاء على الجزء العراقي من «دولة داعش» بعد تفاهمات سياسية سريعة.
وفي سوريا، ترتيبات سياسية لم تَرقَ بعد الى مستوى الاتفاق حول الرقة ومناطق وجود «داعش» و«النصرة»، في وقت تدرس وزارة الدفاع الاميركية احتمال إرسال قوات برّية عملية الى سوريا وعدم اقتصار الوجود العسكري الاميركي على التدريب والاستشارات. خطوة من الواضح أنّ من أهدافها نقل جزء من الصورة الداخلية الى ساحات القتال «الخطرة» في سوريا.

لكنّ الملف الفلسطيني يبقى الأكثر جاذبية ومحطّ اهتمام الحكومة الإسرائيلية التي تعيش هاجس التكاثر الديموغرافي الفلسطيني والعربي.

وترامب الذي يريد استرضاء إسرائيل، علّ اللوبي اليهودي الفاعل يُخفّف من ضغط معارضيه، خصوصاً في وسائل الاعلام، أحاط زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرسمية الأولى بحفاوة بالغة، وأضاف عليها جوانب عائلية حميمة شارك فيها صهره جاريد كوشنر الذي يحظى كما والده بعلاقة وثيقة وقديمة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية.

صحيح أنّ ترامب كان استبق الزيارة بإعلانه موت «حلّ الدولتين»، لكنّه صرّح بعد استقبال نتنياهو بوجوب الذهاب الى حلّ ملمّحاً الى الكونفدرالية، وهو الذي أوكل هذا الملف الى أقرب الاشخاص اليه، صهره كوشنر.

وفي موازاة ذلك، يضغط اللوبي اليهودي الأميركي لإنجاز تسوية لأنّ الوقت يعمل ضد مصلحة إسرائيل من زاوية التكاثر الديموغرافي للفلسطينيين، وما يبدو ممكناً اليوم سيصبح مستحيلاً غداً.

لكنّ المسألة، أنّ هناك مَن يُسوّق في إسرائيل لحلّ يأتي بعد حرب خاطفة تؤدّي الى فرض تسوية لمصلحة إسرائيل بكاملها. ويعتقد هؤلاء أنّ وجود ترامب والسعي الى ضبط انفلاش إيران في المنطقة والعمل لإضعاف «حزب الله» والواقع العربي وانشغال قوات «حزب الله» بالقتال في سوريا، كلّ هذه المعطيات تعمل لمصلحة الشروع في الحرب.

لكنّ هذا الرأي الموجود داخل إسرائيل تعترضه قراءة أخرى أكثر واقعية وتحظى بتأييد داخلي اكبر. ذلك أنّ شريحة الشباب الإسرائيلي تُعارض خيار الحرب كما بيّنت استطلاعات الرأي. كذلك فإنّ الجيش تنحصر قوّته في سلاح الجو فيما واقع سلاح المشاة لا يزال صعباً، أضف الى ذلك الخبرة التي كسبها «حزب الله» من معارك سوريا، والسلاح الجديد الذي وصله بلا حسيب ورقيب بسبب التطورات السورية.

وأتى كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بمثابة رفع السقف بهدف دفع المراهنين على الحرب إلى التراجع ووضع ضوابط قوية تمنع حصول الحرب لا العكس، وبالتالي ردع الفريق الذي يُفكّر في الحرب كطريق إلزامي لسلوك درب التسويات.

في المقابل، باشرت إدارة ترامب خطواتها العملية لإنجاز ولادة قوة عربية مشترَكة مشابهة لفكرة قوات حلف شمال الاطلسي وتهدف الى الوقوف في وجه إيران واحتواء تمدّدها.

وحسب ما سرّبته مصادر ديبلوماسية اميركية، فإنّ المشروع يقوم على قاعدة التعاون العسكري والأمني والاستخباري كاملاً، وأنّ تتولّى القوة مهمّة الانخراط في الدفاع عن أيّ دولة تتعرّض للاعتداء، وأن تتولّى أيضاً تأمين الممرّات البحرية مقابل اليمن وأن تضطلع بدور أساس في سوريا لاحقاً.

وستتولّى واشنطن رعاية هذا التحالف، وهي بدأت تستجيب لشرط هذه الدول عدم نقل السفارة الأميركية الى القدس، وتراهن إدارة ترامب على أنّ مواجهة إيران تؤدي الى تقريب المسافة كثيراً بين إسرائيل والدول العربية المناوِئة لإيران، وهو ما عكسه كلام نتنياهو في واشنطن.