ما وراء التهويل الاسرائيلي بالحرب والنفط؟.. بقلم: قاسم عز الدين

ما وراء التهويل الاسرائيلي بالحرب والنفط؟.. بقلم: قاسم عز الدين

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ مارس ٢٠١٧

تطرق اسرائيل أبواب الصين والهند وأميركا اللاتينية، في سياق حملة دبلوماسية غير مسبوقة موازية للتلويح بالحرب ضد سوريا والمقاومة. وفي هذا الاتجاه تعلن عن ضم "البلوكات" البحرية اللبنانية الثلاث الغنية بالنفط والغاز. لكن ما تراهن عليه اسرائيل في تصعيدها ليس بمتناول أيديها وأيدي حلفائها.

الفرصة التي انتظرتها اسرائيل بفارغ الصبر أملا بتغيير المعادلات، تظنها باتت مؤاتية مع إدارة دونالد ترامب وأنها قد لا تدوم طويلاً. فتوازن الرعب الذي رسى في معادلات حرب تموز/ يوليو 2006 تطور لمصلحة المقاومة في الأزمة السورية إلى توازن الردع الاستراتيجي، وهو ما حاولت اسرائيل تفكيكه اعتماداً على إدارة باراك أوباما وحلفاء واشنطن، للعدوان المباشر على إيران ثم على سوريا. وعندما اصطدمت بعدم قدرة أوباما على خوض مغامرة غير محسوبة في الحرب المباشرة، حاولت اسرائيل من دون جدوى كما حاولت السعودية الضغط على الادارة الاميركية لعدم الاقرار بالمعادلات في توقيع الاتفاق النووي.

فيما تراه اسرائيل فرصة جديدة سانحة مع إدارة ترامب، لا تأمل عدواناً أميركيا مباشراً على إيران أو على سوريا، لا يقدر ترامب أن يخوض غماره لتنفيذ عدائيته المعلنة لإيران. ولا تتعهّد اسرائيل بعدوان مباشر على المقاومة في سوريا ولبنان، على الرغم من صدور تقارير وبعض الدراسات الاسرائيلية في إطار الحرب النفسية. فتوازن الردع الاستراتيجي الناشىء من أحشاء الأزمة السورية، ربما يقفل الباب أمام الاستراتيجية الاسرائيلية المعهودة بحرب استباقية تؤدي إلى كسر إرادة القتال وأدواتها.  
 اسرائيل تأمل خلال ما تراه فرصة ملائمة في المدى المنظور، استعادة زمام المبادرة بتغطية من إدارة ترامب ومن حلفاء واشنطن، والعودة إلى قواعد الاشتباك قبل توازن الردع الاستراتيجي. كما عبّر عنها لبيرمان في حرية ضرب الأسلحة النوعية في طريقها إلى المقاومة، وفي ضرب هدف قوي يشكّل تهديداً على الحدود، وفي التحرّك العسكري لإحباط عملية عسكرية مهمة قبل وقوعها. وفي هذا السبيل تحسب اسرائيل أن المناخ السياسي ملائم، وفق نتائج قمة نتانياهو ــ ترامب في واشنطن، وملائم أيضاً وفق نتائج الشراكة الأميركية ــ السعودية الجديدة بين ترامب وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واشنطن.
لكن ما يمكن تسجيله من نجاحات اسرائيلية في هذا الشأن، يقتصر على توطيد العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول التي تحمل من إرث حركات التحرر الوطني مقاطعة اسرائيل، كالصين والهند وبعض دول أميركا اللاتينية. وهي نجاحات نسبية يعززها الفراغ العربي مع هذه الدول وغيرها، ويدعمها الفراغ الفلسطيني. ومن غير المتوقع أن تشكل هذه النجاحات خرقاً كبيراً تؤثر على معادلات المنطقة العربية ــ الاسلامية، على الرغم من خطورة كسر الطوق على اسرائيل بعشرين ألف عامل صيني للعمل في البناء، والتعاون العلمي بعشرين مليون دولار لكل من الجانبين.
ما هو أبعد من ذلك ليس بمتناول أيدي اسرائيل وأيدي واشنطن وحلفائها. فالغارة الاسرائيلية على ناحية تدمر، هي بالون اختبار لرد الفعل الروسي بعد رفض موسكو ما طلبه نتانياهو في موسكو أملا بالعودة إلى قواعد الاشتباك قبل التواجد الروسي في سوريا. وفي هذا الاختبار لم يكن استدعاء السفير الاسرائيلي في موسكو بمثابة احتجاج بل هو بمثابة تحذير من استعداد موسكو لاسقاط الطائرات الاسرائيلية في حال تحرّك اسرائيلي من خارج ما يُعرف بالتنسيق الروسي ــ الاسرائيلي.
والمراهنة على ما يشبة "الناتو العربي" بالتحالف مع اسرائيل للتدخل العسكري في سوريا، قد يكون له طريق في مواجهة "داعش" والقاعدة إذا اتفقت موسكو على  إطار تفاهم أميركي ــ روسي. لكن المراهنة على هذا التحالف لمواجهة الجيش السوري والمقاومة يصطدم بحائط مسدود ليس فقط نتيجة الرفض السوري، بل وأيضا نتيجة موازين القوى والمعادلات الميدانية المستعصية على قلبها، كما بيّنت معركة حلب والوقائع اللاحقة. ولعل ما يدلّ على توازن المعادلات العصيّة على الخرق الاسرائيلي، هو إعلان وزير الطاقة الاسرائيلية عن بدء ضم المثلث البحري "المتنازع عليه" بعد فشل المفاوضات عبر الوسيط الأميركي، كما قال.
اسرائيل توقفت عن حفر الآبار في مساحة 800 كلم2، خشية "من تقديم حجة لحزب الله". وهي عادة تضم ولا تعلن عن الضم، لكن وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل أن لبنان متمسك بكل إنش في هذه المساحة وهي ضمن الحدود البحرية اللبنانية. ولا شك أن الوزير يضرب بسيف المقاومة والجيش اللبناني، وهذا السيف قد يكون أحد مؤشراته شكوى تدمها اسرائيل إلى الأمم المتحدة، كما اعتادت دول عربية على الشكوى في كل مرة تحت تهديد السيف الاسرائيلي.
المصدر: الميادين نت