الولايات المتحدة وروسيا تتأرجحان على حافة الحرب

الولايات المتحدة وروسيا تتأرجحان على حافة الحرب

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ يونيو ٢٠١٧

في 18 حزيران 2017 طرحت صحيفة الغارديان البريطانية الرائدة سؤالاً: "هل فتح ترامب الباب أمام الصراع مع إيران؟".

وفقاً للفورين بوليسي، هناك قطبان بارزان في البيت الأبيض يدفعان باتجاه  توسيع نطاق الحرب في سورية ضد القوات الإيرانية الحليفة للجيش السوري والتي تشكل حالياً تهديداً كبيراً للأهداف العسكرية الأميركية في المنطقة.
فرين بوليسي توضح الأمر:
"إيزرا كوهين –واتينك، المدير البارز للاستخبارات في مجلس الأمن القومي، وديريك هارفي وهو كبير المستشارين في مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، هذان الرجلان يريدان من الولايات المتحدة البدء بهجوم  في جنوب سورية، حيث نفذ الجيش الأميركي الأسبوع الماضي عملين "دفاعيين" ضد القوات الإيرانية  التي تعمل جنباً إلى جنب الجيش السوري.
لحسن الحظ، ذكرت مصادر فورين بوليسي  أنه حتى أكثر الشخصيات الأميركية عداءاً لإيران تقليدياً يشعرون بالقلق والامتعاض في هذه اللحظة، من بينهم وزير الدفاع "الكلب المسعور" جيمس ماتيس، وفقاً لتقارير فورين بوليسي.
"على الرغم من الموقف الأكثر عدوانية الذي يدفع به بعض المسؤولون في البيت الأبيض، ماتيس، قادة عسكريون، وكبارالدبلوماسيين جميعهم يعارضون توسيع جبهة القتال ضد إيران ووكلائها في جنوب سورية، معتبرين أن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر ويمكن أن تجر الولايات المتحدة إلى مواجهة خطيرة مع إيران، مسؤولون في وزارة الدفاع قالوا : "إن مثل هذا الصدام يمكن أن يؤدي إلى الانتقام من القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسورية، حيث سلحت طهران الآلاف من المقاتلين ونشرت المئات من ضباط الحرس الثوري."
هؤلاء الذين يكنون العداء لإيران يخشون  إذا لم تتولى الولايات المتحدة السيطرة في أعقاب سقوط داعش في سورية، من ظهور إيران  كمهيمن على النصر في حرب الست سنوات الطويلة في سورية. وهذا مثير للسخرية نظراً  لرؤية جميع الأهداف من شن تمرد مدعوم من الخارج  ضد الدولة السورية تتحول إلى تقويض واحتواء إيران في المقام الأول.
مرة أخرى، استراتيجية السياسة الخارجية الأميركية أدت إلى نتائج عكسية وعززت وجود إيران في المنطقة. على صقور الحرب في أميركا  ان يلوموا أنفسهم لهذه المعضلة آخذين بعين الاعتبار أن الإطاحة بالرئيس العراقي المعادي لإيران، صدام حسين، أدى إلى استبداله بحكومة سرعان ما تحالفت وعبرت عن ولائها لطهران.
مع ذلك،  كما أن مثل هذه الحرب  المحتملة مع إيران ستكون كارثية، هناك فيل كبير لا يمكن التغاضي عنه يجثم في ساحة المعركة ولا أحد يتحدث عن: الجيش الروسي.
كما أوضحت نيوزويك الأسبوع الماضي، الجيشان الروسي والأميركي يقاتلان الآن داعش في الرقة –"لكن ليس كحليفين،" الحقيقة هي ان الفضل يعود لروسيا في الغارة الجوية التي قيل أنها ربما أدت إلى مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي في الرقة وهي شهادة لحقيقة أن القوات المسلحة الروسية والأميركية تقصفان نفس المنطقة، مع ذلك، الحقيقة تعني أنهما لا يعملان جنباً إلى جنب-بل على العكس من ذلك.
القوات الجوية الروسية تعمل على تعزيز الجيش السوري. وفقاً لبيان صدر مؤخراً عن القوات المسلحة السورية، الجيش الأميركي ذكر فقط أنه أسقط طائرة مقاتلة للجيش السوري في الرقة، واعتبر ذلك فعلاً فاضحاً وصارخاً للحرب. ورداً على هذا الانتهاك للسيادة السورية، أصدرت روسيا بياناً خاصاً بها، محذرة التحالف بقيادة الولايات المتحدة بأنها من الآن وصاعداً ستتعامل مع طائرات التحالف كأهداف. روسيا علقت أيضاً "الخط الساخن" بين روسيا والولايات المتحدة  المفترض أنه وضع لتجنب هذه الأنواع من السيناريوهات.
روسيا أكدت مؤخراً أن الولايات المتحدة، نشرت  قاذفة صواريخ بعيدة المدى في قاعدة التنف في سورية –وهي منطقة لا يتواجد فيها مقاتلين لداعش. بدلاً عن ذلك تلك المنطقة مليئة بالمقاتلين المدعومين من إيران ويقاتلون تحت راية الجيش السوري.
يجب التأكيد على أن التموضع الأخير لداعش في سورية سيشكل  خطراً مباشراً للقوة الجوية الأميركية  ضد روسيا. هذا ليس شيئاً يمكن ببساطة تخفيض التصعيد من خلال استخدام الخط الساخن لأن لأميركا وروسيا مصالح قطبية متقابلة في البلاد، وهزيمة داعش باتت أقرب  من أي وقت مضى، وعندما سيتم هزيمة داعش بشكل كامل،  سيعسى الخصمان  لاستعادة السيطرة على المناطق المحررة.
على الرغم من المذبحة الجارية الآن في الرقة وبينما مقاتلو داعش يهربون من المدينة، بات من الواضح بشكل متزايد أن التأهب  الأخير لداعش لن يحدث في الرقة وإنما في منطقة استراتيجية حيوية تدعى دير الزور والتي هي أيضاً موطن لنقطة معزولة للحكومة السورية.
كما أشارت واشنطن تايمز:
"القادة العسكريون في دمشق، طهران، وموسكو يوجهون أنظارهم على المدينة السورية دير الزور والمناطق المحيطة بوسط وادي نهر الفرات باعتبارها ساحة المعركة ضد الجماعة الجهادية المعروفة أيضاً باسم داعش أو الدولة الإسلامية.
"قادة التحالف والمسؤولون في البنتاغون يقولون أن خطة  المعركة الشاملة ستعالج  استحكام  داعش في دير الزور، وبينما العيون شاخصة على الرقة، يبقى ان نرى كيف ستؤثر العمليات التي يقودها الجيش السوري، بدعم من روسيا، على  هذه الاستراتيجية  على المدى الطويل."
لكن الخبر المحتمل انه مدمر، لا أحد يتحدث عن روسيا التي تقصف بالفعل المناطق المحيطة بدير الزور في استعداد كامل لهذه المعركة. وفقاً لصحيفة الاندبندنت روسيا تقول  انها قتلت فقط حوالي 180 من مسلحي داعش وقائدان بارزان أبو عمر البلجيكي وأبو ياسين المصري، قريباً جداً من معقل داعش في دير الزور.
لماذا تنفق روسيا الكثير من الوقت، الجهد، المال، الموظفين –مقابل عقوبات أميركية مفروضة عليها بدون توقف- لدعم الجيش السوري فقط وليجلس فلاديمير بوتين ويشاهد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة تقاتل لاستعادة المدن الحيوية السورية؟
لا يمكن تصور الفكرة، روسيا، إيران وسورية حققوا عدداً كبيراً جداً من المكاسب الهامة خلال العامين الماضيين ليجلسوا وليسمحوا للولايات المتحدة بالقبض والاستحواذ على النصر ضد داعش. في العراق لعبت القوات المدعومة من إيران دوراً حاسماً في هزيمة المعاقل الرئيسية لداعش. في سورية، الحكومة السورية وحلفاؤها كانوا من بين الكيانات الأكثر نشاطاً في قتال داعش في العام الماضي، يضاف إلى ذلك إطلاق إيران لصاروخ متوسط المدى على موقع في دير الزور، نهاية الأسبوع.
كحلفاء للدولة السورية، الحملات الجوية الروسية والإيرانية شرعية. إيران ملزمة بالدفاع عن سورية بموجب معاهدة الدفاع المشترك التي تعود للعام 2005، الدولة السورية طلبت مساعدة الجيش السوري في عام 2012  وهذا لا يختلف عن قدوم أعضاء الناتو لمساعدة أحد أعضاء الناتو المحاصرين، كما تنص عليه بنود معاهدة الناتو.
على العكس من ذلك،  ليس لدى الولايات المتحدة وحلفاؤها  أساس قانوني للعمل عسكرياً داخل الأراضي السورية. التاريخ سيضطر لذكر الأزمة الجارية على هذا النحو، عندما يتعلق الأمر بمناقشة كيف يمكن لروسيا وأميركا تجنب اصطدام كل منهما في الجو في الصحراء السورية. البلد الذي ليس لديه أي مسوغ قانوني ليكون هناك (ويسقط طائرات مقاتلة للدولة السورية) في نهاية المطاف سيكون مسؤولاً.
لنتذكر هذا بينما نحن أقرب من أي وقت مضى من حافة المواجهة العالمية: كل شيء يحدث كجزء من لعبة شطرنج جيوسياسية لا علاقة لها في الحفاظ على حقوقنا، حريتنا، سلامتنا، أو أمننا.