نسبة النجاح.. بقلم: سامر يحيى

نسبة النجاح.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٢٩ يونيو ٢٠١٧

كل منا يسعى للنجاح، وقد لا نستطيع تحقيق النجاح الكامل، وقد نستطيع تحقيق نسبة من الأهداف التي كنا نتوقعها، وقد نفشل جزئياً أو كليّاً، ونسبة النجاح والفشل تكون مقبولة بلحظة ما، وقد تكون إيجابية بوقتٍ آخر، ولكن مع ذلك يجب دائماً أن نطمح للوصول للنسبة الأعلى لنشعر بالرضا عن الذات البعيد عن الأنانية، بما يصب بمصلحة المجتمع.  
ولكن التساؤل المطروح ويحتاج الإجابة عليه، يا ترى هل يكفي أن نشعر بالراحة أو عدم الراحة عند معرفة نسبة النجاح؟ .... بدءاً من طالب الجامعة وصولاً للمؤسسات مهما كانت وظيفتها. ومن المؤكّد أنّه كلّما ازدادت نسبة النجاح تزداد نسبة ربح الشخص ورضاه عن ذاته، وكذلك المؤسسة، ومن لم يستطع تحقيق نسبة النجاح دوره البحث عن سبب عدم القدرة على الوصول لهذه النسبة التي يطمح إليها، فالأحزاب عادةً أو المسؤولين عندما يحقق نسبة مئوية لنجاحه، وحتى لعدم نجاحه بانتخاباتٍ ما، يبحث عن السبب الذي لم يؤهله للحصول على النسبة الأكبر، لكي يعوّض خسارته في الانتخابات القادمة، وتطوير أدائه وإعادة النظر بدوره وهيكليته وواجبه المجتمعي لتعظيم نجاحه، وأيضاً من واجب الناجح أن يبحث في تقييم هذه النسبة وتقويمها وتفعيل الآليات للوصول لنسبة أعلى وإنتاجية أعلى.  
ففي الامتحانات نتكلّم عن نسبة نجاح الطلبة، ودور المؤسسة التعليمية ألا تقبل هذه النسبة كما هي، وتنتهي مع انتهاء العام الدراسي، بل عليها البحث ودراسة السبب الذي أدى لحصول الطلبة على هذه النسبة بكل مادّة من المواد، فهذا الجيل اليوم طالب وغداً من بناة الوطن، مما يعني ضرورة البحث وتوفير العوامل اللوجستية التي تساهم بتفعيل الأداء ورفع سوية عطاء الطلبة، وابتداع الطرق التي تساهم بتشجيع الطلبة على التجاوب بشكلٍ أكبر في الخضوع للامتحانات باعتبارها حقل اختبار لتزج بحقل العمل، وليس مقياس ربح وخسارة يسبّب لهم التوتر. وضرورة تقييم سبب عدم قدرة الطالب على النجاح هل لسبب عدم الاستيعاب للمادة، لعدم قدرة المدرس على العطاء، لعدم قدرة المنهاج على مواكبة التطوّرات، هل بسبب بعد الأسئلة عن المنهاج المحدّد، إلخ من الفرضيات، فليس من الصائب تحديد مدرسين لمادة نسبة الرسوب بها ضئيلة بل البحث عن السبب لهذه النسبة، لمعالجته، وهذا يتطلّب من كل مدرّس أنّا كانت مرحلته الدراسية أن يضع تقريراً تفصيلياً دقيقاً في نهاية الفصل الدراسي موضّحها سبب حصول طلبته على نسب النجاح والرسوب والعلامات، وسبب تحقيق ذلك، كل نسبة على حدة وفق جدولٍ أكاديمي مدروس من قبل مراكز الأبحاث الأكاديمية بالجامعة أو الوزارة، بهدف تفعيل العملية التربوية والتعليمية وربط العلم بالعمل بشكلٍ بنّاء، والمساهمة ببناء جيل متعلّم مثقّف لا جيل يحمل شهادات علمية.
في المؤسسات الاقتصادية والخدمية والإنتاجية، لا يختلف الموضوع، فالمؤسسات التعليمية هي التي سترفد هذه القطاعات بالعمالة، وبالتالي المفترض أن تكون كفاءات، وهنا يجب البحث بشكلٍ جدي عن نسبة نجاح وفشل المؤسسة استناداً للمهام الموكلة إليها والظروف المحيطة بها، وقدرتها على تحدّي المعوقات، وتعظيم عملية الإنتاج، ونحن الآن على أبواب وضع ميزانية عام 2018، مما يتطلّب أن يتم دراسة جدية مختلفة عن الأعوام السابقة لهذه الموازنة، بدلاً من وضع المؤسسات مقترحاتها بزيادة نسبة معيّنة عن السنة السابقة، تحت ذريعة ارتفاع الأسعار وما شابه، علماً أن الهيئة المكلّفة تستطيع وضع هذه الموازنة دون الحاجة لمراجعة المؤسسات وتكليفها بأتعاب مادية ومصاريف ورقية وما إلى هنالك. فطالما لدينا موازنة أساسية للدولة، فيجب العمل ضمن إطار الإصلاح الإداري على البحث ودراسة كل بندٍ على حده، والقيام بالتحقق من نسبة تنفيذه، والأسباب والمسببات، ضمن الحاجة والمصلحة الوطنية العليا، والضرورة الوطنية، بما يساهم بوضع البند المناسب في المكان المناسب، لا وضع زيادات نضطر للتغير عليها، ونضطر لاستثمارها بطريقةٍ أو أخرى، وتكون غير سليمة أو غير منطقية، فسوريتنا التي دائماً تمر بظروف استثنائية، يجب علينا أن نعمل دوماً بشكلٍ استثنائي، وهذه الموازنة أسوةً بغيرها يجب أن تكون استثنائية ضمن سياسة الاعتماد على الذات، والقدرة على تحدي المعوقات والصعوبات والحاصر الظالم علينا، وبالتالي نستطيع بشكلٍ جدي وحقيقي تطوير الأداء وتعظيم الإنتاج، عبر إعادة توزيع بنود موازنة المؤسسة، مع وضع الخطط والمقترحات والخطط الممكنة لتطوير الأداء، وبالتالي تستطيع الجهة المنسقة للموازنة بوضع آلية عمل جديدة وحقيقية لصالح الوطن ككل، وتقوم حينها هيئة تخطيط الدولة والمؤسسات التي تساهم فيها بدورها الأساس البنّاء لوضع موازنة تصرف بنسبة لا تقل عن 90% في الطريق الصحيح، وبالتالي يلمس المواطن نتائج هذه الموازنة بشكلٍ مباشر على أرض الواقع لا ينتظر الوعود الخلّبية.
إننا أحوج ما نكون للبحث والتمحيص والتشخيص الدقيق والبدء بالعلاج المناسب لنصل للنسبة الحقيقية للنجاح، والارتقاء بمجتمعنا، لا سيّما بعد تجاوز ست سنين عجاف، استطعنا من خلالها الصمود والتماسك في وجه أقذر مخططٍ صهيو ـ أمريكي على منطقتنا كلّها، وقلب العروبة النابض سورية، وأن نراجع أنفسنا للبحث عن نسب النجاح والفشل، للسيطرة على الفشل والعمل على تقويم النجاح وتقييم الأداء لتفعيله بالشكل الأمثل وباستنهاض جميع القوى والجهود بعيداً عن التواكل والتسويف والتأجيل ..
نسبة النجاح تقاس بمقدار ما نحققه، ولكن علينا البحث عن مدى الرضا وإمكانية زيادة فرص النجاح وتقليص فرص الفشل لكسر الفجوة، لنتمكن من النهوض بالوطن، يداً بيد إلى جانب الشرفاء الذين يبذلون دماءهم وعرقهم ووقتهم لبناء الوطن واستمرار مقوّمات صموده.