أسباب تدخل فرنسا في أزمة الحريري...وسر ترحيب السعودية

أسباب تدخل فرنسا في أزمة الحريري...وسر ترحيب السعودية

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٧ نوفمبر ٢٠١٧

لم تألُ فرنسا جهدًا في حل أزمة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بداية من البيانات الرسمية التي تؤكد ضرورة استقرار لبنان، مرورًا بزيارة إيمانويل ماكرون في التاسع من الشهر الجاري، للقاء وليّ العهد محمد بن سلمان، ثم توجّه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى الرياض، لبحث الوضع مع ولي العهد.

الحريري فرنسي

هذا الحماس الفرنسي الشديد تجاه أزمة الحريري عزته مصادر لجريدة "الجمهورية" اللبنانية، إلى عدة أسباب، أولها أنّ الحريري يحمل الجنسية الفرنسية، ما يفرض على الدولة التدخل كونه مواطنًا فرنسيا، فضلا عن العلاقة العميقة بين آل الحريري وفرنسا، وهي العلاقة التي بناها الرئيس الراحل رفيق الحريري مع السلطة الفرنسية.

انفلات الأوضاع
أما السبب الثاني فقالت المصادر إن فرنسا تخشى انفلات الوضع في لبنان، ومن ثمّ تسعى فرنسا إلى العمل والبحث عن مساعٍ جدّية لأجل إخراج لبنان من الأزمة التي دخلها، لأنها تعتبر أن ما حصل قد يؤدي إلى انفلات الأمور وتدهورها، والوصول إلى اهتزاز الاستقرار، لئلا ينعكس أي صراع خارجي على الداخل اللبناني.

قوات اليونيفيل
يبرز السبب الثالث في أن قسماً كبيراً من قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان هم من الفرنسيين، وهم نحو 800 جندي من قوة الأمم المتحدة المؤقتة التي تنتشر في جنوب هذا البلد منذ 1978 وتضم نحو عشرة آلاف و500 جندي مهمتهم السهر على تنفيذ القرار 1701 إبعد عدوان "إسرائيل" صيف 2006 ومساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها.

النازحون السوريون
وتؤكد المصادر أن السبب الرابع هو موضوع النازحين السوريين، إذ يَخشى الفرنسيون من أن يؤدّي انفلات الوضع في لبنان إلى أضرار سلبية على قوات "اليونيفيل" وعلى الفرنسيين العاملين فيها ضمناً، والخشية الكبرى من موضوع النازحين، حيث يمكن أن يؤدي انفلات الوضع إلى تدفّقِ النازحين السوريين في اتّجاهات مختلفة، ومنها أوروبا، وهذا من شأنه أن يزيد أعباءَ على هذه الدول وأخطاراً من تزايد الأعمال الإرهابية فيها.

علاقات تاريخية

ويقول عضو "كتلة التغيير والإصلاح" النائب سيمون أبي رميا، لـ"ليبانون ديبايت"، إن العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا هي الدافع دائمًا وراء اهتمام باريس أكثر من دول أخرى بشؤون لبنان وملفاته وسيادته، في ضوء العلاقة الوثيقة بين الرئيسين عون وماكرون بعد الزيارة التي قام بها عون إلى فرنسا، إضافة إلى إرادة وتصميم الفرنسيين على أن يكون لبنان من أولوياتهم في المنطقة.

قوة التأثير
ويضيف أبي رميا أن فرنسا تمتلك قوة التأثير، أولاً بحكم موقعها على صعيد المجتمع الدولي، وثانيا بحكم العلاقات بينها وبين السعودية ما تترجَم دوراً فاعلاً لها في هذا الإطار، لكن المختص في شؤون لبنان، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، ستيفان مالسانيه، يرى أن الدبلوماسية الفرنسية لها "وزن ضعيف في اللعبة السياسية اللبنانية التي يتم توجيهها كليا في الوقت الحاضر من طهران والرياض"، بحسب قوله لوكالة "فرانس برس". ويرى مالسانيه، أن الأدوات التي تمتلكها فرنسا للضغط على الرياض محدودة إذ أن باريس "تراجعت كثيرا في سوق الأسلحة السعودية" وهي على صعيد آخر تنتظر من الرياض دعما ماليا للقوة العسكرية الإقليمية التي شكلتها مجموعة دول الساحل الخمس.

استعادة المكانة
يرى خبير الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، دوني بوشار، أن فرنسا تربطها علاقة مميزة في لبنان مع الطوائف الثلاث، بما في ذلك تواصلها مع الشيعة، فضلا عن علاقات تاريخية جيدة إلى حد ما مع السعودية، لافتا إلى أن فرنسا تسعى إلى استعادة وضعها في قلب الساحة الدولية بالتزامن مع "سياسة أمريكية تثير المخاوف، وضمور بريطانيا بسبب بريكست وتنحي ألمانيا جانبا إلى حد ما بسبب سياستها الداخلية أيضا".

موافقة السعودية

ويرى مراقبون أن الدبلوماسية الفرنسية استطاعت إقناع الرياض بخطورة التلويح اللبناني باللجوء إلى مجلس الأمن وتبعات تدويل المسألة على المملكة، ما غير أداء السعودية في التعاطي مع الأزمة، في الوقت الذي صرّح فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه سيستقبل الحريري كرئيس لوزراء لبنان، وليس كمنفيٍّ سياسي، ما يعني أن الأمور قد تشهد تطورات جديدة في ظل الحديث عن عودة الحريري من فرنسا إلى لبنان ثم تشكيل حكومة توافقية جديدة.

وقال ماكرون خلال القمة الاجتماعية للاتحاد الأوروبي، المنعقدة في السويد، اليوم الجمعة: "صحيح أن الحريري استقال لكن استقالته لم يتم الموافقة عليها في بلده بعد؛ ولهذا السبب سأستقبله كرئيس لوزراء لبنان"، متابعا "الحريري سيعود إلى لبنان خلال أيام أو أسابيع".

وشدد ماكرون على أن "فرنسا لديها خط واضح وهو العمل على السلام والابتعاد عن الانشقاقات وعدم التحيز لطرف دون آخر"، لافتا إلى أن "الكثيرين يريدون استدراج القوى الغربية للوقوع بالخلاف الحاصل بين السنة والشيعة".