هل ينقلُ الكردستانيّ المعركةَ مع أنقرةَ إلى الأراضي التركيّة..؟

هل ينقلُ الكردستانيّ المعركةَ مع أنقرةَ إلى الأراضي التركيّة..؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢١ يناير ٢٠١٨

 تؤكّدُ تركيا على الذهابِ نحو قتالِ الوحداتِ الكرديّة في مدينتي "عفرين" و"منبج" بريفِ حلبَ الشماليّ والشرقي، وتشيرُ المعلوماتُ إلى أنَّ القصفَ المتبادَلَ بين الطّرفين إلى الآن ما زالَ في إطارِ "تسخينِ الجبهات"، ولمْ تبدأ القوّاتُ التركيّة أيّ تحرّكٍ برّيٍّ على الرّغمِ من الحشودِ الكبيرةِ التي نقلتها إلى المناطقِ المقابلةِ للمدنِ والقرى التي تنتشرُ فيها الوحداتُ الكرديّةُ داخلَ سورية .
المصادرُ الميدانيّةُ أكّدت لـ "وكالة أنباء آسيا"، أنَّ فصائلَ درع الفرات نقلت عدداً كبيراً من عناصرها من المناطقِ الواقعةِ بين مدينة "الباب" وبلدة "الراعي" إلى داخلِ الأراضي التركيّة ليُصار إلى إدخالها مجدّداً إلى الداخلِ السوريّ والانتشار غربيّ مدينةِ "عفرين"، كما نقلت القوّاتُ التركيّةُ تعزيزاتٍ عسكريّةً ثقيلةً إلى منطقة "أجي قلعة" المقابلة لمدينة "تل أبيض" بريفِ الرقةِ الشّماليّ، وهذا يتزامنُ مع تعزيزاتٍ من قِبَلِ "قسد" لمناطق وجودها في مدينة "منبج" من خلالِ نقلِ ما يقارب 1000 مقاتلٍ من مدينةِ الرقة إلى محيطِ المدينةِ التي ينتشرُ الجيشُ السوريّ في القرى الواقعة إلى الشّمالِ والغربِ منها، كما نقلت ما يقارب 1000 مقاتلٍ آخرَ إلى مدينةٍ "تل أبيض"، غالبيّتهم كانوا منتشرينَ في كلٍّ من بلدتي "عين عيسى" و "سلوك" بريف الرقة.
ويثيرُ ارتباطُ "الوحداتِ الكرديّة" بـ"حزبِ العمّالِ الكردستاني" احتمال اتّجاه الأخيرِ إلى أسنادِ حلفائِه السوريّينَ من خلالِ أحدِ أمرين، الأوّل يتمثّلُ بنقلِ مقُاتلِينَ إلى الداخلِ السوريّ للقتالِ إلى جانبِ الوحداتِ في مواجهةِ العمليّة التركيّة، وهذا ما تؤكّدُ مصادرُ "وكالة أنباء آسيا" حدوثَهُ بالفعل، إذ دخلَ الأراضي السوريّة عدداً كبيراً من مقاتلي هذا الحزب قادمينَ من مناطق عراقيّة وتركيّة.
أمّا الثاني لمثلِ هذا الإسناد، فيتمثّلُ بنقلِ المعركةِ للداخلِ التركيّ من خلالِ توجّه "الكردستاني" لإشعالِ الجبهاتِ مرّة أُخرى مع الجيشِ التركيِ في مدن "ديار بكر" و "ماردين" وبقيّة المناطق الواقعة جنوبَ شرق تركيا، وتؤكّدُ الأنباء القادمة من الداخلِ التركيّ أنَّ هذا الاحتمالَ يأخذُ طابعَ الجدّيّةِ من خلالِ البيانِ الذي أصدرهُ الكردستانيّ كاشفاً عن تنفيذهِ مجموعةً من العمليّات ضدّ الجيشِ التركيّ في كلٍّ من "جولميرك - شرناخ - آغري"، وثلاثة مناطق تقعُ جنوبَ شرق تركيا.
إنَّ نقلَ "حزب العمال الكردستاني" المعركة إلى الداخلِ التركيّ بدلاً من المواجهةِ مع الجيشِ السوريّ في محيطِ عفرين، فإنّهُ سيجرُّ أنقرة على التخلّي أو تأخيرِ معركةِ عفرين على أقلِّ تقدير، إلّا أنّها لن تُوقفَ عمليّة الدفعِ بفصائل "درع الفرات" إلى مواجهةِ "الوحدات الكرديّة" في محيطِ عفرين أو منبج، وهذا يعني التخفيف من القوّةِ التركيّة في مثلِ هذه المعركة، إلّا أنَّ مثلَ هذا الاحتمالِ سيزيدُ من قوّةِ موقفِ تركيا ومبرِّراتها لمحاربةِ الوحداتِ الكرديّة، فأنقرة تعتمدُ في سوغِ مبرِّراتِها لهذهِ العمليّة على العلاقةِ بين "الوحدات" و"الكردستاني" الموضوعِ على لائحةِ المنظّماتِ الإرهابيّة الدوليّة.
ولأنَّ الحكومةَ الروسيّة ممثّلة بوزيرِ خارجيّتها "سيرغي لافروف" نفت الأنباءَ التي تحدّثت عن سحبِ القوّات الروسيّة لعناصرِها من قاعدةِ "كفر جنة" الواقعة شمالَ مدينة "عفرين" بريفِ حلبَ الشّماليّ، فإنَّ مشهدَ الشّمال السوريّ يأخذُ طابعَ التعقيد أكثر، خاصّةً وأنَّ الحكومةَ السوريّة أعلنت بشكلٍ واضح إنّها ستتدخلُ من خلالِ استخدامِ الدفاعاتِ الجويّة لإسقاطِ أيّ طائرةٍ تركيّةٍ في حالِ قصف مدينة عفرين، ويزيدُ الموقفُ الأمريكيُّ المبهمُ من تعقيدِ المشهد، فإنْ قَبِلَت واشنطن بالعمليّةِ التركيّة، فقد يكونُ هذا ناتجاً عن ميلِ الوحداتِ الكرديّة في عفرين إلى التعاونِ مع روسيا بدلاً من التحالفِ الأمريكيّ، على الرّغمِ من أنَّ الوحداتِ الكرديّةَ في مناطقَ أُخرى من ريفِ حلبَ الشرقيّ وصولاً إلى الحدودِ العراقيّة، اتّخذت اصطفافاً سياسيّاً وميدانيّاً لصالحِ الولاياتِ المتّحدة الأمريكيّة في الملفِّ السوريّ.
في الحساباتِ الدوليّةِ حولَ الشمالِ السوريّ أيضاً، يحضرُ الموقفُ الإيرانيّ بقوّةٍ في المشهد، إذ إنَّ الأنباءَ التي تحدّثت عن استهدافِ مواقع الجيشِ التركيّ في ريفِ حلبَ الشمالي الأوسط (شرق اوتستراد حلب - غازي عينتاب)، أكّدت أنَّ الاستهدافَ جاءَ من مواقعِ اللّجانِ الشعبيّة المُشكّلَة من مقاتلينَ من بلدتي "نبّل" و"الزهراء"، وهذا يعني صراحةً أنَّ طهرانَ تنفي بوقائعَ ميدانيّة حديث الأتراك عن "التنسيقِ مع روسيا وإيران حولَ معركةِ عفرين"، ويبدو أنَّ الرفضَ الإيرانيّ لمثل هذه المعركة يأتي نتيجةً للمواقفِ التي اتّخذتها الوحداتُ الكرديّةُ أيّام حصار كلّ من نبّل والزهراء، إذ كانَ المعبرُ الوحيدُ للموادِ الأساسيّةِ والأسلحة التي ساعدت على بقاءِ المدينتينِ الواقعَتينِ شمالَ غرب مدينة حلب عصيّةً على الفصائلِ المرتبطةِ بجبهةِ النصرة.
ما تحتاجهُ أنقرة خلالَ المرحلةِ القادمة، هو الموقفُ الواضحُ من حلفِ شمالِ الأطلسي (الناتو)، للبدءِ بالزحفِ البرّيّ نحو مدينةِ عفرين أوّلاً، وهو موقفٌ طالبت به أنقرة صراحةً عقبَ التصريحاتِ الأمريكيّة عن تشكيلِ "قوّة حرسِ الحدود"، الأمرُ الذي اعتبرته أنقرة دعماً أمريكيّاً صريحاً لـ"الإرهابيّين"، وطالبت -أنقرة- بمواقفَ أوروبيّة وأمريكيّة واضحة من العلاقةِ معها، وإذ ما حصلت على الموافقةِ على هذه العمليّة بشكلٍ علنيّ أو سرّي، فإنَّ تركيا ستزجُّ بكاملِ أوراقِها لحسمِ المعركةِ سريعاً وتجنّب الخسائر التي قد تُنتجُ عن أيّ اشتباكٍ مع الكردستانيّ في جنوب شرق تركيا، وبالتالي، من يُطلقُ الرصاصةَ الأُولى في المعركةِ البريّة سيكونُ هو المحصّن أكثر بالمواقفِ الدوليّة، إلّا أنَّ عفرين لن تذهبَ بالملفِ السوريّ إلى مواجهةٍ دوليّةٍ مفتوحةٍ أيّاً كانت الظروف الدوليّة المُحيطة بها.