الهوية المؤسساتية والإصلاح الإداري.. بقلم: سامر يحيى

الهوية المؤسساتية والإصلاح الإداري.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٢٢ فبراير ٢٠١٨

الانتماء هو الارتباط الحقيقي بشيءٍ ما، والهوية تعبير الشخص عن فرديته ضمن المجتمع الذي نشأ به، وبغض النظر عن التعريفات المتعددة للهوية والانتماء، ودور المثقف والمؤسسات الحكومية بتعزيز الهوية الوطنية، بالتعاون والتفاعل بين كافّة المؤسسات الوطنية المعنية، بكل قطّاعاتها، علينا أن ندرك بأنّ تعزيز الانتماء والهوية الوطنية مسؤولية وطنية كبيرة تتحمّلها كافّة قطّاعات المجتمع.
من هنا ندرك بأن الأسرة والمجتمع والمدرسة والجامعة ومراكز الأبحاث والدراسات بكافّة أنواعها وانتماءاتها، كلها عليها واجب إيلاء الوعي الوطني والتنشئة السياسية الاجتماعية الوطنية الأهمية القصوى، وأن المسؤولية الوطنية المترتّبة على المؤسسات الحكومية تستوجب تعزيز الهوية الوطنية، وتعزيز إيمان الموظف الحكومي بوطنه ومؤسسته ودوره في بناء الوطن مهما كانت مرتبته ورتبته العلمية والعملية، وأولى خطوات تعزيز الوطنية، استثمار المنتج الوطني من قبل المؤسسات الحكومية، عبر التنسيق مع الوزارات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية... لتلبية احتياجات تلك المؤسسات دون استثناء، فلدينا من المنتجات الكثير، وبدلاً من الاعتماد على شراء مواد مستوردة أو مواد نحتاجها من قّطاع خاص، تفعيل دور القطاع العام والشراء منه، على الأقل إعادة تفعيل دور القطاع العام باستثمار إيجابي وبنّاء وأن تقدّم الجهات الحكومية ما تحتاجه للقطّاع العام ليقوم كل قطّاع بتقديم المنتجات التي تغطي حاجة المؤسسات الحكومية، مما يساهم بتفعيل عجلة الإنتاج، وتشغيل أبناء المؤسسات، وبنفس الوقت ستكون دعايةُ مجانية لأنّ إيمان الموظّفين والعاملين بالمؤسسات الحكومية بهذه المنتجات سيكون وسيلة لشرائها، بل وتشجيع الآخرين وتقديم النصح بشراء المنتجات الوطنية، وتشجيع المنتج الوطني، فمن غير المنطقي أن تعمل مؤسسات الحكومة على تأمين احتياجاتها من القطّاع الخاص أو المواد المستوردة، بينما القطاع العام ينتجها أو بإمكانه إنتاجها، ولا يجد وسيلة لتصريفها في بعض الأحيان.. أو تستعين بقطاعٍ خاصٍ رغم أنّ القطاع العام موجودٌ سواءً لديها أو لدى مؤسسات أو وزارات أخرى.
 تعزيز الهوية المؤسساتية، له دور أساس وبنّاء في تعزيز الهوية الوطنية، فعندما يشعر الموظف الحكومي، أنّ مؤسسته جزء من الوطن، وأن دوره تعظيم عملية انتاجيته لتحقيق مؤسسته الهدف الذي أنشئت لأجله، وباعتبار كل مسؤول يبرر فشل أو تقصير أو ضعف أداء مؤسسته لضعف العائد المادي لها، فدوره استنهاض همم كافة أبناء مؤسسته لتلبية متطلّبات مؤسسته.
كما أن من الأخطاء الجوهرية التي ترتكبها الإدارة في عملية تخفيف الهدر وضغط النفقات، إيقاف المكافآت والتعويضات والخدمات التي تقدّم لموظّفيها، لأن ما يقدّم  للموظّف ليس هدراً ولا ضغطاً للنفقات، بل تشجيعاً للعطاء والإبداع وتوليداً للأفكار التي تساهم بتطوير موارد المؤسسة، وتعظيم منتجاتها، بما ينعكس على المؤسسة التي يجب أن ينعكس دورها على الوطن والمواطن بآنٍ معاً.. وبالتالي لا نبقى ندور في حلقة مفرغة.
من المفترض أن تكون عملية تعزيز الهوية المؤسساتية لدى الموظّف أولى متطلّبات عملية الإصلاح الإداري، ووضع الرجل المناسب بالمكان المناسب، هي عبر تعزيز إيمان هذا الشخص بدوره الفاعل بمؤسسته أنّا كان دوره ومكانته، فالموظّف الذي بات في مكانه فترة زمنية، يجب أن يكون قد اكتسب خبرةً بمجال عمله، وعلينا تفعيل دوره لتعظيم انتاجيته ضمن مؤسسته، سواء كانت خدمية عبر تقديم الخدمات بأسرع وأفضل ما يمكن، وتلبية متطلبّات المواطن الذي على احتكاك معه وبالتالي حصلنا على رضا المواطن، وإن كانت إنتاجية، قام بإتقان عمله، والبحث عن أكثر السبل تنشيطاً لإنتاجيته وتفعيلاً لدوره، واتقان المهام الموكلة إليه فيزداد انتاج المؤسسة وتتوفّر منتجاتها ويساهم بتفعيل حتى عملية التصدير مما يزيد العائد المادي، للمؤسسة الذي سينعكس على الموظّف.
كما أنّه علينا ألا نغفل أن إيمان الموظّف بمؤسسته واحترامه لها وتقديسه لدوره فيها، سيكون رجل علاقات عامة يساهم في اتقان عمله، وجذب المؤيدين والمساهمين في إنجاح عمله، وترغيب الناس باستثمار واقتناء والاعتماد على منتجات مؤسسته.
 إن الإصلاح الإداري جزءٌ أساسٌ فيه تعزيز الانتماء والهوية المؤسساتية، التي هي تلقائياً تعزيزاً للهوية الوطنية المتجذرة في عقل كل مواطنٍ سوري، وما تحتاجه سوى الاستنهاض والتشجيع والتفعيل، وبالتالي نقطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه تدمير البلد بيد أبناء البلد والبناء السريع لا المتسرّع لما تم تدميره على يد الإرهاب الذي لن يكفّ أعداء الوطن عن محاولات تدميره لأن حفاظ سوريتنا على انتمائها الوطني، وهويتها العربية، ودورها المحوري في قضايا المنطقة الأساسية يساهم بإفشال كل مخططات أعداء الوطن، وهذا يحمّلنا مسؤولية لنستحق لقب مواطن عربي سوري، والوقوف سدّاً منيعاً في وجه كل من يفكر بالاعتداء علينا عبر تقوية عملنا وأداء دورنا الوطني للنهوض بمؤسساتنا.