نار تحت الرماد في سوق العمل السورية.. طروحات باستيراد العمالة "تتسلل" إلى مطبخ القرار الحكومي..

نار تحت الرماد في سوق العمل السورية.. طروحات باستيراد العمالة "تتسلل" إلى مطبخ القرار الحكومي..

مال واعمال

الأربعاء، ١٨ أبريل ٢٠١٨

خرجت التداولات الهامسة في الجلسات الخاصة لرجال أعمال الصناعة وقطاع الحرف والإنشاءات السوري إلى العلن ، ليكتشف ذوي الفضول والتحرّي أن مايدور ليس مجرّد ثرثرات فارغة ، بل ثمة قضيّة ساخنة يصنّفها هؤلاء في خانة ” مصيري جداً ” تشعل هواجسهم وتقلقهم بشأن مستقبل أعمالهم في بلدٍ أرخت الحرب ببصماتها السوداء على يومياته والمشهد العام فيه.
 
إنها مشكلة النقص الصارخ في العمالة القادرة على الفعل والإنجاز ، وتشغيل المنشآت والإضطلاع بالمهام الصعبة في ميدان العمل  والمطارح المخصصة – لاعتبارات حيوية – لزنود الرجال و العمالة الذكورية التي لم تطرقها أنثى يوماً ، وفق أدبيات المجتمع السوري وخصوصياته القاسية..
 
الجدل خرج من حيز الجلسات الخاصّة ، إلى مسارات التواصل بين “قطاع البزنس” والحكومة ، وكان الطلب واضحاً في أحد الاجتماعات …استيراد العمالة ..والمسوّغ ضرورات ومستلزمات إعادة الإعمار .
 
وهو طرح رغم غرابته لا يخلو من الموضوعية بمسوّغاته ، إلّا أنه لا يخلو أيضاً من الخطورة ، كما أنه ملتبس لجهة إمكانية تطبيقه في حال تم السماح بذلك ، خصوصاً و أننا نعلم أن رجال أعمالنا ليسوا “أسخياء” كفايةً بما يتكفّل باستقطاب العمالة ، وهم الذين اعتادوا على أجور عمالة ربما هي الأرخص في العالم وفق حسابات النسبة والتناسب الاقتصادي ، أي كم سيدفعون للعامل المستورد ؟؟
 
ولعلّهم لم يحسبوا حساباً لنفقاته واحتياجاته كعامل وافد مغترب ، أي ليس “قطّ من خشب” ، وفي حال وجدوا ضالّتهم سيكون السؤال من أي بلد ستسعفهم الأقدار وتدغدغ متطلباتهم ؟
 
لكن ذلك لا يعني أن هؤلاء قد جانبوا الحقيقة بطرحهم ومطلبهم ، لأننا فعلاً أمام مشكلة حقيقيّة في عموم سوق العمل السورية ، حتى في جهات القطاع العام ثمة وقائع تكشف عن حقيقة الرض الذي حصل في منظومة الموارد البشريّة.
 
و ربما يلخص ذلك الصرخة التي أطلقها مؤخراً مرصد سوق العمل التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، عندما فاجأ الجميع بحقيقة أن العمالة المؤنثة باتت أربعة أضعاف أعداد العاملين الذكور في مؤسسات القطاع الحكومي.
 
مجمل دلالات المعطيات تعني فعلاً أننا أما مشكلة بنيويّة ، لن يكون ممكناً حلّها بقرار ، واستدراكها بإجراء آني مهما بلغنا من المرونة والقدرة على التكيّف السريع مع الطوارئ ، لذا نعتقد أن الملف سيبقى مغلقاً وسيرحّل إلى القادمات ون الأيام والسنين.
 
ولا نظن أن أحد يفكر بحل ومعالجة هذه الحيثيّة في قوام الموارد البشرية للقطاع العام ، بدليل أن المسألة أخذت شكل المتوالية الصاعدة باتجاه ترسيخٍ أعمق للحالة ، من خلال “طغيان” الإناث على الذكور في أعداد المتقدمين ، وبالتالي في نسبة الناجحين بالمسابقات التي تعلن عنها الجهات العامة لسد النقص في كوادرها العاملة.
 
وهذا – جزئياً- هو تجلّ لواقع المجتمع السوري الذي شرع بإعلان تفوّق حضور الأنثى على الرجل في المسوحات الإحصائيّة .
 
لكن الأهم من كل ذلك – وهو ليس مستحيلاً – أن تبادر الحكومة إلى إجراء تعديلات سريعة على القانون رقم 50 “القانون الأساسي للعاملين في الدولة” لتحافظ على كوادرها من التسرّب ، لأن القطاع الخاص بالمرصاد ، ويترقب استقالة كوادر الحكومة الكفوءة ، لأنه أيضاً بحاجة ماسة للعمالة المدربة.