من سورية.. سرّي للغاية؟.. بقلم: محمد شبيب

من سورية.. سرّي للغاية؟.. بقلم: محمد شبيب

تحليل وآراء

الأحد، ٢٢ أبريل ٢٠١٨

يعلم أي عاقل واعي أن ما يجري في الوطن العربي اليوم هو.. مؤامرة تستهدف العرب وثرواتهم وهويتهم واستقلالهم.
ولعل ما باح به السفير الروسي السابق في قطر من فضائح تخص النظام القطري ومرشدها “القرضاوي” حول دور أياديها السوداء في كل ما جرى في سوريا وعدة دول عربية أخرى.. لم يكن إلا جزء من مخطط كبير رسم للمنطقة، منذ 12 سنة في مدن غربية بعيدا عن أعين الإعلام، بغية النيل من محور المقاومة وبالأخص سورية (هدفهم الاستراتيجي).
فهل تنتهي أزمتنا باجتماع مجلس الأمن السري في منطقة “باكاكرا” النائية في السويد بهدف تخطي انقسامات عميقة بينهم حول إنهاء الأزمة السورية بعيدا عن أعين الإعلام (حسب تعبيرهم) أو….؟؟

لماذا سورية؟
سورية بكل فخر.. هي القلعة العربية الأخيرة في وجه الصهيونية والغرب، وتعتبر العمود الأساسي الذي يحمل خيمة المقاومة؛ فمع انهيارها -لا سمح الله- يطمح الغرب أن ينهار المحور المدافع عن الهوية والأرض، ويقضى على الإسلام المعتدل الحنيف.

لقد توهم الغرب أنه باجتياحه العراق قضى على روح وحمية العراقيين والجيش العراقي، وأن مساعدات بحفنة من الدولارات أستوعب الجيش المصري في محوره “المعتدل”، ولم تبقى له من عقبات تمنع سيطرته على ثروات المنطقة وتهدد ربيبته (إسرائيل) من الجيوش العربية الكبرى إلا الجيش العربي السوري.

لذلك عمل الغرب مع أذياله وأدواته على حشد مرتزقة من شتى بقاع العالم في اهم بقعة تنافس جيوسياسي بين الدول العظمى، لتقوم بالمهمة نيابة عنهم، وبأموال مشيخات الخليج تم تمويلهم، وتم ترويج وتغطية البروباغندا في وسائل إعلامهم الذي يزخر بأبواق لا تختلف سوى بالشكل عن أقرانهم المرتزقة الإرهابيين؛ فالجميع منغمسون بنفس المهمة الموكلة لهم من مشغليهم الغربيين وسيدهم الأمريكي، ألا وهي كسر محور المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية.

في البداية، كانت المظاهرات تحمل أهداف وشعارات نبيلة كالحرية والتغيير.. دغدغت بها مشاعر الكثير من البسطاء الغافلين عن ارتداداتها ومآلاتها الخبيثة، وأغرتهم ببريقها للمشاركة فيها.

مظاهرات تطالب ب”الحرية” توالت على دول المنطقة، لتتحول إلى “ثورات” للتغيير، كتلك الملونة التي جرت في أوروبا الشرقية؛ والتي كانت في العلن تحمل شعار الحرية؛ ولكنها في المضمون كانت معدة لانتقال ولاء تلك الدول من حلف وارسو (بعد فرط عقد الاتحاد السوفيتي) إلى حلف النيتو أو الأطلسي بقيادة أمريكا، لكنهم في منطقتنا.. هم اختاروا لتلك الثورات شعار “الربيع العربي”.

تظاهرات تسير فوق الأرض، ولكن تحتها كانت تحفر الأنفاق، وتتزامن مع تأسيس غرف العمليات (غرفة موك” في الأردن وأخرى في تركيا.. وغيرها) وتهرب الأسلحة الفتاكة إلى طالبي الحرية من ليبيا وأوروبا الشرقية، وتشكل التنظيمات بمسميات دينية ما أنزل الله بها من سلطان.
منها ما هو تابع للسعودية كـ (جيش الاسلام)، أو لدويلة قطر (جبهة النصرة) و (فيلق الرحمن) -بنات القاعدة-وأخرى تابعة لتركيا “كتائب الزنكي والتركمان” وغيرهم من التنظيمات المسلحة التي كانت تتهيأ لساعة الصفر.. للإنقضاض على الجيش السوري لإسقاط النظام، وتقسيم الدولة السورية، وبالتالي نسف حلفها المقاوم.

لكن الساعة جرت ساعات، وامتدت لأيام وشهور؛ بل لسنوات!

لقد ظنوا أنهم بذلك سيضمنون أمن الكيان الصهيوني، وسيتمكنون من استنزاف أموال الخليج بحجة حماية وترسيخ حكم أنظمته المتخلفة، وكان من أهم أهدافهم تجريد وسلخ مفهوم الأمن القومي والتضامن العربي وفصله عن الهوية العربية، وتشويه صورة الإسلام الحنيف عبر توظيف مرتزقة كقادة لتنظيمات دموية اتخذت من الدين ستار يغطي عملها الإجرامي، ويموه عمالتها وتبعيتها، ويضمن لها بيئة حاضنة؛ أو هكذا ظنوا!

ولدت الفكرة عند الغرب في سنة 2006 منذ 12 سنة.. 5 سنوات منها أهدرت للتخطيط والتهيأة، و7 سنوات حتى الآن للتنفيذ، 83 دولة ادعت أنها صديقة للشعب السوري شنت عدوان همجياً عليه، وحاصرته سياسياً واقتصادياً.

لقد أهدر في الحرب على سورية مليارات الدولارات من أموال شعب الخليج، وخلفت فقر ودمار وتشريد ولجوء، وأرامل وأيتام، ودماء ومعاقين وشهداء..

محنة قاسية لم تزد الشعب السوري وحلفائه إلا صلابة وتصميم على المضي في مشروع حلف مقاوم للهيمنة الاستعمارية بكافة وجوهها البشعة، وأساليبها القذرة، وأدواتها العميلة.

لقد أثبت السوريون أنهم لم تثنيهم تهديدات الغرب اليائسة بصواريخ ذكية وجديدة ونظيفة.. وعقيمة، وحملات إعلامية ضخمة وممنهجة.. بائسة وغبية.

اليوم بعد صمودنا لـ 7سنوات جحيمية، ورغم الكلفة العالية التي دفعها الشعب السوري وجيشه العقائدي وحكومته الشجاعة، وبعد استعادة الجيش العربي السوري وحلفائه لمعظم الأراضي السورية من مرتزقة الغرب الإرهابيين، وبالقضاء على (داعش) و (النصرة) وجرائهم..
نستطيع القول.. أن مخطط الغرب في منطقتناً قد انهار، وأنه قد آن الأوان لتغيير شامل في السياسة والعلاقات الدولية، وإعادة تفعيل دور المنظمات الدولية لتعمل بمهنية وحيادية، ووضع حد لسياسة الهيمنة والعنجهية الامريكية التي خلقت فوضى في العلاقات الدولية انعكست سلباً على دول وشعوب كثيرة؛ فالأهم الآن.. فرض خارطة جيوسياسية جديدة تعيد التوازن لمعادلات القوى العالمية واقعياً “.

لقد قدّر لمنطقتنا أن تشهد مخاض ولادة العالم الجديد؛ فهي للأسف ساحة الصراع الدولي الذي أصبح مفتوحاً وعلنياً بين الدول الخمس العظمى وحلفائهم.

بدورنا نحن السوريون بقيادة الرئيس القائد بشار الأسد ماضون لاستعادة كامل السيادة على أرضنا، وطرد كل محتل، سواء كان أمريكي صهيوني أو تركي، أو أذنابهم، ونؤكد أن الاحتلال الصهيوني عدونا – أول مشاكلنا وآخرها – فالجولان ارضنا، والقدس بوصلتنا، وستبقى القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية حتى تحرير فلسطين بإذن الله.. شاء من شاء وأبى من أبى.

ونعاهد الأحرار العرب أن سورية ستبقى حضن وحصن العروبة، وصخرة الصمود التي تتحطم عليها المؤامرات وأبدا ستبقى دمشق.. عرين العروبة بيت حرام عصية على كل انتهازي.. أو مستعمر.. أو حقود .