إسرائيل والفصل الأخير.. بقلم: سيلفا رزوق

إسرائيل والفصل الأخير.. بقلم: سيلفا رزوق

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٣ مايو ٢٠١٨

وفقا للمشهد السياسي الكبير الذي جرى في «سوتشي» قبل أيام ولقاء القمة الروسي السوري، بدا أن الملف السوري مقبل على فتح صفحة سياسية جديدة، يجري التحضير لها بكل ثقة بناء على المنجزات العسكرية والميدانية التي حصلت مؤخراً.
ورغم أن الإشارات السورية وحدود التحرك السياسي السوري بدت واضحة أكثر من أي وقت مضى، بحسب ما قاله الرئيس بشار الأسد خلال قمة «سوتشي»، والتي كان من المفترض أن تتجه بوصلة التحليلات والقراءات السياسية للتركيز عليها، لجهة تحديد ملامح المرحلة السياسية المقبلة، غير أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحديثه عن ضرورة «خروج القوات الأجنبية» من سورية عند بداية «التسوية السياسية» وما تبع ذلك من تصريحات لمبعوثه الخاص الكسندر لافرنتييف حول هوية الأطراف التي لم يحددها تصريح الرئيس الروسين والتي قال إنها تشمل «جميع الأطراف الموجودة في سورية من دون «غطاء قانوني»، أحدثت تصريحات بوتين زوبعة من الجدل تجاوزت حدود البحث في دلالات التصريحين وصولاً إلى ربط أمنيات ورغبات بعض الجهات الإقليمية والدولية بحقيقة المقصد الروسي.
الباحث في حقيقة وطبيعة الكلام الروسي وبعيداً عن التأويل المقصود والذي قادته جوقة إعلامية معروفة للجميع، يمكن له الاستدلال ببساطة إلى مقصد ووجهة كلام بوتين والطرف الحقيقي المعني بهذه التصريحات، ورسالة موسكو تلقفتها الجهة المعنية جيداً بدلالة الرد الذي تلا قمة سوتشي على الفور.
واشنطن وقواتها ومعها القوات الحليفة لها والموجودة بصورة غير شرعية في مناطق يفترض أنها ستكون الوجهة التالية للقوات السورية لاستعادتها من جديد، تعرف جيداً أنها كانت الطرف المقصود تماما في الكلام الروسي، والذي بدا كعرض سياسي جديد يستند إلى الانجازات الميدانية وتداعياتها التي من المفترض أن تفرز تلقائياً معطيات جديدة تستند إلى استثمار تقدم وانتصار مشروع على حساب تراجع وهزيمة المشروع المقابل.
وأمام هذه النظرية إن صح التعبير، فإن الأطراف التي شاركت بانتصار مشروع الدولة السورية، وساهمت بصورة حقيقية في دحر الإرهاب عنها، وقدمت ما قدمته بالمشاركة مع الحليف الروسي، لا يمكن أن تكون وبهذه البساطة بندا من بنود أي تفاهم دولي مفترض أو تكون موضوع مساومة لدى أي طرف كان.
الحراك الإعلامي المضبوط الاتجاه و«الأوركسترا» الدعائية الأخيرة التي ركزت بصورة غير مسبوقة على الوجود الإيراني ومعه وجود «حزب الله»، قادته إسرائيل بشكل مباشر هذه المرة دون التلطي وراء أطراف عربية أو إقليمية كما جرت العادة، وترافقت هذه الحملة مع تحركات على الأرض وتهديدات إسرائيلية مباشرة باستهداف القوات الإيرانية على الأراضي السورية، بالتزامن مع بعض المعطيات التي لا ينبغي تجاهلها لجهة تبني أدوات إسرائيل على الأرض لبعض الحوادث الأمنية وزعمها استهداف مواقع تتواجد فيها «قوات أو مستشارين إيرانيين» على غير نقطة ضمن الأراضي السورية، ومنها تبني ما حدث مؤخراً في محيط مطار حماة، رغم معرفة الجميع لطبيعة ما جرى وحقيقته، غير أن هذا التبني كان رسالة بحد ذاته.
النفي الإيراني لمثل هذه الادعاءات جاء سريعا، وبالسرعة ذاتها جاء التوضيح السوري لجهة التذكير بطبيعة العلاقة الإستراتيجية التي تربط البلدين وشرعية التواجد الإيراني، والذي ساعد الدولة السورية على امتداد السنوات الماضية في حربها ضد الإرهاب.
من هنا ووفقا لكل التحركات الحاصلة يمكن فهم ملامح المرحلة الميدانية التي تسعى إسرائيل لاستحضارها والتي تستنفر لأجلها اليوم كل ما استطاعت إليه سبيلا من أدوات وإعلام وأطراف عربية وإقليمية جاهزة لتنفيذ ما تريده تل أبيب كما جرت العادة خلال عقود من الزمن.
الحديث الروسي إذا حول البدء برسم ملامح الحل السياسي في سورية دونه عقبة إسرائيلية أكيدة، وإسرائيل المفجوعة بنتائج وارتدادات مؤامرتها على سورية والتي انتهت إلى هزيمة إستراتيجية بعيدة المدى، تعرف جيداً أن أي ترتيب إقليمي طويل الأمد يمكن أن يتفق عليه دولياً، لن يخرج كما تشتهي، ومن هنا يمكن القول إن مرحلة الخروج الإسرائيلي من الملف السوري قد بدأت وربما سيشكل هذا الخروج والنتائج المترتبة عليه الفصل الأخير من فصول الحرب على سورية.