هل ستستعيد دمشق حدودها مع الأردن؟.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

هل ستستعيد دمشق حدودها مع الأردن؟.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٢ يونيو ٢٠١٨

لم يعد الإرهاب قادرا ًعلى إبهار الدولة السورية أو مفاجأتها أو حتى إحراجها .. وباتت معارك الأصيل ضرورية بعدما مُنيت جحافل المجموعات والتنظيمات الإرهابية بهزائم مؤلمة، جعلتها تفقد سيطرتها على مساحاتٍ واسعة شاسعة متنوعة الأهمية الإستراتيجية والعسكرية والإقتصادية، وباتت غالبية المشاهد مكررة ضعيفة التأثير على الدولة السورية وسيطرتها الميدانية أو على مواقفها السياسية وتحركاتها الدبلوماسية، فكما اعتاد السوريون والعالم رؤية مشاهد التفجيرات والمجازر ومسرحيات الكيماوي قبيل جلسات مجلس الأمن أو لقاءات جنيف وغيرها، كذلك أصبحت مشاهد العدوان الصاروخي والجوي والمدفعي، مشاهد ثابتة تلي كل تحريرٍ هام وكل تقدمٍ استراتيجي للجيش العربي السوري.
 
لقد تناوبت القوات الأمريكية والقوات الإسرائيلية والفرنسية والبريطانية على تنفيذ جولاتٍ من العدوان اختلفت من حيث الزمان والمكان والهدف المباشر واتحدت في الجوهر، في محاولاتٍ يائسة لرفع معنويات مجاميعها الإرهابية ومنع إنهيارها، وكأفعالٍ إرهابية جبانة لإلحاق الأذى ما أمكن بمقدرات الجيش العربي السوري وبأرواح جنوده وقادته و للتأثير على إنجازاته وسرعة تقدمه، بعدما فشلت خطوطهم “الحمراء” وتهديداتهم في ثنيه عن تحقيق أهدافه عبر تحركاته النابعة من جدول أولوياته والذي تحكمه قاعدة “تحرير كل شبر” التي أطلقها الرئيس بشار الأسد.
ومن يتتبع يوميات وملفات الحرب على سوريا يرى تعرضها لعشرات الإعتداءات والغارات الصاروخية والجوية التي نفذتها قوات العدو الإسرائيلي وقوات التحالف وباتت عملية إحصاؤها خلال ثماني سنوات تتطلب الوقت والجهد الكبير، ويبقى من اللافت مؤخرا ً، أن تقوم الجهة المنفذة للعدوان سواء كانت أمريكا أو إسرائيل بنفي الخبر أو بتكذيبه وفي أفضل الحالات بالإمتناع عن التصريح أو التعليق عليه، وهذا بالطبع يعود لإختلاف وتطور طريقة واّلية التصدي السوري الدفاعي للعدوان وتنوع أشكاله وأدواته واّلياته التي أثبتت كفاءتها في التعامل مع الصواريخ المعادية وتدميرها قبل وصولها إلى أهدافها.
 
وفي الحديث عن العدوان الأمريكي الجديد يوم الأحد الفائت لا بد من استحضار العدوان السابق أيضا ً الذي حصل بتاريخ 24 52018 للإرتباط الوثيق بين الحدثين وتشابههما وللفارق الزمني القليل بينهما …فقد نفذت القوات الأمريكية عدوانها 24 أيار على القوات السورية في منطقة دير الزور وبالقرب من البوكمال وفي بادية حمص، انطلاقاً من ما يسمى “جيب التنف”.. وجاء العدوان بعد تحرير دمشق وتأمين محيطها من الإرهاب، وبدأ الحديث عن حشد وتقدم القوات السورية وحلفائها نحو الجبهة الجنوبية للإمساك بالحدود مع الأُردن وتحرير كامل منطقة الجنوب ومدينة درعا… في وقتٍ نفت فيه قيادة التحالف الأمريكي علمها أو قيامها بالعدوان، وأكدته وكالة سانا السورية الرسمية .. فيما جاء العدوان الأمريكي الثاني يوم الاحد ليستهدف موقعا ً عسكريا ً سوريا ً في بلدة الهرى جنوب شرقي البوكمال، وكسابقه فقد نفت الولايات المتحدة قيامها بالعدوان، وأكدته أيضا ً وكالة سانا ووجهت إتهامها للقوات الأمريكية، وقد جاء العدوان بعد ثلاثة أيام من تحرير وحدات الجيش محورا” بطول 40 كلم وتمشيطها مساحة 2000 كلم2 في البادية الغربية للميادين.
 
إن تشابه الإعتدائين يعود لإرتباطهما الوثيق بما سيجري في الجنوب والجنوب الغربي و درعا، ومحاولة كل من أمريكا واسرائيل تأخير أو منع الجيش السوري من بدء التحرك العسكري في درعا عبر إعادة خلط الأوراق السياسية وبعملية تبادل الأدوار وبإخفاء الجهة المنفذة، وبإستخدام ذريعة تواجد القوات الإيرانية على الحدود الجنوبية لسوريا الأمر الذي قد يشير إلى أن إسرائيل هي الجهة المنفذة، فقد تحدث عنه نتنياهو قبيل العدوان وقال :” أننا سنعمل ونعمل حاليا ً ضد المحاولات الإيرانية ووكلاء إيران للتموضع عسكريا ً قرب الحدود الإسرائيلية وداخل العمق السوري”، وهذا يتقاطع مع تصريح هام للغاية لمسؤول أمني إسرائيلي بالأمس القريب إذ يقول:” إن الأزمة الإقتصادية في الأردن ليست الوحيدة التي تؤثر على استقراره، وهناك مخاطر أمنية من اقتراب مقاتلي حزب الله والإيرانيين من حدوده “.
 
بلا شك لقد باتت إستعادة السيطرة على الحدود الأردنية أولوية ً للجيش العربي السوري بعد استعادته للحدود مع العراق ولبنان، في وقتٍ يعلم فيه قادته أن المعركة لن تكون سهلة خصوصا ً مع الدعم المطلق لما يسمى عناصر الجيش الحر المتواجدة هناك من كافة أعداء سوريا وعلى رأسهم العدو الإسرائيلي وإحتمالية التدخل المباشر للقوات الأمريكية و الإسرائيلية … لكن، وعلى الرغم من العدوان الأخير ورسائله وأهدافه وبغض النظر عمن إرتكبه،لن يستطيع أحدٌ ثني دمشق عن تحرير كامل أراضيها ، فمعركة درعا باتت معلنة ووشيكة وواضحة الهدف.
لقد منحت الدولة السورية الجهد والوقت للحلول الهادئة – السلمية بما يعيد الأمن والأمان لاّلاف سكان المناطق الحدودية ويسمح بعودة اللاجئين من الأردن، لكن بات من الواضح أن الدواء لم يعد نافعا ً ولا بد من إستئصال الإرهاب قسرا ً…
 
إن لتحرير درعا أهميةٌ استراتيجية للدولتين السورية والأردنية على حدٍ سواء، فإعادة فتح طريق دمشق – عمّان ستكون له إنعكاسات أمنية وإقتصادية هامة لكلا البلدين .
إن اللعب على إخفاء حقيقة من قام بتنفيذ العدوان لن يشكل عاملا ً مؤثرا ً من حيث النتيجة على تغيير حقيقة ما حدث و الغاية والرسالة منه، فحماية المجموعات والتنظيمات الإرهابية هي أهدافٌ مشتركة لكل من اميركا واسرائيل حيث لم يعد خافيا ً على أحد التدخل الواضح والصريح لإنقاذ ما تبقى من الاذرع الإرهابية على الحدود السورية – العراقية حيث يتخذ من وجودهم ذريعة للبقاء في سوريا تحت عنوان محاربة الإرهاب، فيما انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه على الإرهابيين تقضي على مبررات وجودها وغزوها للأراضي السورية….- موقع المرده