هل ما زالت القبضة الذكورية بخير؟ .. عزيزي الرجل: هل تخاف زوجتك؟

هل ما زالت القبضة الذكورية بخير؟ .. عزيزي الرجل: هل تخاف زوجتك؟

آدم وحواء

الثلاثاء، ١٧ يوليو ٢٠١٨

هبة الله الغلاييني
من أكثر المزاح تداولا بين الرجال في موضوع العلاقات الزوجية، يبرز سؤال عن حقيقة خوف الرجل من زوجته، فالواقع يشير إلى أن معظم الرجال على ظهر كوكب الأرض، ينفذون بعض الأجندات التي تمليها عليهم زوجاتهم، طوعا أو قسرا، أو يلجؤون إلى التمرد الخفي على هذه القيود بأساليب شتى… فما حقيقة الأزواج من زوجاتهم؟
تقول الطرفة: إن رجلاً غاضباً دخل إلى مقهى للرجال ويحمل في يده عصا فقال لهم بلهجة آمرة ومهددة: (اللي يخاف من زوجته يجلس على اليسار) وبسرعة جلس جميع رجال المقهى على اليسار ما عدا رجلاً واحداً فقط، فنظر إليه الجميع باستغراب قائلين: (ألا تخاف من زوجتك؟) فرد عليهم قائلا: (زوجتي سمحت لي بالمجيء إلى المقهى، ولكنها حذرتني بقولها إذا تحركت من مكانك، فسترى ماذا أنا فاعلة بك!) هذه وغيرها من النكات يتم تداولها في كثير من مجالس الرجال، التي تحوي قصصا تبين مدى خوف الأزواج من زوجاتهم، وعلى الرغم من عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة حول حجم الظاهرة، إلا أنه لا يمكن إنكارها… فهل بالفعل يخاف الرجل من زوجته؟ وما الأسباب التي قد تدعو إلى انتشار هذا المفهوم؟
ينفي يوسف الحمادي (موظف، متزوج منذ 4 أعوام) وجود ظاهرة الخوف من الزوجات، فيقول: (لا شيء اسمه الخوف من الزوجة، إذ لا يعقل أن يكون الرجل هو المسؤول عن البيت والإنفاق، وهو ربان السفينة وصاحب الأمر في معظم الأسر، وبعد ذلك تقوم علاقته مع زوجته على الخوف). ويواصل قائلا: (الرجل الضعيف فقط هو من يخاف زوجته ويأتمر بأمرها، ونادر وجود هذا النموذج من الرجال في المجتمعات الشرقية). ويختتم الحمادي كلامه مازحا: (يا معشر الرجال اطمئنوا.. فالقبضة الذكورية بخير).
تظن راوية الحمد(متزوجة، منذ 10 اعوام)، أن فكرة خوف الرجل من زوجته، أو أنه لا يدخل أو لا يخرج إلا بإذنها، وأن آخرين لا يستطيعون التصرف في أموالهم أو قراراتهم من دون استشارتها، ليست حقيقية، وتبين قائلة: (إنها مجرد حيلة رجالية لإرضاء غرور النساء وإيهامهن بأنهن مسيطرات على الوضع، ولكن حقيقة الأمر هي أن معظم الرجال يفعلون ما يحلو لهم تحت هذا الستار) وتشرح السيدة راوية (لا أتصور أن هناك امرأة تستطيع أن تتحكم في زوجها وتمنعه من التصرف على طبيعته، كما أن العلاقة بينهما أسمى وأرفع من أن يكون فيها طرف يخشى الآخر أو يهابه، إذ يجب أن يكون الاحترام المتبادل سائدا بينهما).
لكن طارق السالم (موظف، متزوج منذ 14 عاما) يفسر موضوع خوف الرجل من زوجته بالقول (هناك تصرفات عفوية تظهر من الزوج، قد تبدو في الظاهر أنه يخاف من زوجته أو يحسب لها حسابا كبيرا) لكن الأمر في حقيقته، حسب طارق، (ليس خوفا بل تقدير لها ومراعاة لمشاعرها). إذ إنها شريكته ويعيشان حياة مشتركة، وبينهما أولاد، لذا لا بد من أن تكون هناك ثقة وتبادل معلومات بين الزوجين، مثلا إلى أين ذهب وكم يصرف من المال في أمور معينة، من قابل أو مع من تكلم اليوم، وكذلك على الزوجة أن تفعل ذلك أيضا، بأن تخبره عن تحركاتها وقراراتها واستشارته، إذ إن هذه المشاركة تشعر المرأة بالاطمئنان على زوجها وتجعل الحياة الزوجية مستقرة).
أما سلوى حمود فتؤكد (لا نستطيع أن نجزم بشكل حرفي أن هناك رجلا يخاف من زوجته، لكن بعضهم قد يحرص على أن تكون معه في الصورة، حتى يتجنب المشاكل والخلافات التي يمكن أن يسببها الزوج في حال قام ببعض التصرفات التي لا ترضيها) وتضيف قائلة (بالتأكيد توجد بعض الحالات الاستثنائية من الزوجات اللائي يحاولن السيطرة على أزواجهن في أمور كثيرة، وبالطبع يحدث ذلك بدافع الشك والغيرة والخوف، ولأنها تجبره على أن يخبرها إلى أين يذهب ومع من يتحدث، يجعلها تأمن أو تريح نفسها لا أكثر أو أقل).
يستغرب عماد الأحمد (متزوج منذ 20 عاماً) تفسير حرص الزوج على مراعاة شعور شريكة حياته في كل ما يقوم به من تصرفات، إنه نوع من الخوف، قائلاً: (نستطيع أن نلخص الفكرة في أن الرجل يعمل على إرضاء زوجته وجعلها مرتاحة وسعيدة، وفي الأغلب يطيعها ويلبي رغباتها في أمور يومية ليست ذات قيمة، وذلك من قبيل إكرامها، خاصة إذا لم يمسه الأمر في كرامته أو يهز شخصيته) أما فيما يخص رهبة الزوجات، فيفسرها عماد مختتما (أي امرأة تعرف نقاط ضعف زوجها، قد تستغل هذه المعرفة في تمرير بعض رغباتها، وفي حال تمرده فإنها قد تستخدم بعض الأسلحة، ومن أخطرها الدموع، التي تجعل كثيرا من الرجال لا يتحملون زوجاتهم في هذا المشهد، فيمتثلون لأوامرها).
من وجهة نظر عمر الفرا (أستاذ جامعي): (إن المجتمعات الشرقية تكرس لأن يكون الرجل مسيطرا على الأمور في البيت، وأنه الناهي والآمر الأول، فينتج عن ذلك محاولة بعض الزوجات اللجوء إلى التمرد على النمط السائد. وبالطبع إن أول خطوة لتحقيق ذلك، جعل الأزواج يخافون منهن ويخشون بأسهن من خلال طرق شتى، من ضمنها (الزن) و(النق) واستخدام سلاح النكد اليومي، فيخافون إغضابهن، لذا يلجأ بعض الأزواج إلى تبرير مخالفاته بأعذار مختلفة، تمكنه من أن يحتوي مشكلاته بأقل الخسائر الممكنة، وهذا ما قد يفسره البعض خوفا، لكن السيد عمر يؤكد مختتما (أنه أمر يصعب تحقيقه في الرجل الذي نشأ في بيئة ذكورية).
وتؤكد إيناس بركات وجهة النظر القائلة إنه لا يوجد رجل يخاف من زوجته، وتضيف قائلة (لا أتوقع أن تخاف امرأة من زوجها، فالعلاقة التي تربط الطرفين تقوم على أمور كثيرة وجميلة، يجب ألا يكون الخوف من بينها، ولابد أن تنشأ على احترام حرية وخصوصية كل طرف للآخر) وتتابع مختتمة (ربما في بعض الزيجات تمثل الزوجة بالنسبة إلى زوجها مكانة الأم فيترك لها مقاليد كثير من الأمور كبديل عن أمه، لذلك يخضع لكثير من وجهات نظرها، ويحملها مسؤولية البيت، بل مسؤوليته).
وأكثر من حكاية شعبية تروي ما معناه (أن فلانا شجاع لا يهاب حتى الأسد نفسه)، وتمضي الحكاية لتقول: (فانبرى له أحدهم ولكنك تخشى زوجتك فلانة) فيرد الشجاع (أتسمي هذا خوفا… إنها زوجتي).
ثمة مقولة أخرى معروفة في كثير من الثقافات الإنسانية، وتجري مجرى المثل على الألسنة بمختلف التعابير، وإن حملت المعنى نفسه أو قريبا منه بقليل، تلك المقولة تشي بأن (أشجع الرجال يضع ألف حساب لزوجته.. بل يهابها).
ومصداقا لهذه الفكرة الثقافية السائدة، فقد رد الممثل الأميركي داستن هوفمان في حوار أجرته معه صحيفة (بيلد) الألمانية على سؤال حول رأيه في سر نجاح الزواج، بقوله ضاحكا: (إن الرجل يجب أن يخشى زوجته).