"أوبك +" تمدد تخفيضات إنتاج النفط.. ما أبرز تأثيرات القرار على الدول الغربية؟

مال واعمال

الاثنين، ٥ يونيو ٢٠٢٣

وافق أعضاء مجموعة الدول المنتجة والمصدرة للنفط وحلفائها، "أوبك+"، على خفض الإنتاج بمقدار 1.4 مليون برميل، لتضاف إلى قرارات سابقة بخفض الإنتاج، مع وجود مخاوف من زيادة العرض في السوق وانخفاض في الأسعار، وفي ظرف دولي حساس، مع توقعات باشتداد وطأة الحرب في أوكرانيا بحسب  تصريحات الطرفين.
وتنتج "أوبك+"، التي تضمّ منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء بقيادة روسيا، نحو 40% من الخام العالمي، مما يعني أنّ قراراتها سيكون لها تأثير كبير على أسعار النفط، وبالتالي على السياسة والاقتصاد العالميين.
وتوصلت مجموعة "أوبك+"، اليوم الأحد، إلى اتفاق لتمديد تخفيضات الإنتاج إلى العام المقبل، في مواجهة انخفاض الأسعار وتخمة المعروض التي تلوح في الأفق، بحسب بيان أصدره التكتل النفطي الأكبر عالمياً، عقب اجتماع عقد في فيينا للدول الأعضاء، بما في ذلك كبار المنتجين، أي المملكة العربية السعودية والعراق وروسيا.
وأعلن بيان المجموعة الاتفاق على ضبط حجم إنتاج النفط، على مستوى "أوبك+"، عند 40.46 مليون برميل يومياً، اعتباراً من عام 2024، وأنه من المرجح "تجديد السياسة" لعام 2023، وإجراء تخفيضات إضافية في الإنتاج في عام 2024، إذا تمّ الاتفاق على خطوط أساس جديدة للإنتاج.
القرار في مصلحة السوق.. وروسيا
من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، إنّ قرار مجموعة "أوبك+" بشأن حجم إنتاج النفط يأتي في مصلحة السوق العالمية، ولا خلافات بين روسيا والسعودية بشأنه، على الرغم من أنه ليس من الواضح متى ستبدأ التخفيضات.
وبحسب بيان مجموعة "أوبك+"، يتعين على روسيا ضبط حجم إنتاج النفط عند 9.828 مليون برميل يومياً، اعتباراً من عام 2024، وقد أعلنت روسيا عن خطط لتمديد الخفض البالغ 500 ألف برميل يومياً في إنتاجها، حتى نهاية العام.
وتوصلت المجموعة إلى اتفاق، بعد تأخير بدء المحادثات الرسمية لأكثر من 6 ساعات، بسبب مناقشات الأعضاء حول خطوط الأساس للإنتاج.
ووفقاً لتقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية، تركّز التأخير على الخلاف بين أقوى أعضاء المجموعة والدول الأفريقية حول كيفية قياس التخفيضات، مما أدى إلى اجتماعات جانبية حيث كانت مجموعة بقيادة السعودية تحاول إقناع دول مثل نيجيريا وأنغولا، بأن يكون لديها أهداف إنتاج أكثر واقعية.
وقالت تقارير إنّ الإمارات تسعى كذلك إلى خط أساس أعلى، ليعكس قدرتها الإنتاجية المتزايدة.
تأثيرات على السوق العالمية
في نيسان/أبريل، ارتفعت أسعار النفط بعد أن أعلنت "أوبك+" خفضاً مفاجئاً في الإنتاج، قائلة إنّ أعضائها سيخفضون الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 3.7٪ من الطلب العالمي.
وجاء الخفض ليضاف إلى الخطط الحالية لمواصلة خفض مليوني برميل يومياً، المتفق عليها أصلاً في تشرين الثاني/نوفمبر، حتى نهاية عام 2023.
وقد ساعد إعلان نيسان/أبريل في دفع أسعار النفط نحو 9 دولارات للبرميل إلى ما فوق 87 دولاراً، لكنها سرعان ما تراجعت تحت ضغط المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي والطلب.
والجمعة، استقر خام برنت القياسي الدولي عند 76 دولاراً للبرميل، وسيعقد اجتماع أوبك المقبل في 26 تشرين الثاني/نوفمبر في فيينا.
وبالمثل، يتوقع اليوم أن يؤثر القرار على السوق بشكل إيجابي، ما قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع في الفترة المقبلة.
أبرز المفاعيل السياسية لاستمرار ارتفاع الأسعار
دأبت الولايات المتحدة ومعظم أوروبا والدول الغربية التي انضمت إلى التحالف المعادي لروسيا، على محاولة منع موسكو من الاستفادة من إنتاجها النفطي الكبير لمواجهة حملة العقوبات الاقتصادية القاسية ضدها، التي تفاقمت بشكل كبير مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.
زيادة الضغط على الحكومات الغربية
شكّل الحفاظ على أسعار متدنية للنفط، ومنع ارتفاع الأسعار، هاجساً كبيراً عند إدارة بايدن، وعند الدول الأوروبية، لسببين؛ الأول حرمان روسيا من عائدات أكبر جراء بيعها لإنتاجها النفطي، والثاني لجم أسعار الطاقة العالمية من الارتفاع سعياً لمحاربة التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية لمواطنيها.
لكنّ تخفيضات "أوبك +" التي بدأت أواخر العام الفائت، وجاءت معاكسة تماماً لإرادة واشنطن في رفع مستويات الإنتاج، زادت الضغط على "المخزون الاستراتيجي" الأميركي، الذي استعمل بايدن جزءاً مهماً منه لضخّه في السوق لتعديل الأسعار ومنعها من الارتفاع منذ بداية الأزمة.
كما سيزيد القرار في أرباح الشركات النفطية الغربية، التي تخوض معها الحكومات ولا سيما إدارة بايدن والحكومة البريطانية، سجالات كبرى بشان أرباحها الضخمة، والتي جنتها بشكل أساسي خلال فترات عدم الاستقرار التي تلت كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
وقد منع استعمال بايدن الاستثنائي للمخزون الأميركي، الأسعار العالمية من الارتفاع بشكل كبير، ولكنه لم يتمكن من تخفيضها كما كان يريد. ناهيك عما بدأ يشهده هذه المخزون من تراجع بسبب اللجوء الأميركي إليه نتيجة ما شهدته أسعار النفط من ارتفاع.
زيادة قدرة روسيا على مواجهة العقوبات الغربية
وفي موازاة ذلك، نجحت روسيا في تجاوز العقوبات على تصدير إنتاجها من الطاقة بشكل كبير، مع إصرار دول كبرى مثل الصين والهند والسعودية وتركيا وغيرها على شراء النفط والغاز الروسي للاستفادة من سعره المنافس.
وستشكل التخفيضات الجديدة لأوبك+، والتي يصرّ البيت الأبيض على وصفها في كلّ مرة بأنها منحازة لروسيا، سبباً إضافياً للضغط على أوروبا والولايات المتحدة، عبر الحفاظ على أسعار الطاقة مرتفعة، ما سيزيد في نسب التضخم المرتفع أصلاً إلى معدلات قياسية، ويزيد من الضغط على اقتصادات هذه الدول ولا سيما الصناعية منها.
وفي وقت تصرّ فيه "أوبك +" على أنّ قراراتها مرتبطة بمصلحة السوق والدول المنتجة ولا يعبر عن أي انحياز سياسي لروسيا، إلا أنّ المفاعيل السياسية لقرار الحفاظ على استقرار أسعار النفط عند مستويات قريبة من 80 دولاراً تصبّ في صالح روسيا إلى حدّ كبير، وتساهم في زيادة قدرتها على تصريف إنتاجها، وبالتالي مواجهة العقوبات الغربية.