المنتجون السوريون: إنّه موسم الكساد

المنتجون السوريون: إنّه موسم الكساد

فن ومشاهير

الثلاثاء، ٢١ يناير ٢٠٢٠

الدراما أمام تحدّي مقاطعة القنوات الكبرى وانهيار سعر صرف الليرة | المنتجون السوريون: إنّه موسم الكساد

على بعد ثلاثة أشهر فقط من حلول شهر رمضان، لا يبدو وضع الدراما السورية مبشّراً. أقلّه هذا ما يوحي به المشهد الذي يضم بضعة أعمال فقط لا توحي بأنّها تتمتع بعناصر الجاذبية ومعطيات التسويق اللازمة. فما هي المسلسلات التي تحضر لها شركات الإنتاج في الشام؟
 
خلافاً لما توقّعه كثيرون عن عودة الدراما السورية إلى سنوات الألق، بعد موسم كانت سمته أعمال جريئة عدة، وعودة المنتج الخليجي للاستثمار في الشام، تشير المعطيات الحالية إلى موسم كساد في رمضان 2020، إذ يشتمل على بضعة مسلسلات تفتقر إلى عناصر الجاذبية ومعطيات التسويق اللازمة، إلى جانب القصور في مواكبة المنطق المعاصر الذي وصلت إليه الدراما في العالم. وعلى الرغم من أن المختصّين يعزون ذلك إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي واستمرار مقاطعة المحطات الكبرى للمسلسلات السورية الخالصة، إلّا أن المنتجين والقائمين على الشركات السورية كانت لهم آراء مغايرة!
 
اعتقد بعض متابعي الدراما السورية خلال الموسم الماضي، بأنها بدأت تستعيد ملامح التعافي، وتسير مجدّداً على سكّة الألق، بعدما قدّمت مجموعة مسلسلات بينها أربعة أعمال على الأقل بسوية جيدة طرحت حالة تنافسية واضحة، واقتحمت حصون السلطة والفساد المجتمعي والديني. وقد بشّر الموسم الفائت بعودة المنتج الخليجي للاستثمار في دمشق تزامناً مع فكّ الأقفال عن بوابات بعض السفارات التي عادت إلى مزاولة نشاطها. لكن سريعاً تبدّدت تلك الأوهام، وبدأت معالم الموسم الحالي تشير إلى أن ما حدث مجرّد طفرة، والحال عادت أسوأ مما كانت عليه. فعلياً، نحن أمام موسم كساد لن ينجز فيه إلّا بضعة أعمال غالبيتها لا ترتقي إلى السوية المأمولة. حتى الآن، كلّ ما سيتم إنجازه هو بضع عشاريات بالتعاون بين «غولدن لاين» (ديالا الأحمر) و I see media (إياد الخزوز) وهي «هوس» (كتابة ناديا الأحمر وإخراج محمد لطفي) و«دارين» (كتابة عثمان جحى وإخراج علي علي)، فيما تنجز الشركتان عملاً بدوياً بعنوان «صقار» (كتابة دعد ألكسان وإخراج شعلان الدبّاس) وتنتج الثانية عملين في لبنان، أحدهما «النحّات» (كتابة بثينة عوض وإخراج مجدي السميري وبطولة باسل خيّاط). وباشرت شركة «ميسلون» تصوير مسلسل «سوق الحرير» (كتابة حنان حسين المهرجي وإخراج مؤمن وبسام الملا، وبطولة سلوم حداد وبسام كوسا وكاريس بشار وفادي صبيح). ومن المفترض أن تنجز «سما الفن» جزءاً جديداً من «بقعة ضوء» (مجموعة كتّاب وإخراج باسم عيسى) وتعمل «قبنض» على مسلسل شامي بعنوان «بروكار» (كتابة سمير هزيم وإخراج محمد زهير رجب). وحتى الآن، لم يُحسم بعد تصوير «العربجي» (كتابة عثمان جحى وإنتاج «غولدن لاين») ولا «حرملك2» (كتابة سليمان عبد العزيز وإخراج تامر اسحق) فيما ستكون «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» على موعد مع عملين: الأوّل يتناول سيرة المطران هيلاريون كابوجي (1922 ــــ 2017) بعنوان «حارس القدس» (كتابة حسن م يوسف وإخراج باسل الخطيب) والثاني لم يُختر عنوانه بعد وهو من كتابة بسام جنيد وإخراج عبد الغني بلّاط. وتكتفي «إيمار الشام» بعمل شبابي وحيد هو «من الحب» (عنوان مبدئي- كتابة تليد الخطيب وإخراج سدير مسعود، بطولة مجموع من الممثلين الشباب مع ترشيح فادي صبيح وسامر اسماعيل لدورَي البطولة) يحكي عن قصص حب وخيانة تدور بين تسعينيات القرن الماضي والوقت الحاضر، إلى جانب أعمال أخرى مثل «الجوكر» (كتابة ماجد عيسى وإخراج جمال الضاهر) و«365 يوم» (مجموعة كتّاب وإخراج يمان إبراهيم). في المقابل، لا تحسب الأعمال التي يحضر فيها السوريون بشكل أساسي على دراما بلادهم، لأنها تنتج بمال غير سوري وتصوّر خارج البلد، منها «المنصة» (12 حلقة- كتابة هوزان عكو وإخراج مجدي السميري ومنصور اليبهوني الظاهري والألماني رودريغو كيشنر) و«العميد» (10 حلقات- كتابة وإخراج باسم السلكا) و«سر» (60 حلقة- كتابة مؤيد النابلسي إخراج مروان بركات).
من خلال متابعة كواليسها، لا يبدو حتى الآن، بأن مسلسلاً سورياً واحداً على الأقل سيحوي عناصر الجاذبية الكافية، ومستلزمات التسويق للمحطات المهمة، فضلاً عن تسجيل تراجع واضح على مستوى الإنتاج السوري من ناحيتَي الكم والنوع! يعزو غالبية المهتمين الموضوع إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية، وتراجعها الحاد أمام سعر الدولار الأميركي وبقية العملات الأجنبية، إذ وصل سعر الصرف إلى 1200 ليرة مقابل كل دولار واحد، فيما يتذرّع المنتجون بأسباب عدة أخرى. النجم محمد قنوع، مدير شركة ABC، يقول لـ «الأخبار»: «شركتنا لم تتوقف عن الإنتاج. ربما اختلف المنطق، لكن النشاط قائم، ونحن كنّا نتريّث لأننا أمام مشروع تاريخي ضخم لن نبالغ إن قلنا بأنه سينافس الأعمال العالمية». أما عن سبب تراجع الإنتاج في سوريا، فيجيب: «أهم المنتجين العرب يعملون على تنفيذ ما تطلبه منهم المحطات الكبرى بحذافيره. السوريون مطلوبون جماهيرياً وحاضرون في كلّ الأعمال العربية هذا صحيح، لكن المقاطعة تريد إصابة سوريا بمقتل، فكان الخيار مقاطعة رأس المال السوري على وجه التحديد، وهذا كفيل بأن يتوقف المنتجون السوريون عن الشغل أو يتراجع منسوب إنجازهم. وكلّ كلام يقال خلافاً لذلك هو جهل حقيقي بكواليس ومعطيات الأمور». من ناحيته، يعدّ المنتج فراس الدبّاس مدير «سما الفن» (سورية الدولية سابقاً) في حديثه مع «الأخبار» بأن تكون شركته حاضرة عبر أكثر من عمل في هذا الموسم، لكنه يوضح: «من الطبيعي أن يتراجع معدّل السرعة في عجلة الدراما، ليس ارتفاع الدولار هو السبب المباشر والوحيد، إنما حالة السوق ككل. العاملون في الدراما يطلبون أجوراً كبيرة، وهذا حق مشروع بالنسبة لهم، لكنّ المحطات باتت تدفع أقلّ بأضعاف مما كانت تدفعه سابقاً، وهي معطيات تعني المنتج وتفرض عليه دراسة وتناولاً مختلفين في ظلّ هذه التفاصيل». من ناحيته، يختلف المخرج زهير قنوع مع هذه الفكرة، ويعتقد بأن «الأمر مرهون برمّته بجرأة المنتج، وإقباله.
 
تراهن شركة «إيمار الشام» على مسلسل شبابي وحيد هو «ومن الحب»
الاستثمار في مجال الدراما رابح بشكل فعلي، وليس هناك رجل أعمال عربي يخسر بسبب الدراما، إلا إذا عمل المنتج مع شخص أمي أو محتال... هنا يصبح الموضوع مختلفاً. كل المنتجين المهمين في المنطقة يعتمدون على مبدعين سوريين، لكن رجال الأعمال السوريين غير مهتمين بهذا القطاع. علماً بأن بدايات نهضة الدراما في سوريا قامت على أكتاف المال الخاص ودخول مستثمرين أقوياء في هذا المجال. يبقى السؤال دوماً: هل يمكننا تجاوز المحطات، وشرط السوق الحالي، وخلق حركة اقتصاد في هذا الإطار؟ والجواب أنه بفضل توافر الخبرات والطاقات الإبداعية وبمجرّد توافر المال، كلّ شيء يصبح ممكناً».
من ناحيتها تفصح الكاتبة ديانا جبوّر مديرة شركة «إيمار الشام» في حديثها معنا بأن لا علاقة لانخفاض قيمة الليرة السورية بخطّتهم هذا العام، وأنّ مراهنتهم على مسلسل شبابي وحيد هو «ومن الحب» لا يرتبط بأزمة التسويق، إنما هو نوع من التحدّي الحقيقي. توضح: «بعد التجربة، خلصنا إلى أنه بدل الهروب من المشكلة، من الأفضل مواجهتها. لذا ذهبنا إلى نوع فيه أسلوبية وصيغة ومواضيع جديدة تقوم عليها أسماء جديدة. الفكرة هنا من المسلسل وقف إعادة تدوير المواضيع ذاتها تسهيلاً للتسويق، وهو ما أنتج حالة من الجمود. لذا محاولة «إيمار الشام» هي رغبة في تجديد الدماء وتنشيط دورتها، ما يحتاج إلى قرار شجاع وإيصال رسالة فنية ثقافية أكثر من التركيز على التوزيع والتسويق»!