ماذا تقول الدراسات هل يؤثر الآخرون في رشاقتنا؟ إن خياراتنا الغذائية تتأثر كثيراً بالأشخاص من حولنا خاصة من نميل إليهم!

ماذا تقول الدراسات هل يؤثر الآخرون في رشاقتنا؟ إن خياراتنا الغذائية تتأثر كثيراً بالأشخاص من حولنا خاصة من نميل إليهم!

صحتك وحياتك

الاثنين، ٦ يناير ٢٠٢٠

تماماً مثلما يؤثر الآخرون في سلوكياتنا، خياراتنا، عاداتنا، فإنهم يؤثرون أيضاً في أوزان أجسامنا وأشكال قامتنا، فالأشخاص من حولنا إما أن يسهموا في مساعدتنا على بلوغ الوزن الصحي، وإما أن يعرقلوا سعينا، ويزيدوا من تراكم الدهون في أجسامنا.
لا يمكن للواحد منا أن يعيش في معزل عن تأثيرات الآخرين المباشرة وغير المباشرة، فنحن نؤثر ونتأثر بمن حولنا شئنا أم أبينا، ومن الطبيعي أن تزداد هذه التأثيرات مع ازدياد قوة العلاقة بين الطرفين، فأفراد العائلة والأصدقاء المقربون يكونون الأكثر تأثيرا فينا، يتبعهم الزملاء والجيران والمعارف وغيرهم، وبفعل هذه التأثيرات المتبادلة، يبرز عدد من الأمور التي نشترك فيها مع الآخرين في أوجه عدة من وجوه حياتنا اليومية، بما في ذلك سلوكياتنا وعاداتنا الغذائية.
 
والحقيقة أن قياس محيط الخصر والوزن يحتل مرتبة متقدمة على لائحة الأمور المشتركة التي تجمع بيننا وبين أفراد عائلتنا أو أصدقائنا المقربين.
 
ففي دراسة أجراها البحاثة في (جامعة هارفرد) الأميركية تبين أن إمكانية إصابتنا بالسمنة تزداد بنسبة 57% إذا كان لدينا صديق مقرب بدين. كذلك تبين أن وجود شخص بدين في العائلة (زوج، زوجة، أخ، أخت) يزيد هذه الإمكانية بنسبة 40%، ويقول البروفيسور جايمس فاولر، الذي شارك في الإشراف على الدراسة، إنه حتى الصداقات البعيدة تؤثر في أوزاننا، فأصدقاؤنا يؤثرون في آرائنا وأفكارنا المتعلقة بالمأكولات والمشروبات التي نتناولها، وفي قدر ونوع الأنشطة البدنية التي نقوم بها، وفي تحديد حجم أو قياس الجسم المقبول أو المناسب، لكن هذه الأبحاث لا ـتعني أن علينا أن نبتعد عن أصدقائنا أصحاب الوزن الزائد، ذلك أن السلوك الصحي، كما يؤكد فاولر، هو سلوك معد أيضاً، وهذا يعني أن في إمكاننا أن نلعب دور المثال الأفضل لأصدقائنا ونبدأ بتشجيعهم على تبني عادات صحية، مثل أن نذهب لممارسة المشي السريع يومياً، أو نختار مطاعم تقدم أطباقاً خفيفة وصحية.
 
وكانت دراسة أميركية طويلة استغرقت 10 سنوات، وشملت أكثر من 3 آلاف مشارك، ونشرت نتائجها مجلة (الأوبئة) الأميركية، قد أظهرت أن الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بصداقات قوية داعمة ومتواصلة، كانوا أقل عرضة لمعاناة زيادة الوزن مقارنة بالآخرين الذين كان لديهم أصدقاء أقل إيجابية، كذلك تبين أن اختيار أصدقاء فرحين متفائلين يساعدنا على الإحساس بالإيجابية، ما يخفف من لجوئنا إلى الطعام كمصدر للمواساة والتخفيف عن أنفسنا.
 
ومن جهتهم قام البحاثة البريطانيون بدراسات عدة نشرت نتائجها مجلة (أكاديمية التغذية والحميات)، تؤكد أن تأثير المعايير الاجتماعية ينطبق على الأكل أيضاً، فكمية ونوعية ما يأكله الأشخاص الذين نرتبط بهم أكثر من غيرهم، يمكن أن يؤثر كثيراً في تحديد ما نأكله، وبعبارة أخرى، إذا كان أفراد العائلة والأصدقاء يعتبرون كيساً كبيراً من رقائق البطاطا وجبة خفيفة عادية، وأن الوجبة الرئيسية يجب أن تتألف دائماً من طبق مقبلات وطبق رئيس وتحلية، فإن إمكانية تناولنا حصصاً معتدلة من الأطعمة الصحية تتراجع، ويقول البروفيسور أريك روبنسون من جامعة (ليفربول) البريطانية إن تقيدنا بالمعايير الغذائية الرائجة في وسطنا الاجتماعي، قد يكون وسيلة ننتهجها لتأكيد هويتنا الاجتماعية، ولتعزيز شعورنا بالانتماء لهذه المجموعة، وإذا كانت الدائرة الاجتماعية التي نعيش فيها تضم في معظمها أشخاصاً يأكلون بشكل صحي، فإننا سنميل إلى اتباع نظام غذائي صحي مماثل كي نغذي ونقوي إحساسنا بالانتماء، ولا يختلف الوضع إذا كان هؤلاء يتبعون نظاماً غير صحي، فنحن سنميل إلى تقليدهم لتعزيز الإحساس نفسه بالانتماء.
 
ومن جهتها تقول الدكتورة ميليسا وود، الأستاذة المساعدة في الطب العيادي في جامعة (هارفرد) الأميركية إنه من الصعب جداً أن نكون الشخص الوحيد الذي يقوم بتغييرات صحية إذا كنا ننتمي إلى مجموعة من الأشخاص أصحاب الوزن الزائد الذين يحبون الأكل والذين يحبون ممارسة الرياضة، وتضيف إن التخلص من الوزن الزائد في هذه الحالة سيؤدي إلى انعزالنا إذا لم ندخل أشخاصا آخرين في العملية، وتؤكد أهمية إيجاد حتى صديق واحد يدعم هدفنا إذا أردنا أن نخسر وزناً زائداً، وإذا تعذر علينا إيجاد هذا الصديق من دائرة أصدقائنا أصحاب الوزن الزائد (الذين غالباً ما يرفضون التغيير، لأنه كسر المعايير التي وضعوها لأنفسهم والتي يرتاحون لها) يمكننا البحث عنه خارج هذه الدائرة.
 
والحقيقة أن تأثير الأصدقاء والعائلة لا ـينحصر في عاداتنا الغذائية العامة، بل يظهر بوضوح أيضاً عند الجلوس لتناول الطعام معاً، ومن المعروف أن كمية الطعام التي نأكلها مع الأصدقاء تكون أكبر من التي نأكلها بمفردنا.
 
أبرز أسباب إكثارنا في الأكل عندما نكون بصحبة الأصدقاء:
 
١- وجود الكثير من الأخبار التي يرويها بعضنا لبعضٍ: تبين في دراسة أجريت في جامعة (جورجيا الأميركية) أننا عندما نتناول وجباتنا مع الآخرين فإن كمية الطعام التي نأكلها تزداد بنسبة 44 بالمئة على التي نأكلها بمفردنا. ويعود ذلك جزئياً إلى الوقت الأطول الذي نقضيه إلى المائدة عندما نكون مع الآخرين، فمن الطبيعي أن تزداد كمية الأكل التي نتناولها كلما طال جلوسنا إلى مائدة تصطف عليها الأطباق الشهية، لذلك تنصح المتخصصة الأميركية في التغذية ميتسي غيرون، بأن ننتبه إلى كل لقمة نضعها في أفواهنا، ونصغي جيداً إلى رسائل الشبع التي تطلقها أجسامنا. وأفضل طريقة للتخفيف من كمية الطعام التي نأكلها هي أن نضع الشوكة والسكين على المائدة عند الإصغاء إلى ما يقوله الأصدقاء، وعند التحدث إليهم، ومن المفيد أيضاً الطلب من النادل أن يزيل الأطباق عن المائدة حالما ننتهي من الأكل، وذلك لتفادي وجودها أمامنا طوال الوقت المتبقي لنا في المطعم. ويمكننا المكوث في المطعم لتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائنا ونحن نحتسي كوبا من الشاي أو فنجانا من القهوة.
 
٢- تقليد الأصدقاء في طلب المشروبات والحلويات: قام البحاثة الأميركيون بمراجعة وتحليل نتائج 15 دراسة حول السلوك الغذائي داخل المجموعات، وتبين لهم أن خياراتنا الغذائية تتأثر كثيراً بالأشخاص من حولنا، وخاصة إذا كنا نصنفهم كأصدقاء أو كجزء من مجموعة اجتماعية نحبها أو نميل إليها.
 
وبعبارة أخرى، فنحن لا نتردد في طلب شطيرة كبيرة من الهامبرغر لأن صديقاتنا طلبن مثلها، فنحن لا نخرج من دائرة الإجماع التي تقوي إحساسنا بالانتماء إلى هذه المجموعة، والعكس صحيح أيضاً، فإذا قامت صديقاتنا بطلب طبق من السلطة خفيف الوحدات الحرارية، فالأرجح أننا سنحذو حذوهن ولو كنا نرغب في تناول طبق آخر، وأكثر من ذلك، وجد البحاثة أن وجباتنا يمكن أن تتأثر بمواقف أصدقائنا وسلوكهم الغذائي، حتى عندما نكون بصدد تناول الطعام وحدنا، ما يشير إلى وجود تأثير اجتماعي غير واع في ما يعني الأكل، فنحن نتأثر كثيراً وبسهولة بخيارات (المجموعة الاجتماعية التي ننتمي إليها).
 
ويقول الخبراء إنه إضافة إلى رغباتنا اللاواعية في تقوية إحساسنا بالانتماء إلى مجموعة اجتماعية محددة عن طريق تقليد خياراتهم الغذائية، فإننا نرى في خيارات أفراد عائلتنا وأصدقائنا ما يشبه الإذن أو تصريح المرور الغذائي لنا.
 
3- تضارب مواعيد لقاء الأصدقاء مع مواعيد النادي الرياضي: لا ضير في لقاء الأصدقاء بعد الخروج من النادي الرياضي واحتساء قهوة بالحليب مثلاً، لكن التضحية بصفوف الرياضة للقاء الأصدقاء سيؤثر سلبا في قوامنا، وتقول غيرون: إنه في إمكاننا أن نقترح على أصدقائنا اللقاء في موعد آخر، وإذا تعذر ذلك فعلينا أن نعوض عن النشاط الرياضي داخل النادي الذي لن نتمكن من القيام به بسبب اللقاء مع الأصدقاء، بتخصيص ربع ساعة صباحاً وأخرى بعد الظهر لممارسة المشي السريع، إضافة إلى التخفيف من الوجبات الخفيفة التي نأكلها خلال اليوم لنتمكن من تناول واحدة مع أصدقائنا من دون أن يزيد ذلك من مجمل وحداتنا اليومية، وهي تنصحنا أيضاً بالتخفيف من مجمل وحداتنا اليومية، بمحاولة إقناع الأصدقاء باللقاء في النادي الرياضي وممارسة الرياضة معاً، أو ممارسة المشي السريع معاً، ونكون بذلك قد وفقنا بين حياتنا الاجتماعية واحترامنا لمواعيد ممارسة الرياضة المهمة للحفاظ على وزن صحي.