إصدار الترجمة العربية لكتاب

إصدار الترجمة العربية لكتاب "الكنيسة الأرمنية" بقلم الكاثوليكوس آرام الأول

ثقافة

السبت، ٢٣ مايو ٢٠٢٠

صدر مؤخراً عن دار نشر كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس- أنطلياس- لبنان، الترجمة العربية لكتاب بعنوان "الكنيسة الأرمنية"، لمؤلفه كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا آرام الأول كيشيشيان، حيث أهدي الكتاب لـ"ذكرى المليون ونصف المليون شهيد ضحية الإبادة بحق الأرمن عام 1915 الذين انضموا الى مصاف القديسين في 23 نيسان 2015".

ويضم فهرس محتوى الكتاب الذي يقع في 265 صفحة من القطع الكبير، الفصول التالية: تاريخ طويل باختصار، التراتبية الكنسية وصنع القرار، أساسيات الايمان، روحانية غنية، النشاط الثقافي، النشاط الاجتماعي، الدور التربوي، الارتباط المسكوني، كنيسة الشعب، التحديات والأولويات. إضافة الى ملحقات: خريطة العالم المسيحي، وهيكليات صنع القرار، ومقرات الكاثوليكوسيات.

ويقول الكاثوليكوس آرام في مقدمته: "ليست غايتي تقديم التاريخ واللاهوت والليترجيا أو رسالة الكنيسة الأرمنية بشكل كامل، ولا أنوي إجراء تحقيق دقيق للحوادث الرئيسة والمظاهر المميزة لحياتها وفكرها وشهادتها، لكني سوف أسلط الضوء على المعالم المميزة للكنيسة الأرمنية التي تتضمن سلامة هويتها، وترسم دور رسالتها الخاصة في العالم المسيحي بوجه عام، وفي حياة الشعب الأرمني بوجه خاص. لذا فإن هذا الكتاب هو مدخل الى المسيحية الأرمنية، إنه يقدم نظرة شاملة لتاريخ الكنيسة الأرمنية وايمانها وشهادتها ويضع رؤية مستقبلية لها".

ويشير الكاثوليكوس الى أن الكتاب موجه للجميع على حد سواء، وغايته معرفة تاريخ الكنيسة الأرمنية ووضعها الراهن. الكتاب وصفي أكثر منه تحليلي، وهذا يحدد هدفه واسلوبه، ويركز كل فصل على سمة مميزة للكنيسة الأرمنية.

كما يعبر غبطته عن شكره وتقديره للمترجمة د. هوري عزيزيان، وللأب سامي حلاق اليسوعي، الذي راجع الترجمة لغوياً ولاهوتياً، وللمطران بطرس مرياتي لتوجيهاته واقتراحاته القيمة، والمطران جورج صليبا لملاحظاته على بعض المصطلحات اللاهوتية، وكذلك للسيدة نيرفا ناركيزيان التي أسهمت في نشر الكتاب.

من اللافت ما ذكره الكاثوليكوس عن علاقة الشباب بالكتاب والكنيسة قائلاً: "إني أتطلع بلهف الى اليوم الذي ستطلع شبيبتنا بنفسها على ماضي كنيستنا وحاضرها، وبل وأكثر من ذلك، عندما تشارك بنشاط في تجديد الكنيسة الأرمنية والشهادة لها".

واستعرض الكاثوليكوس في المقدمة مكانة الكنيسة الأرمنية في العالم المسيحي، وعائلات أو المجموعات الكنيسة الرئيسة، بالإضافة الى تفاصيل عن الكنيسة الأرمنية وتسمياتها.

في الفصل بعنوان "تاريخ طويل باختصار" يتناول المؤلف الفترات الأساسية لتاريخ الكنيسة الأرمنية، كما يشرح نشأة الكنيسة الأرمنية. وتحت عنوان فرعي "المسيحية دين الدولة" يوضح الكاثوليكوس الظروف التاريخية السياسية التي قادت أرمينيا لقبول المسيحية ديناً للدولة، مشيراً الى أن قبول المسيحية في أرمينيا رسمياً غيّر قدر الشعب الأرمني، ووضع أرمينيا على درب تاريخي جديد. وانتقل الى شرح "العصر الذهبي" للتاريخ الأرمني، ثم تناول مسألة "رفض مجمع خلقيدونيا" ونتائجه على حياة الشعب الأرمني والكنيسة الأرمنية.

لم يفت الكاثوليكوس توضيح الفترة الزمنية اللاحقة بعنوان "العرب في أرمينيا"، وتأسيس نمط خاص للتعايش بين الأرمن والعرب.

وتحت عنوان فرعي "تكوّن كيليكيا الأرمنية" يستفيض الكاثوليكوس بالحديث عن دور الكنيسة الأرمنية في كيليكيا في ضمان بقاء شعبها والمحافظة على وحدته الداخلية، معتبراً أن الشتات الأرمني هو استمرار لكيليكيا الأرمنية. ثم ينتقل للحديث عن الوضع بعد انهيار المملكة الأرمنية في كيليكيا تحت عنوان "فترة عدم الاستقرار والركود".

نلاحظ أن المؤلف حافظ على التسلسل الزمني، فقد ركز الكاثوليكوس على فترة الإبادة الأرمنية ودور الكنيسة في تلك الفترة الزمنية تحت عنوان "الإبادة الأرمنية"، ثم أوضح تحت عنوان "أرمينيا السوفيتية والشتات (المهجر) الأرمني" تفاصيل تلك الفترة الزمنية، ليصل الى "آمال ووعود جديدة" ليبين أن رحلة الايمان الطويلة للكنيسة الأرمنية استشهاداً في الحياة والموت، وقد تميزت رحلتها بروح الابداع والتجديد.

في الفصل الثاني يوضح الكاثوليكوس التراتبية الكنسية في الكنيسة الأرمنية ودرجاتها؛ من الكاثوليكوس والبطريرك والميتروبوليت والمطران والارشمندريت والكهنة والشماس.

وفي الفصل بعنوان "هيكليات صنع القرار"، يتم توضيح تطبيق النظام في صنع القرار في كاثوليكوسية كيليكيا والأبرشيات في ولايتها، من جمعية مملثي الشعب، والجمعية العمومية، والمجلس المركزي، ومجلس الأساقفة وغيرها.

لينتقل الى شرح الكراسي المقدسة التي تتمتع بسلطة كنسية في الكنيسة الأرمنية تحت عنوان: "الكراسي ذات السلطة الكنسية" وظروف نشأتها والعلاقات التي تحكمها.

استفاض الكاثوليكوس بشرح منابع إيمان الكنيسة الأرمنية في فصل "أساسيات الايمان"، فيما أوضح في الفصل التالي "روحانية غنية" عن الليترجيا التي تحتل مكانة مركزية في روحانية الكنيسة الأرمنية، والصلوات اليومية والخدمات والأعياد والكتب الليترجية، والأسرار، وسر الدرجات المقدسة. بالإضافة الى تعبيرات أخرى للروحانية مثل الميرون المقدس والصور وحجر الصليب، والموسيقا والأدوات الليترجية والتقويم الأرمني.

في الفصل الخاص بـ"النشاط الثقافي" اعتبر الكاثوليكوس أن الكنيسة الأرمنية هي مهد الثقافة الأرمنية، وتحدث عن ترجمة الكتاب المقدس وآباء الكنيسة، وتطرق الى الشخصيات الرئيسية في الأدب الأرمني القديم، والمساهمة في فن الرسم والطباعة والموسيقا، حيث أكد أن الكنيسة قامت خلال القرون بحماية الثقافة الأرمنية وعززتها بشدة في كل مجالاتها وابعادها.

أما في الفصل بعنوان "النشاط الاجتماعي" تطرق الكاثوليكوس الى الملامح المميزة لدياكونيا الكنيسة، والشتات الأرمني مركز الدياكونيا الكنيسة. وقد تناول بعض مجالات دياكونيا الكنيسة ضمن النشاط الاجتماعي الذي يبقى اهتماماً رئيسياً ووجودياً في الكنيسة الأرمنية.

في الفصل بعنوان "الدور التربوي" اعتبر الكاثوليكوس أن التربية جانب مهم من الدعوة الإرسالية للكنيسة الأرمنية، ويسرد تفاصيل عن مراكز التربية كالأديرة، والمدارس، والتعليم المسيحي.

وتناول الكاثوليكوس في الفصل "الارتباط المسكوني" العلاقات بالكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والعلاقات بالكنائس الأرثوذكسية (البيزنطية)، والعلاقات بالكنيسة الكاثوليكية، والعلاقة بالاتحاد الأنجليكاني، والعلاقة بالكنائس البروتستانتية، وكذلك المشاركة في المجالس المسكونية والحوارات اللاهوتية الثنائية. ثم تحدث عن التعاون مع الكنائس الكاثوليكية والانجيلية الأرمنية، وكذلك العلاقات مع الإسلام.

في الفصل بعنوان "كنيسة الشعب"، يتوقف المؤلف أمام قضية ترسيخ المسيحية، ويؤكد أن الكنيسة عامل للتوحيد معتبراً أن الكنيسة الأرمنية دعيت لحماية التماسك الداخلي للأمة الأرمنية وللعمل كجسر بين أرمينيا والشتات، وبين الأرمن في الشتات. ثم يطرح الكاثوليكوس قضية الدور القيادي للكنيسة، والعلاقات بين الكنيسة والدولة تاريخياً وراهناً.

أما تحت عنوان "التحديات والأولويات" فيعوّل غبطته على التجديد في كل مجالات الكنيسة والذي يجب أن يكون موجهاً بالتفكير والعمل، مؤكداً أن الكنيسة الأرمنية لن تحقق تجديداً جاداً إلا من خلال جهد عام وجماعي.

كما يتطرق الى اللاهوت المناسب، الذي يجب أن يخلق تفاعلاً ديناميكياً، وكذلك الى الالتزام الرعوي الديناميكي، والخدمة الروحانية النشيطة.

ويركز الكاثوليكوس على إعادة تحديد الهوية الوطنية للكنيسة الأرمنية، ويرى أن تجديد الكنيسة الأرمنية هو ضرورة ملحة، حيث قال: "نحن لم نعد كنيسة محلية ومجتمعنا متجانساً، نحن الآن كنيسة وأمة بدون حدود.. إن طرقنا في الحياة أصبحت متنوعة كثيراً، وتقاليدنا وقيمنا، التي تؤكد الى حد كبير على هويتنا الوطنية والكنسية والثقافية بدأ تتغير، نحن بالفعل نختبر نقلة نوعية"، معتبراً أنه لم يعد ممكناً المحافظة على الطريقة القديمة، وأن التحدي هو أن تكون الكنيسة كنيسة في خضم تعقيدات العالم. ولفت الى أن الكنيسة الأرمنية يجب أن تجابه هذا التحدي بشكل جدي ويجب أن تستجيب لحتمية التجديد بكل جرأة ومسؤولية.

لابد من الإشارة الى أن كتاب "الكنيسة الأرمنية" صدر باللغات الانكليزية والفرنسية والفارسية والروسية.

وصاحب الغبطة في رصيده عشرات الكتب والأبحاث، وقد عرف بغزارة إنتاجية عالية، باللغات الأجنبية إضافة الى اللغة الأرمنية، حول مواضيع كنسية ولاهوتية ووطنية وتربوية وإجتماعية.

شغل منصب رئيس اللجان المركزية والتنفيذية لمجلس الكنائس العالمي بين 1991-2005، ورئيساً لمجلس كنائس الشرق الأوسط بين 2006-2016.

ومن خلال محاضراته ومشاركاته في المؤتمرات لعب دوراً بارزاً في تفعيل الحوار الإسلامي-المسيحي، وتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات والثقافات.

عن موقع أزتاك العربي