"أستانا 12" حلول عسكرية تلوح في الأفق

"أستانا 12" حلول عسكرية تلوح في الأفق

أخبار سورية

الأحد، ٢٨ أبريل ٢٠١٩

جاء اجتماع أستانا في العاصمة الكازاخية "نور سلطان" نهاية الأسبوع الفائت وسط ضياع في الرؤية، واختلاف في الأهداف بالنسبة لمستقبل سوريا، وبالرغم من أن جميع الأطراف ذهبت إلى كازاخستان لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، والجلوس على طاولة حوار واحدة إلا أن مجموعة من العراقيل والعقبات من قبل بعض الوفود المشاركة والوقائع على الأرض السورية، حالت دون الوصول إلى النتائج المرجوة من الجولة "12" من محادثات أستانا، حيث بقيت قضايا تشكيل اللجنة الدستورية والمعتقلين والوضع في إدلب معلّقة إلى أجل غير مسمى.
 
تركيا والبحث عن حصة الأسد
 
كنا ننتظر حلولاً جذرية بالنسبة للملفين السابقين خاصة وأن الاجتماع في وقت تم الإعلان فيه عن القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا إلا أن تهديد الجانب التركي بالقيام بعملية عسكرية في وقت قريب لإنهاء سيطرة الوحدات الكردية على شرقي الفرات ومنبج، وتأمين الحدود السورية التركية، عقّد الأوضاع، وخلط الأوراق في اجتماع أستانا، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، حيث تحاول تركيا الحصول على أكبر مكاسب ممكنة قبل الوصول إلى حل سياسي في سوريا، فهي تحاول عزل عفرين وإقامة جدار إسمنتِيّ يمتد لأكثر من سبعمئة كيلومتر لعزلها، فضلاً عمّا يجري في محافظة إدلب نفسها من تنسيق مع هيئة تحرير الشام/النصرة وبقايا مرتزقة الجيش الحر، حيث تخطط أنقرة لاجتياح منطقة شرق الفرات.
 
على الجانب السياسي لم يحمل الوفد التركي الذي ترأّسه مساعد وزير الخارجية سادات أونال تفويضاً لحسم مسألة تنفيذ "اتفاق سوتشي"، ولم يخرج عن المراوغة في الحديث عن صعوبة الوضع هناك، مع الالتزام بتنفيذ الاتفاق وتنشيط مركز العمل الثلاثي الروسي الإيراني التركي المتعلق بمنطقة خفض التصعيد.
 
روسيا غاضبة
 
روسيا لا تبدو راضية إطلاقاً عن السياسة التي تتبعها تركيا في مسار "أستانا" وتجد أن تركيا تراوغ قدر الإمكان لإطالة عمر الأزمة حتى تجد حلًّا لملف الأكراد وملف إدلب يناسب تطلعاتها وأهدافها في سوريا، حيث تنتظر تركيا أن تُنشئ أمريكا منطقة آمنة في الشمال السوري تكون خالية من قوات "قسد".
 
وترى روسيا أن الجانب التركي فشل في القضاء على الإرهاب والالتزام بما تم الاتفاق عليه في سوتشي وهو القضاء على جبهة النصرة والجماعات المرتبطة بها، وأبدى ممثّل الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ​ألكسندر لافرينتيف​ الّذي شارك في المحادثات، امتعاضه من الموقف التركي، وقال: "إنّه لا يمكن أن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار مع الإرهابيين"، وشدّد على أنّ الحفاظ على حياة المدنيّين يُعتبر أولويّة، ومن هذا المنطلق يتمّ التخطيط لكلّ العمليّات في إدلب، وأكّد أنّ الغارات الجوية على ​محافظة إدلب​ تنفّذ لغرض القضاء على ​الجماعات الإرهابية​ حصراً، وتستهدف المتطرّفين والإرهابيّين الّذين تحصنّوا هناك.
 
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد امتعاض الروس من سياسة الأتراك في الملف السوري وقال يوم أمس: "إنه لا يستبعد شنّ عملية عسكرية شاملة في محافظة إدلب شمالي سوريا"، إلا أنه أشار إلى أن هذه العملية "ليست ملائمة الآن"، وأضاف الرئيس الروسي: إن على قوات بلاده، التي تدعم الجيش السوري، الاستمرار في المعركة ضد الإرهاب في إدلب، مؤكداً على ضرورة التفكير في المدنيين قبل اتخاذ قرار بشنّ هجوم شامل في إدلب.
 
الواضح أن صبر روسيا على الجماعات الإرهابية في إدلب نفد ولم تعد تستطيع تحمّل المماطلة التركية لإنهاء هذا الملف، ولذلك قد نشهد في القريب العاجل حملة واسعة من قبل الجيش السوري وحلفائه نحو إدلب لطيّ صفحة هذا الملف والوصول إلى حل سياسي.
 
من جانبه حمّل رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب البيان الختامي لاجتماع أستانا، تركيا مسؤولية الأوضاع التي يشهدها الشمال السوري، من خلال دعمها للإرهاب في تلك المنطقة على حدّ وصفه، مضيفاً أن الحصار الذي تقوم فيه أمريكا على سوريا هو نوع من أنواع الإرهاب.
 
البيان الختامي
 
لم يكن البيان الختامي لاجتماعات أستانا عند حسن ظنّ الشارع السوري الذي أرهقته الحرب طوال الـ 8 سنوات الماضية وبدأ يبحث عن حل سياسي جذري لأزمة بلاده سواء من قبل المعارضة أم الموالاة، حيث كرّر البيان الختامي مواقف سابقة حول الالتزام بوحدة ​الأراضي السورية​، ورفض أي محاولات لخلق حقائق جديدة على الأرض بذريعة ​مكافحة الإرهاب​، والتصدّي لمخطّطات انفصاليّة تهدف إلى تقويض سيادة ​سوريا​ ووحدة أراضيها، والأمن القومي لدول الجوار، واقتصر جديد الاجتماعات على إدانة اعتراف ​أمريكا بسيادة "​إسرائيل"​ على ​الجولان​ المحتل.
 
وكان من المفترض أن يقوم المبعوث الدولي "غير بيدرسون" الذي يحضر المباحثات لأول مرة، بإعلان أسماء أعضاء اللجنة الدستورية الـ (150)، بعد أن انتشرت أخبار حول التوافُق على قائمة ممثلي المجتمع المدني، التي كانت موضِع خلاف إثر محاولة أطراف غربية وعربية، زجّ بعض الأسماء المُستفِزة لا علاقة لها بالمجتمع المدني السوري، إلا أنه وضمن الاجتماعات تباينت مواقف قيادات المعارضة حول الشخصيات الّتي يمكن أن تتمثّل، وطالبت أنقرة بتمثيل واسع لـ"الاخوان المسلمين" ما أثار حفيظة دمشق وبعض قوى المعارضة، وبالنسبة للمجتمع المدني وتمثيله فقد صدمت الأمم المتحدة المكلفة بتشكيل اللجنة بمواقف رافضة للأسماء الّتي تمّ اختيارها، ما استدعى تأجيل البتّ في تشكيل اللجنة الدستورية حتّى شهر حزيران أو تموز، بعد إجراء مشاورات بين مختلف الجهات والمبعوث الأممي إلى سوريا "غير بيدرسون" في جنيف.