ســورية منبـع للـورود في العالـم ... أيـن نحـن مـن صناعـة الـورود التـي تشـكل عمـاداً حقيقيـاً للاقتصـاد...؟

ســورية منبـع للـورود في العالـم ... أيـن نحـن مـن صناعـة الـورود التـي تشـكل عمـاداً حقيقيـاً للاقتصـاد...؟

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ يونيو ٢٠١٩

الورود تلك اللغة الأرقى التي تصف مشاعر شكرنا أو محبتنا للآخر بطريقة تعجز عنها الكلمات، كما أنها تشكل بالنسبة للدول المنتجة للورود، وداعماً للاقتصاد الوطني لتلك الدول لأنها تؤمن مبالغ مالية ضخمة تصل في بعض الأحيان إلى نصف الميزانية العامة.
هذا لا يعني أن صناعة الورد الطبيعي لا تصيبها النكسات، والظروف الصعبة فربما تكون أصعب النواحي التي تعاني منها الدول المصدرة للورود نقلها لمسافات بعيدة, كذلك التنافس الدولي فيمن يحقق السبق، لكن مع ذلك تبقى الورود مساهماً أساسياً في الاقتصاد.
 
وفي لقاء مع الوكيل العلمي السابق لجامعة دمشق والدكتور في الهندسة الزراعية نبيل البطل قدم إضاءات قد تحمل في طياتها الكثير من الاستغراب لمن لا يعرف القيمة الحقيقية التي يمكن أن تقدمها الورود عندما ذكر أن هولندا وهي الأولى في العالم في زراعة وإنتاج وتصدير الورود تجني سنويا من تصدير الورود أكثر مما يجنيه الوطن العربي مجتمعا وتتبعها العديد من دول أوربا والنمور الآسيوية السبعة وكولومبيا والإكوادور وكينيا وإثيوبيا وماليزيا وبلجيكا.
ولفت البطل إلى أن الله حبا سورية بأن تكون موطنا أصيلا للورود ولا يعوزها إلا أن توليها الرعاية والاهتمام اللازمين حتى تغدو عاملا اقتصاديا رافعا للاقتصاد الوطني.
 
مديرية الإنتاج النباتي
أما المهندس عبد المعين قضماني مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومعاونه المهندس محمود الوادي فقد أكدا على أصالة سورية في هذا المضمار حتى إن اسم (داما روزا) هو الاسم العلمي للورود في كل أنحاء العالم وقد قدما معلومات عن أبرز المناطق التي باتت تنتشر فيها زراعة الوردة الدمشقية وخاصة منطقة المراح التي ترتفع 1500م عن سطح البحر وعرنة وحلب.
وأشار إلى سهولة زراعة الوردة الدمشقية ومدى مقاومتها للآفات الزراعية وتحملها للبرودة والجفاف والكلس خاصة أن في سورية مناطق كلسية شاسعة ولم يخفيا المشكلة الحقيقية فيها وهي القطاف الذي يجب أن يتم خلال خمسة عشر يوما.
وذكر المهندس محمود أن وزارة الزراعة أولت الاهتمام بالوردة الدمشقية وكانت الانطلاقة منذ عام 2011 بحلب وبعض المناطق المحيطة بها وتم التوسع إلى حمص وحماة والسويداء ودرعا, وقد تم توزيع غراس مجانية على الفلاحين الراغبين بزراعتها كما تم تأسيس مراكز أمهات غراس ومراكز إنتاج للوردة الدمشقية في طرطوس واللاذقية وحمص وحماة وريف دمشق والسويداء ودرعا وأنه يتم من خلال تلك المراكز استنباط أفضل السلالات سواء من جهة الإنتاج أو تحمل الظروف البيئية وخاصة أن الوردة الدمشقية سفيرتنا للعالم بعد أن حافظت على أصولها حتى الآن.
 
خطة وزارة الزراعة للعام الحالي
ذكر الوادي أنه تم إنتاج 21000 غرسة للوردة الدمشقية مع إقامة بساتين أمت في عدة محافظات وتم استصلاح 492 هكتارا وهي في طور التوسع وتقوم الوزارة حاليا بإعداد برنامج وطني لتطوير زراعة وإنتاج الوردة الدمشقية.
ولفت إلى أن الوزارة اقترحت على المصرف الزراعي إدراجها ضمن جدول التمويل كقروض تبدأ من استصلاح الأرض وحفر الآبار وصولا للإنتاج.
سورية منبع للورود في العالم
تحيط الورود بدمشق منذ سنين طوال فالغوطة التي بقيت لأمد قريب تزين دمشق بطوق متكامل حولها مافتئت تعبق بالورود بكافة أنواعها ولشدة جمال الورد فيها أخذ الرومان القدماء من تلك الأنواع إلى روما ومنها وإلى كل أوروبا.
للورد الدمشقي تاريخ طويل مع السفوح الجبلية السورية خاصة مناطق شمال دمشق في جبال القلمون وتعتبر قرية المراح هي عاصمة الورد الدمشقي, ويتحدث المزارع محمد حسين البيطار عن وجود أكثر من 2500 دونم من أراضي القرية مزروعة بعدة أنواع من الورد الدمشقي ذي الألوان المتنوعة كالزهري والأحمر والأحمر الفاقع والأبيض.
وأشار إلى وجود أكثر من 500 مزارع في القرية يعملون على زراعة الورود وتشكل لهم مصدرا مهما للرزق، إذ يقومون ببيعها في أماكن متنوعة لكنهم يعانون من صعوبة القطاف وخاصة أن المدة الزمنية لذلك لا تتعدى برأيه العشرة أيام.
دمشق والورد الجوري 
الوردة الدمشقية واحدة من أقدم نباتات الزينة حيث تستطيع أن تبقى تعبق بالروائح العطرة والحياة لفترة طويلة وهذه ميزات حباها الله بها، وخواصها الجمالية كثيرة، فالوردة الدمشقية برأي المهندس الوادي من أبرز أنواع الزراعات النباتية في سوريّة، إذ تحمل في مظهرها وطياتها التعبيرية خليطاً من مشاعر السكينة والأمل والتأمل والاعتزاز بالنفس، وترمز الوردة الدمشقية للمشاعر الصادقة والنبل والحب. وتعد المادة الأساسية للعطور النفيسة في كافة أنحاء العالم.
ولأن سورية غنية بتضاريسها ومناخاتها التي تعشقها الوردة الجورية فإننا نجدها في مدينة النيرب في محافظة حلب واحدة من أكثر المدن زراعةً للورد الجوريّ التي تعبق أراضيها بأطيب الروائح العطرة ويتم تصديره خاصةً إلى الشركات الفرنسيّة التي تعنى بصناعة أفخر أنواع العطور.
مقاربة بسيطة
وفي مقاربة بسيطة نجد أنه من المؤسف أن أرض موطن الورود لم تعد هكذا وباتت سورية تستسهل استبدال الورد الطبيعي بالصناعي بدلاً من إعادة إحياء هذه الصناعة المهمة بعد سنوات عجاف.
وتعد الأراضي السورية بحسب محمد فتال وهو صاحب مشتل للورود من أفضل الدول التي يمكن أن تنبت فيها الورود بفضل مناخها المعتدل ورخص العمالة فيها.
ويؤكد فتال أن أكثر من ألف مشتل توقفت عن العمل في محيط دمشق بسبب الظروف التي مرت بها المنطقة، وهو يأمل أن تعود هذه الصناعة لألقها ولمعانها لأنها مصدر لمعيشة الكثير من العائلات السورية.
حسابات بسيطة
من خلال حسابات بسيطة للمبلغ الكبير الذي تجنيه دولة صغيرة مثل هولندا مع المبلغ الزهيد الذي تجنيه سورية من صناعة الورود، 
ونأمل من الخطة الوطنية التي تعمل وزارة الزراعة على إطلاقها أن تحمل في طياتها ما يدعم هذه الزراعة المهمة التي يمكن أن تشكل عمادا حقيقيا للاقتصاد السوري فيما لو أحسن استخدامه وأعيد لهذه الصناعة القها الغابر.
موسى الشماس-الثورة