وسـائل النقل من وإلى المدارس .. عبء مادي وقلق لأولياء الأمور

وسـائل النقل من وإلى المدارس .. عبء مادي وقلق لأولياء الأمور

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩

إلهام العطار:
في أقل من دقيقة اجتمع أهالي الحي حول ذلك الطالب في الصف الثاني المسجى على الأرض والدم يملأ وجهه وشعره و«صدريته» و«فولاره» وحقيبته المدرسية، البعض منهم حاول تحريكه للتأكد من أنه مات أم لا يزال على قيد الحياة، بينما ركض آخرون وراء الباص لإيقافه وإخبار سائقه أن هناك طالباً قد سقط من باب باصه الذي ركنه جانباً وبدأ يركض باتجاه الطفل ويصيح بأنه لم يرَه ولم ينتبه لحظة سقوطه في موقف يصح أن يقال فيه وبكل حدة «عذر أقبح من ذنب».
أمام ذلك المشهد الذي سيطر بصورته المؤلمة على مشاعر أهل الحي ولاسيما الأمهات منهم، تكاثرت الأسئلة ودارت حول من يتحمل مسؤولية حوادث كهذه في رحلة مدرسية طويلة تمتد عاماً دراسياً كاملاً، لماذا لايتم اتخاذ اجراءات صارمة من قبل وزارة التربية وشرطة المرور وجميع المعنيين بحق سائقي الـ«باصات» والـ«سرافيس» في حال عدم وجود مشرفة في الـ«باص» الذي يزين الواجهة والبلّور الخلفي بعبارة: انتبه مدارس، وهو يطير بسرعة تجعل الطلاب يتمايلون كالألعاب الراقصة داخل المركبة، وسط الدعوات بعودتهم سالمين غانمين من أهاليهم الذين يعانون الخوف ويعتريهم القلق مع كل دقيقة تأخير في الذهاب والإياب إضافة إلى تحملهم العبء المادي سواء كان أولادهم في المدارس العامة أو الخاصة أو المستولى عليها؟
معاناة يومية
أمان، انتباه، قيادة رزينة وسائق متزن، ومقعد مريح، وغيرها من الأمور التي تتعلق بالسلامة العامة، هي جل ما نطلبه ممن تصدوا لمسألة توصيل الطلاب من وإلى المدرسة في القطاعين العام والخاص، كلمات اختصرت بها المهندسة ريم الشمندي هواجس وقلق الأهالي الذين يضطرون لوضع أبنائهم في باصات أو سيارات عامة لأسباب متعددة أهمها عمر الطالب وبعد المدرسة عن البيت والتزام الأب والأم بالعمل وعدم قدرتهم على اصطحاب أبنائهم من وإلى المدرسة، وتساءلت: هل يعقل أن نضع أولادنا في مدارس خاصة تطلب أقساطاً بمئات الألوف وتتعاقد مع باصات من سنة الستينيات؟
تساؤل كررته السيدة أم زين التي طالبت بدورها المدارس الخاصة بضرورة توفير نقل مريح لأبنائهم والتشديد على وجود مشرفة مؤهلة قادرة على التعامل مع الأطفال وإضفاء جو تفاعلي داخل الـ«باص» يتناسون معه مشكلة الازدحام وعدم وجود مكيف، ومما اقترحته تزويد الـ«باصات» بكاميرات يمكن العودة إليها عند حدوث أي طارئ.
رأي زادت عليه الدكتورة غالية مفرج بقولها: على إدارة المدارس أخذ ملاحظات الأهالي بشأن النقل على محمل الجد وأهمها تنفيذ البند الوارد في الترخيص الذي يسمح للمدارس الخاصة باستقدام وسائط نقل خاصة بها، ولكن الذي يحدث على أرض الواقع أن المدارس تتعاقد مع «سرافيس» أو «باصات» عادية وهو أمر مزعج لأولياء الأمور ويسبب الازدحام على الطرقات، وأعتقد أن ضبط هذه الخروقات يقع على عاتق الوزارة وشرطة المرور.
في كل يوم يزداد تأففه من تأخر باص المدرسة ولذلك فقد قرر المهندس إياد السهوي توصيلهم بنفسه في الأيام الأولى من العام الدراسي، وعن تلك المعاناة يقول: أولادي يدرسون في إحدى المدارس المستولى عليها، قسط المدرسة لا يتجاوز الأربعين ألفاً بينما أجرة الـ«باص» وهو «سرفيس» عادي تتجاوز السبعين ألفاً في العام، ناهيك بجهل السائقين بقوانين السير.
أولادي صف خامس وثاني ابتدائي في إحدى المدارس العامة، ونظراً لطبيعة عملي وعمل والدتهم كموظفين، اتفقت وعدد من الأمهات وتعاقدنا مع سائق سيارة خاصة ليطمئن قلبي عليهم في رحلة الذهاب والإياب من المدرسة ومع ذلك وبرغم أنني أدفع ضعف أجرة الـ«باص» العادي أو الـ«سرفيس» لا أشعر بالراحة لأن السمة العامة للسائق السرعة والتأخير وخاصة عند العودة من المدرسة لارتباطه بأكثر من عمل، وتقول أم عصام: لماذا لا تقوم المدارس العامة بالتعاقد مع باصات لمن يرغب من الطلبة فذلك أمر يحقق الراحة للأهل.
في المدارس العامة دورنا إنساني
المرشدة الاجتماعية نسرين حسن ولدى سؤالها عن أسباب الحوادث التي تقع في الباصات المدرسية ردت ذلك إلى رعونة البعض من السائقين لعدم شعورهم بالرقابة عليهم من الأهل والمعنيين، أضف إلى تصرفات الطلاب وبخاصة في الـ«باصات» التي تنقل طلاب المدارس العامة حيث تكون الأعمار متفاوتة، ولا توجد مشرفة، ولا ننسى بالطبع طرقاتنا والسائقين الذين لا يأبهون إلى أن الذي أمامهم هو «باص» نقل طلاب، وأضافت: السرعة الزائدة وكثرة عدد الطلاب في الباص وصوت السائق وهو يصرخ في وجه الطلاب بسبب تأخرهم دقائق وغيرها عوامل قد تسبب نفور الطالب من المدرسة.
من جهتها مديرة إحدى المدارس العامة استغربت قبول البعض من الأهالي وضع أبنائهم في باصات قديمة ومع سائقين لا يمتلكون الوعي الكافي للتعامل مع الأطفال ويقودون بسرعة زائدة بسبب تعاقدهم مع أكثر من مدرسة وروضة، ولفتت إلى أن الإدارة والكادر التدريسي تنحصر مهمتهم في التأكد من خلو أبواب المدرسة من الطلاب وكثيراً ما تقف المعلمات مع تلاميذهن حتى يأتي الـ«باص» أو السيارة وقد يعمدن إلى توجيه الملاحظات وحتى الاتصال بالأهل، وتابعت: نحن لا دور لنا في موضوع النقل سوى الدور الإنساني، وعن التأخير عن المدرسة والبيت أشارت المديرة إلى أن المدرسة تتعامل ضمن الأنظمة والقوانين أما الاهل فقد اقترحت عليهم العام الماضي في اجتماع أولياء الأمور إنشاء مجموعة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع السائق والمشرفة إن وجدت لمعرفة خط سير الرحلة وأسباب التأخير.
في الخاصة شروط.. ولكن!
«تشرين» حملت هموم الأهل وتساؤلاتهم وتواصلت مع المعنيين في وزارة التربية إذ أفاد مدير التعليم الخاص وائل محمد بأن الوزارة وحرصاً منها على سلامة أطفال المدارس وتلاميذ المؤسسات التعليمية الخاصة والمستولى عليها لدى نقلهم من بيوتهم وبالعكس وعدم تعريضهم لأي حوادث وضعت شروطاً يجب أن تتوافر في المشرفة وهي أن ترافق الأطفال أثناء النقل وتساعدهم على الصعود والنزول من المركبة بعد التأكد من وقوفها بشكل تام، كما ألزمت المشرفات إيصال الأطفال من وسيلة النقل إلى أبواب منازلهم أو تسليمهم لذويهم وعلى مسؤوليتهم في حال حدوث مكروه، وعدم السماح بنقل أي طفل أو تلميذ بوسائط نقل جماعية إلا عن طريق إدارة المدرسة وموافقة مديرية التربية أصولاً. أما بالنسبة للشروط المطلوب تنفيذها من قبل المشرفين التربويين على وسائط النقل فتتضمن أن يشرف المدير المندب على عملية نقل الأطفال بشكل يضمن السلامة، وتنظيم لائحة بأسماء المشتركين بالنقل وتنظيم البطاقات الحاملة لأسمائهم وعناوينهم بالتفصيل مع رقم الهاتف وذكر خط السيارة لتعليقها على صدر كل طالب والاتفاق مع الأهل على تحديد موقف ووقت ثابتين لاستلام الطفل. وتابع مدير التعليم الخاص وفيما يتعلق بوسائط النقل المستخدمة في المؤسسات التعليمية الخاصة فهناك عدد من الشروط الواجبة توافرها منها: تحديد لون برتقالي فاتح للسيارات العائدة لدور الحضانة والرياض، وضع لافتة على المركبة من الأمام والخلف تكتب عليها عبارة (انتبه، خاص بنقل الطلاب… توقف متكرر)، والمقاعد يجب أن تكون مغطاة بالإسفنج وخالية من البروزات والنتوءات التي تسبب أذى للطلاب، كما يجب تزويد وسائط النقل بحقيبة إسعاف أولية وجهاز إطفاء حريق والأدوات المساعدة على سلامة المركبة وأن تكون وسائل النقل نظيفة من الداخل والخارج من أي عبارات أو صور غير تربوية، وعدد الطلاب فيها يتناسب مع عدد المقاعد، وإلزام صاحب وسائط النقل بالتقدم بتقرير فني عن سلامة المركبة من كل النواحي موثق أصولاً، وختم مدير التعليم الخاص حديثه بذكر عدد من الشروط الواجب توافرها في السائق وهي أن يحمل إجازة سوق عمومي فئة /د/ ولديه خبرة لا تقل عن عشر سنوات، أن يكون حسن السلوك والسيرة مرفقاً بسجل عدلي حديث، ولائقاً صحياً مثبتاً بتقرير مصدق أصولاً ولا يقل عمره عن 30 سنة ولا يزيد على 50 سنة، وأن يلتزم بأنظمة المرور ويتعهد بأن سرعة مركبته لا تزيد على 40 كم في الساعة أثناء نقل الطلاب، ويلتزم بالوقوف على يمين الطريق أثناء صعود ونزول الطلبة بشكل لا يعوق حركة السير.
لنا كلمة
أخيراً نقول: وسائل النقل لطلبة المدارس العامة تتعلق مسؤوليتها بالأهل الذين لا حول لهم ولا قوة، وبضمير السائق الذي عليه أن يتعامل مع هؤلاء الطلبة كأولاد له حتى لو غابت عيون الرقابة عنه وبخاصة شرطة المرور المنتشرة في الشوارع، أما في المدارس الخاصة فمع رد مدير التعليم الخاص نجد – وكما هو الحال دائماً – أن أفضل ما يقال: القوانين موجودة.. ولكن العبرة في التطبيق.
تشرين