دعوة القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع ذات تمويل كبير.. تسرب العمالة في النسيج وأزمة زراعة القطن أهم المعوقات

دعوة القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع ذات تمويل كبير.. تسرب العمالة في النسيج وأزمة زراعة القطن أهم المعوقات

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ أكتوبر ٢٠١٩

سامي عيسى:
شكّل إصلاح القطاع العام الصناعي وتوفير متطلبات إعادة تأهيله تحدّياً مهماً خلال سنوات الحرب ولاسيما مع حجم التدمير الإرهابي الكبير الذي تعرض له هذا القطاع على جميع المستويات، وهو ما تطلب جهوداً حكومية نوعيّة لإعادة تأهيل المنشآت المدمرة، واستثمار الموارد المتاحة بالشكل الأمثل، وصولاً إلى استعادة المكانة المرموقة التي كانت تحتلها الصناعة السورية على مستوى العالم.
جهود مكثفة
ولما كان قطاع الغزل والنسيج من أهم القطاعات الاستراتيجية، ولاسيما مع تمتع الأقطان السورية بميزة تنافسية عالية، ووجود خبرة تراكمية في مجال الصناعات النسيجية يزيد عمرها على آلاف السنين، وفي إطار الخطوات المتخذة لتحفيز العملية الإنتاجية والتنموية، شهدت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية خلال الفترة الأخيرة جهوداً مكثفة لتطوير وتحديث شركات ومعامل النسيج القائمة، لتتمكن من إنتاج أقمشة بمواصفات تلبي حاجة السوق المحلية والعالمية، وتجاوز كل الآثار السلبية التي فرضتها الحرب وصولاً إلى الطاقات القصوى المتاحة التي تحقق العائد والريعية الاقتصادية المناسبة.
مدير عام المؤسسة العامة للصناعات النسيجية -الدكتور نضال عبد الفتاح أكد أن العام الحالي شهد خطوات مكثفة لتوظيف الطاقة الإنتاجية القصوى للمؤسسة، وتسويق كامل المنتج لمواجهة الحصار الاقتصادي ومعالجة المشكلات التي تعانيها ويأتي في مقدمتها: تسرب العمالة النوعية وصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج نتيجة الحصار الجائر المفروض على سورية وارتفاع الأسعار من جراء تأمينها بشكل غير مباشر عن طريق الوسطاء، إضافة إلى صعوبة تأمين الأقطان بالكميات والمواصفات المناسبة بسبب خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي كانت تعنى بإنتاج القطن.
خطوات نوعية
مشيراً إلى أن هذه الخطوات التي تم تنفيذها مكنت المؤسسة وشركاتها من زيادة الطاقات الإنتاجية والقيمة التسويقية، وتأمين حاجة السوق المحلية من السلع، إضافة إلى تأمين حاجة الجهات العامة والخاصة، وقد شهد العامان الأخيران خطوات نوعية لإعادة محصول القطن لموقعه الطبيعي على مستوى الزراعة والإنتاج والتصنيع، بكل حلقاته وتوفير المادة الخام لمعامل الحلج والغزل والنسيج والزيوت النباتية والأعلاف، حيث بلغت المساحة المزروعة 24589 هكتاراً للموسم الحالي مقارنة بـ 31 ألف هكتار في الموسم السابق، على التوازي مع قيام المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بتطوير قدراتها، وتحديث وتأهيل محالجها لتقوم بدورها في شراء واستلام القطن المحبوب وحلجه وتسويق الأقطان المحلوجة لتغطية كامل حاجات القطاعين العام والخاص، والبذور الزراعية للمؤسسة العامة لإكثار البذار والبذور الصناعية إلى شركات الزيوت، إضافة إلى إدارة المحالج وتأمين حسن استثمار إمكاناتها وقدراتها وتجهيزاتها بما يتناسب مع تطور زراعة القطن وزيادة إنتاجه.
عبد الفتاح أشار إلى ضرورة التنسيق والتعاون المستمرين بين الجهات ذات العلاقة للحصول على الأقطان بمواصفات عالية الجودة بدءاً من الحقل وحتى المحالج، والحصول على الدعم اللازم من الجهات المعنية لتنفيذ الخطط الاستثمارية بما يضمن استكمال استبدال وتجديد بقية الخطوط الإنتاجية القديمة وذلك بغية الحصول على منتج بجودة عالية ومنافسة للمساهمة في زيادة التنمية الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي، حسب تعبيره، إلى مساهمة المؤسسة في عملية الإصلاح الاقتصادي للقطاع العام، إضافة إلى دعوة القطاع الخاص للاستثمار بالمشاريع التي تحتاج تمويلاً كبيراً.
خسائر
ومع وصول حجم الخسائر الذي تعرض له قطاع الصناعات النسيجية إلى /203/ مليارات ليرة وتوقف /11/ شركة من أصل شركاته الـ/25/ عن العمل كان لابدّ من إعادة النظر في واقع الشركات المتوقفة عن العمل واقتراح آلية لإعادة استثمارها بالشكل الذي يدعم العملية الإنتاجية فتم حسب الدكتور عبد الفتاح تشكيل لجنة بخصوص ذلك توصلت بعد إجراء الدراسات اللازمة إلى اقتراح دمج عدد من الشركات التابعة للمؤسسة، على التوازي مع إقامة المجمعات الصناعية النسيجية المتكاملة التي تبدأ فيها العملية الإنتاجية من المراحل الأولى (الغزل) وانتهاء بالمنتج النهائي (ألبسة جاهزة، ألبسة داخلية…) حيث يمكن أن تحقق هذه المجمعات ريعية اقتصادية مهمة، من خلال جملة النشاطات المتكاملة التي تهدف إلى ممارستها، التي ستؤدي بالنتيجة إلى تخفيض تكاليف المنتجات والعمل بكفاءة عالية، وتخفيف الحلقات الوسيطة في تكاليف العمل لناحية المبيعات والعمالة، وانسياب المواد بين الأقسام الإنتاجية وصولاً إلى منتج نهائي قابل للتسويق والمنافسة لتحقيق قيمة مضافة عالية. الدعم الحكومي الذي يشهده قطاع الصناعات النسيجية هو جزء من متوالية دعم متكاملة تم العمل على تقديمها لتشجيع القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص، من خلال إصدار حزمة من التشريعات والقوانين التي ساهمت بشكل كبير في زيادة عدد المنشآت الصناعية التي توفر المنتجات الوطنية بجودة عالية وبسعر منافس، حيث وصل عدد المنشآت الصناعية التي دخلت العملية الإنتاجية إلى 82179 منشأة صناعية للقطاع الخاص، كما تم إقلاع 17 شركة من شركات القطاع العام الصناعي التي كانت متوقفة عن العمل، رئيس مجلس الوزراء وخلال اجتماعه الأخير بالقائمين على المؤسسة العامة للصناعات النسيجية أكد أنه من غير المقبول الاستمرار في استنزاف المقدرات المادية والبشرية للمؤسسة خارج إطار دعم الاقتصاد المحلي خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب على سورية التي تفرض تفعيل كل مفاصل الإنتاج والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، وهو ما يفرض على مجلس إدارة المؤسسة آلية عمل جديدة أكثر استراتيجية تمكنه من القيام بكل ما من شأنه النهوض بعمل الشركات التابعة للمؤسسة والتخلص من عقلية الموظف التقليدي عبر اجتراح الحلول النوعية للمشكلات التي تعترض المؤسسة، والسعي المستمر لتطويرها.
نتائج
وضمن هذا الإطار أوضح عبد الفتاح أنه تم خلال النصف الأول من العام الحالي تصريف حوالي تسعة مليارات ليرة من المخازين المتوافرة في الشركات التابعة، معظمها منتجات غزول قطنية حيث تم تصريف ما يقارب خمسة آلاف طن منها، علماً أن كميات المخزون المتوافرة في المستودعات تقدر بنحو 13.4 ألف طن، علماً أن قيمة الكميات المسوقة من الغزول تقدر بنحو ستة مليارات ليرة وبقية المبلغ لمخازين الأقمشة وغيرها.
وفيما يخص التسهيلات المطلوبة لصناعة الخيوط غير المنتجة محلياً من خلال وضع تصور لخطوط إنتاج جديدة أو إقامة مصانع بين عبد الفتاح أنه تم إدراج مشروع إضافة تجهيزات على آلات الغزل لإنتاج خيط «الكومباكت» بشركة خيوط اللاذقية ضمن الخطة الاستثمارية لعام 2020 حيث إن هذا الخيط غير متوافر محلياً، ويتم استيراده من الخارج، كما تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإدراج مشروع خط لإنتاج كنزات الصوف في شركة الشرق، إضافة إلى إدراج عدة مشاريع استثمارية ضمن الخطط الاستثمارية للشركات التابعة، أهمها عقد نول السجاد الصوفي الحديث لمعمل السجاد في السويداء ومشروع لتوريد خط لإنتاج الجينز في شركة نسيج اللاذقية ودراسة إمكانية إضافة التجهيزات اللازمة لمعمل الصوف للحصول على مادة اللانولين (شحم الصوف) المستخدمة في إنتاج مستحضرات تجميلية بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، استراتيجية الحكومة لزيادة الطاقات الإنتاجية في مختلف المجالات الصناعية لتلبية حاجة الجهات العامة بالدرجة الأولى والسوق المحلية بالدرجة الثانية يتطلب تكاتف الجهود لإعطاء المؤسسة العامة للصناعات النسيجية المرونة الكافية والاستقلال المالي والإداري ضمن بيئة قانونية مناسبة يتيح لها صلاحيات واسعة ومرونة كبيرة في العمل فضلاً عن توفير ظروف العمل المناسبة التي تتيح الخروج من نمطية الإنتاج وتطوير صناعة النسيج بشكل عام، وإنتاج سلع جديدة ومتطورة تمكننا من استعادة الصدارة في الأسواق العالمية ودخول أسواق جديدة.
تشرين