بعد شهر من بدء العام الدراسي «التربية» تلغي استثناءاتها بتسجيل الطلاب في المدارس الخاصة!

بعد شهر من بدء العام الدراسي «التربية» تلغي استثناءاتها بتسجيل الطلاب في المدارس الخاصة!

أخبار سورية

السبت، ٥ أكتوبر ٢٠١٩

محمد النعسان:
وصل إلى صحيفة «تشرين» الكثير من الشكاوى والاتصالات تطالب بإيقاف القرار الصادر عن وزارة التربية رقم 4839/543 تاريخ 18/9/2019 القاضي بإلغاء الاستثناءات التي منحت لتسجيل الطلاب في المدارس الخاصة ونقلهم فجأة إلى المدارس العامة!
وينص القرار الصادر عن الوزارة:
1-يلغى العمل بالبلاغ الوزاري رقم 4611/543 تاريخ 12/9/2019 المتضمن (يمدد التفويض الممنوح للسادة مديري التربية بمنح الموافقة على تجاوز أعداد الطلبة في القاعة الصفية الواحدة بما لا يزيد على خمسة طلاب عند الضرورة، على ألا تدخل هذه الزيادة ضمن القدرة الاستيعابية للمؤسسة وذلك للعام الدراسي 2019-2020 وللمرة الأخيرة.
2-إبلاغ أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة العاملة لديكم بإلغاء كل الاستثناءات الوزارية الممنوحة لقبول الطلبة والتلاميذ في هذه المؤسسات, إضافة للعدد للعام الدراسي الحالي 2019-2020.
3-يستثنى أبناء الشهداء ومصابو الحرب من أحكام هذا التعميم.
4-يتم استيعاب جميع هؤلاء التلاميذ والطلبة في المدارس العامة أصولاً حسب الصفوف والمراحل الدراسية.
تداعيات القرار
هذا القرار الذي سبب بلبلة حقيقية وسط الأهالي والطلاب وحتى مديري المدارس العامة والخاصة، بعد أن تجاوزوا فعلياً مراحل النقل والتسجيل وأعباءه والمباشرة ليعودوا أدراجهم من جديد وكأن شيئاً لم يكن.!
إحدى الشكاوى التي وصلتنا تقول: لا أصدق أن السيد وزير التربية المعروف عنه محبته للطلاب وغيرته عليهم وعلى مستقبلهم أن يقبل بقرار كهذا بعد مضي شهر على دوام أبنائنا في المدارس وأيضاً بحاجة لشهر وأكثر ليتم نقلهم إلى مدارس عامة قد ترضى بهم أو لا ترضى!! ما سيضيع فصلاً دراسياً كاملاً من حياتهم، إضافة إلى جو دراسي جديد سينعكس سلباً عليهم، وعلى ما درسوه في مدرستهم السابقة.. وشكوى أخرى تقول:
هل فكرت الوزارة ومديرية التعليم الخاص ماذا سنفعل بما تم صرفه من أموال من جراء التسجيل واللباس والكتب والنقل وغيرها؟ وكيف سترضى أن نستعيدها بعد أن استهلك أولادنا تلك الخدمات؟ واتصال آخر يقول: هل هذا القرار هو ثمرة من ثمار نتائج مؤتمر التطوير التربوي الذي تابعناه جميعنا لمصلحة أبنائنا؟
وهل وجدت الوزارة من خلال مؤتمرها ومسيرتها التعليمية الطويلة والواقع الدراسي أن الأمور جميعها بخير ولا يشوبها إلا (الاستثناءات) لذلك قررت إلغاءها!! ثم ما دام الأمر كذلك، فلماذا بالأساس تم توريط الطلاب وأسرهم بإعطائهم استثناءات للتسجيل لماذا لم يدرس الأمر بجدية قبل إعطائها للمدارس الخاصة وقدرتها على الاستيعاب وعلى ضوء ذلك تم المنح؟ وهل يعقل أن يتحمل الطالب الذي هو بحاجة إلى ساعة من «السماء»، تقصير الوزارة بهذا المضمار ويدفع مستقبله ثمناً لذلك!!
ويهمس آخر: هل يعقل أن مدير التعليم الخاص الجديد في الوزارة، أراد أن يحقق نتيجة باهرة في عمله، فخرج بهذه الفكرة ليتم عرضها بقرار وزاري.. تسجل له مستقبلاً!! وقامت تشرين بعد ذلك، بجولة موسعة شملت العديد من المدارس الخاصة والعامة، فكان الإجماع من الإدارات والأساتذة والطلاب بأن القرار مجحف للجميع ولا أحد راضياً به من قريب ولا من بعيد.
هكذا بررت
نخاطب بدورنا وزير التربية، للاستماع لرؤية الوزارة بتصدير قرار كهذا وأسبابه وموجباته، ليأتينا الرد خطياً خلال ساعات من مديرية التعليم الخاص عبر مديرية المكتب الصحفي في الوزارة مكتوباً فيه حرفياً.. بشأن الشكاوى الواردة إلى صحيفة تشرين التي تتعلق بإلغاء الاستثناءات، فإنها جاءت نتيجة للجولات التي وجه بها وزير التربية منذ اليوم الأول لبدء العام الدراسي، حيث قامت مديرية التعليم الخاص بجولات على المدارس الخاصة حتى بلغ عدد المدارس التي تمت زيارتها حوالي خمسين مدرسة في دمشق وريفها، وتبين نتيجة هذه الجولات والتقارير التي وصلت إلى الوزارة من جميع مديريات التربية حول واقع انطلاق العام الدراسي، الأعداد الكبيرة للطلاب في القاعات الصفية في المدارس الخاصة وفي بعض هذه المدارس، لوحظ ارتفاع الكثافة الصفية، حتى أصبحت تفوق الكثافة الصفية في المدارس العامة. وهذا يشكل تهديداً لحسن سير العملية التعليمية في المدارس الخاصة، وهذا الأمر لن تدرك الأسر نتائجه السلبية إلا في نهاية العام الدراسي، إضافة إلى أنه تبين للوزارة أن بعض أصحاب المدارس الخاصة استثمروا منح الاستثناءات، ما دفعهم لمنح وثائق لا مانع للطلاب بعد موافقة الوزير حتى بلغ عدد الاستثناءات في مدرسة واحدة أكثر من (150 طالباً)، وسبب كل ذلك تحقيق أرباح مادية أعلى وإن كان على حساب الجودة التعليمية المنتظرة من المؤسسات الخاصة، ما دفع وزارة التربية بعد مضي الأسبوع الثاني إلى إصدار هذا القرار، لكنها أعطت فرصة للطلاب حتى يستكملوا إجراءات النقل، وتؤكد الوزارة حرصها الشديد على مستقبل أبنائها الطلاب أينما وجدوا، لذا جاء هذا القرار فقط للطلاب الذين هم فوق القدرة الاستيعابية ولأن هذه الاستثناءات منحت لعام واحد فقط.
تساؤلات!!
ونحن بدورنا تراودنا عدّة استفسارات: هل يعقل هذا الجواب وأسبابه العادية توازي مايحصل من ردات الفعل لآلاف الأسر والطلاب ومديري المدارس العامة والخاصة من جراء ذاك القرار الصادم بحق أبنائهم وقلقهم الكبير؟!
وإن كان الحال كذلك، فلمَ بالأساس لم تتم دراسة واقع المدارس الخاصة وقدراتها الاستيعابية قبل إعطاء الاستثناءات!؟
وهل يعقل بعد أن التزام الطلاب بمدارسهم ودروسهم وزملائهم وبدؤوا يستعيدون توازنهم بعد معاناة النقل والتسجيل وضمان أمورهم الدراسية، أن نلغي كل ذلك، بل ونحمِّلهم مسؤولية تبعات الاستيعاب ونتائج جولات متأخرة لنعيدهم أشواطاً إلى الخلف!!
الأمر الآخر، ألم يتسنَّ لمديريات التربية في المحافظات أن تقدم تقاريرها إلا أثناء دوام الطلاب والعملية التدريسية، لتشرح عبرها الكثافة الصفية وتأثيراتها السلبية!! وهل تنتظر مديرية التعليم الخاص أسبوعين حتى تقوم بجولاتها التي انعكست سلباً على الطلاب. كذلك هل تقبل الوزارة فعلياً أن تخفف من كثافة صفوف المؤسسات الخاصة، لتنقلها إلى صفوف المدارس العامة!! فما الفائدة إذاً من نقل طربوش هذا إلى ذلك!! ويقول الرد الوزاري: إن ذلك الضغط يسبب تهديداً لحسن سير العملية التربوية، وسؤالنا: نقل الطلاب من جديد وانشغالهم بذلك بعيداً عن دراستهم ومعاناتهم الجديدة بجو جديد وزملاء جدد وأسلوب جديد، ناهيك بقضايا أخرى معقدة، ألا تسبب تهديداً أكبر لطلابنا وأهاليهم!!
استثمار بالإستثناءات
كذلك يقول الرد: إن الوزارة رأت أن بعض أصحاب المدارس الخاصة استثمروا تلك الاستثناءات مادياً.. ونحن نتساءل: هل كان ليستطيع أحدنا، أن يسجل ولده في أي مدرسة خاصة لولا رضا الوزارة وقبولها؟! إذاً الوزارة على دراية بأن صاحب المدرسة جاءه رسم جديد، فلماذا لم تجد صيغة مناسبة فيما بينهم ما دام هذا الأمر لا يناسبها؟! أم إنها اختصرت الإحراج مع تلك المدارس لتضعه في «رأس» الطلاب المساكين الذين ابتلوا بقرار جديد ابتلاء حسناً!!
ونحن نريد تأكيد أمر مهم نضعه في هذا التقرير، ألا وهو بأن تطبيق هذا القرار اليوم، ستكون له منعكسات سلبية لا تحمد عقباها، وهذا ما ظهر من خلال جولاتنا على بعض المدارس الخاصة للاطلاع المباشر على تأثيره، وما سنوضحه بعد تطبيقه من نتائج لا ترضي أحداً.
ومن خلال جولاتنا شاهدنا ما لا يوصف من إحباط وتشاؤم وقلق من المجهول، بل واستغراب شديد إن كان من المديرين أو الأساتذة أو الطلاب!!
حتى إن بعض الطلاب قالوا إنهم لن يتقدموا لامتحانهم العام إن تم نقلهم، وبعض الطالبات قلن إنهن سيكملن دراستهن في منازلهن. علماً أن هؤلاء الطلاب من المتفوقين والمتميزين.
وآخرون قالوا: إن مدرستهم الخاصة خرّجت العديد من الأوائل على مستوى القطر وهي مدرسة مشهود لها بالكفاءة، ونحن على استعداد أن ندرس على الواقف بها طوال العام في سبيل حصولنا على معدلات تؤهلنا لدراسة ما نطمح إليه، فـ«القاضي راضي.. لا تاكلوا همنا!!
وتساءل مدرسون: هل تريد الوزارة أن تحرم هؤلاء الطلاب تحصيلاً عملياً جيداً بعد أن رتبت أمورهم, خاصة أن معظمهم دفع قسطه السنوي من عرقه ومعيشته ودمه كي يحقق ولده أفضل النتائج في مدرسته ولا يستطيع أن يحققها في مدرسة أخرى لظروف عدة والنتائج تؤكد ذلك كل عام. وأصحاب مدارس خاصة أكدوا لنا أنهم في موقف حرج لا يحسدون عليه ويؤثر على سمعتهم وسمعة مدرسيهم، وأكدوا لنا أنهم مستعدون لفعل أي شيء مقابل ألا يضيع مستقبل هؤلاء الطلبة بنقلهم من مكان لمكان خاصة في هذا الوقت. ونحن نقولها يا سيادة الوزير، وأنت المعروف عنك باجتهادك لإنجاح الواقع التربوي والتعليمي في سورية، من خلال جولاتك الحكومية في كل مكان ومتابعتك الحثيثة لأدق التفاصيل التي تخدم طلابنا ومدرسيهم نحو الأفضل، وهذا ما ظهر للجميع جلياً أثناء مؤتمر التطوير التربوي وما حمل من نتائج وتوصيات مهمة وتشكيلكم لجنة مختصة لمتابعتها وعرضها في العام القادم، ومن خلال تشاركية الإعلام مع التربية من أجل مصلحة طلابنا، نؤكد لسيادتكم بأن هذا القرار لا يرضي أحداً وستكون له منعكسات أكثر من الصدى الإيجابي الذي قد يحققه، لذلك نقترح أن يعد هذا القرار الصادر إنذاراً حقيقياً لكل من يفكر بالحصول على استثناء مستقبلاً.
وأن يكون هذا العام هو نهاية الاستثناءات في مجال التعليم، وأن تبقى الأمور كما هي على واقعها ما دام الجميع راضياً بما هو مكتوب له، وأن تتم الأمور الأخرى التي تراها الوزارة مناسبة مع المديرين أو المختصين لا أن تنعكس على الطلبة أو نغامر بهم لأننا سنوقع طلابنا في ورطة لا يعلم بها إلا الله ونحن واثقون أنكم لا ترضون بذلك مطلقاً وأن يتم التراجع عن القرار بطريقة مناسبة حيث يخدم الآلاف من الطلبة وعائلاتهم وأن يكون العام القادم هادئاً على الجميع من دون ضغوط.. ونحن نعلم أنكم لن تقصروا.
تشرين