القوى الكردية بعد «الطعنة» الأميركية: لا بدّ من دمشق...؟

القوى الكردية بعد «الطعنة» الأميركية: لا بدّ من دمشق...؟

أخبار سورية

الثلاثاء، ٨ أكتوبر ٢٠١٩

لم تمضِ أيام على صفع الولايات المتحدة لحلفائها الأكراد، عبر الترحيب بقرار تشكيل اللجنة الدستورية وعدم المطالبة بتمثيلهم فيها، حتى جاء قرار واشنطن الأخير ليضع مسيرة التحالف مع القوى الكردية على مفترق طرق، قد ينتهي بتخلٍ أميركي كامل عنها. هكذا، حسمت الولايات المتحدة موقفها من «المنطقة الآمنة»، بعد اتصال دونالد ترامب ــ رجب طيب أردوغان، عبر الانسحاب من كامل نقاط المراقبة في منطقة تنفيذ «الآمنة»، لتكون هذه الخطوة بمثابة نعي أميركي رسمي للاتفاق.
جاء الموقف الأميركي بعد أقلّ من 48 ساعة من إعلان الرئيس التركي أن الهجوم على مواقع «قسد» في شرقي الفرات بات محسوماً، ولا رجعة فيه. وربما تكتفي واشنطن، هذه المرة، بقرار الانسحاب من أجزاء من الشريط الحدودي، من دون وجود قرار نهائي بالانسحاب من كامل الأراضي السورية. ولعلّ العودة إلى تغريدة الرئيس الأميركي الشهيرة، في الشهر الأخير من العام المنصرم، والتي أعلن فيها بدء الانسحاب من سوريا، قبل أن يتراجع بضغط من العسكريين وبعض المسؤولين في إدارته، تفيد في تصوّر ما قد تؤول إليه الأمور هذه المرة أيضاً، إذ قد يكون الانسحاب جزئياً فقط، وهذا لا يزال غير محسوم حتى اللحظة. وسعى ترامب، من خلال تغريدته الجديدة، أمس، إلى التأكيد أن وجهة نظره بشأن الانسحاب ثابتة، من خلال قوله إن «الانسحاب كان يجب أن يتم خلال 30 يوماً»، واعتباره أن «الوقت حان لنخرج من الحرب السخيفة».
وأمام عدم وضوح الرؤية الأميركية الكاملة بخصوص الانسحاب، وعدم الكشف عن طبيعته أو أي جدول زمني في شأنه، وإزاء تصريحات من «الكونغرس» و«البنتاغون» تشي بتوافقهما على رؤية معاكسة لرؤية ترامب، ترتفع احتمالات أن يتشكل ترتيب جديد تنتج عنه خريطة انتشار جديدة للقوات الأميركية في المنطقة، لا تفرّط في القوى الكردية بشكل كامل، ولا تستفزّ الأتراك. وفي هذا السياق، أكد مصدر مطّلع على التنسيق بين «قسد» والأميركيين، في حديث إلى «الأخبار»، أن قرار ترامب «جاء لاستيعاب الضغوط التركية، وثني أنقرة عن القيام بعملية عسكرية واسعة تستهدف كامل شرقي الفرات»، واستبعد المصدر أن «يشمل قرار الانسحاب كامل الأراضي السورية، لكونه يتضارب مع سياسة واشنطن الهادفة إلى تقويض نفوذ إيران في سوريا»، مضيفاً أن «القوات الأميركية ستكتفي بإعادة تموضع لقواتها، بشكل قد يسمح لتركيا بالسيطرة على مناطق حدودية محدودة».
وفي ظلّ التطورات الأخيرة، رفض رئيس «مجلس سوريا الديموقراطية»، رياض درار، في اتصال مع «الأخبار»، إعلان أي موقف من قرار الانسحاب، مكتفياً بأن «المجلس ينتظر توضيحات، لإبداء رأيه»، فيما أشار مصدر كردي آخر إلى أن «الكرد لا يزالون يعوّلون على موقف صارم من البنتاغون، لثني الرئيس ترامب عن قراره الأخير»، مؤكداً أن «قرار البيت الأبيض يحتاج إلى دعم العسكريين، وهو ما لم يحصل حتى الآن». وتوقع المصدر أن «تشهد الأيام المقبلة تغيراً في المشهد لصالح قسد». وعلى رغم أن ترامب قال إن «مسؤولية معتقلي داعش باتت بيد تركيا»، في ما فُهِمَ أنه تسليم ملف شرقي الفرات كاملاً للأتراك، إلا أنه يبدو أن القوى الكردية تريد استثمار ورقتَي معتقلي «داعش» وعوائلهم للضغط نحو الحصول على مواقف دولية، قد تمنع الأتراك من تنفيذ تهديداتهم.
ومع عدم وجود وقت كاف للقوى الكردية لإعادة ترتيب أوراقها، بعدما بات الانسحاب من جزء من الشريط الحدودي أمراً واقعاً، يُتوقّع أن تلجأ تلك القوى إلى موسكو، لمحاولة كسب قبول دمشق بالحوار من جديد. ولعلّ تلميح قيادة «قسد» إلى احتمال دخول الجيش السوري والقوات الروسية إلى مدينة منبج (غربي الفرات) هو محاولة من قِبَلها للإيحاء بنية العودة إلى تغليب التنسيق مع موسكو ودمشق، وهو ما يكاد يكون الخيار شبه الوحيد أمامها، مع انطلاق العملية التركية. إلا أن المحاولات الكردية قد لا تلقى آذاناً في دمشق، إذا لم تكن مرهونة بخطوات جدية. وفي هذا السياق، يؤكد مصدر في شرقي الفرات، على صلة بسياسيين سوريين رفيعي المستوى، أن «دمشق لا تثق بالقيادات الكردية»، وأن «كل اللقاءات مع قادة الكرد لم تثمر، وأدّت إلى إغلاق باب الحوار بسبب الشروط الكردية المرتفعة». كما اعتبر المصدر أن «الفرصة سانحة للقيادات الكردية لتسجيل موقف وطني يعيدهم إلى الحالة السورية الوطنية».