هل ستكون فكرة التقسيم بالتراضي دون إراقة الدماء الاحتمال الأمثل لمستقبل سورية وحلّ النزاع في الشام والعراق؟

هل ستكون فكرة التقسيم بالتراضي دون إراقة الدماء الاحتمال الأمثل لمستقبل سورية وحلّ النزاع في الشام والعراق؟

أخبار سورية

السبت، ١٢ أكتوبر ٢٠١٩

نتيجة بحث الصور عن القوات التركية وقسد
 
 
 
هناك حقائق تاريخية يصعب طمسها أو فرضها بالقوة، فلو أخذنا نظرة عامة، ولكن ثاقبة لتاريخ الشعب الكردي لوجدنا أنه تاريخ بسيط وسهل، ولو أردنا أن نقوم ببحث تاريخي علمي عنه، لما تطلب ذلك أكثر من بضع صفحات، حيث اتفق أغلب الباحثين على انتماء الأكراد إلى المجموعة الهندوأوروبية. فالأكراد شعب من الشعوب الإيرانية ومناطق وجودهم الأصلية هي في أصفهان وأذربيجان، كما يعتقد الأكراد أنهم ميديون وأنّ أمبراطوريتهم القديمة كان سمها ميديا. وكانت امبراطورية ميديا في فارس قد غزت العراق ودمرت نينوى وخرجت منها، لكنها لم تصل إلى الشام أبداً، وقد عاش الأكراد في كنف الإمبراطورية الفارسية كرعايا، و أثناء الفتوحات الإسلامية في فارس في عهد الفاروق عمر بدأت علاقتهم بالإسلام، خاصة عندما توالت الانتصارات الإسلامية على القوات الفارسية في معارك القادسية وجلولاء ونهوند فتح الفتوح ، وكان من نتائجها أن حدث احتكاك بين المسلمين الفاتحين وبين الأكراد، لا سيما بعد أن حرّرهم المسلمون من الأكاسرة الذين دمروا آخر ممالك إمبراطورية ميديا في عهد كسرى كورش الذي كان قد استعبدهم، لذلك فرّ الأكراد المسلمون بدينهم وأرواحهم إلى تركيا من بطش المغول والصفويين وعاشو في كنف السلاجقة، أي أنّ معظم أكراد سورية وافدون من خلف الحدود السورية ـ التركية. وفي زمن الاحتلال الفرنسي للشام عام 1925، قامت ثورة كردية بقيادة سعيد بيران في تركيا ضدّ حكم كمال أتاتورك الذي عمد إلى قمعها وتهجير كثير من الأكراد إلى سورية، حيث سكنوا على حدود تركيا وقامت فرنسا بمنحهم الجنسية السورية، ولم يتعامل السوريون حينها بعنصرية تجاههم بل استقبلوهم كإخوة فارين من الموت، فسورية ليست بلادهم الأصلية إنما حصلوا على الإقامة والجنسية والمواطنة الكاملة حالهم حال الأرمن والشركس الذين قدموا إليها أيضاً، كلاجئين منذ حوالى 100 سنة.
 
وتنتمي اللغة الكردية إلى مجموعة اللغات الإيرانية التي تمثل فرعاً من أسرة اللغات الهندوأوربية وهي التي تضمّ اللغات الكردية والفارسية والأفغانية والطاجيكية، لأنّ الأكراد لم تكن لديهم حروف مكتوبة، بل لغة يتكلمونها فقط، لذلك مال أكراد العراق وإيران إلى اللغة العربية، وبدأوا يستخدمون الأبجدية العربية في كتابة لغتهم، وبدأوا تعلم الحروف العربية، وأخذوها ليكتبوا بها لغتهم وليحموا تراثهم، بينما ظلّ أكراد تركيا وسورية يستعملون الأبجدية اللاتينية، أما أكراد الاتحاد السوفياتي فكانوا يستعملون الأبجدية الروسية، وهذه صفة أخرى من صفات المجتمع البدائي البسيط.
 
وحتى يومنا هذا، لم يصل إلى علمنا وجود أي معلم من المعالم الحضارية للشعب الكردي، وذلك إلى ما قبل وصول الإسلام إلى المنطقة، فالشعب الكردي شعب بسيط وبدائي بكلّ ما في الكلمة من معنى، وهذا ينطبق على تعاملاته وتراثه وتاريخه وثقافته، حاله كحال كلّ الشعوب البسيطة، عكس ما يمكن أن يقال عن الشعوب المتحضرة والمؤثرة ببقية العالم المحيط بها والقوميات الأخرى، فليس لدى الشعب الكردي ما يقدمه للشعوب الأخرى.
 
لم يكن هناك في زمن من الأزمان شيء اسمه الحضارة الكردية، أما الدولة الأيوبية فهي لم تكن دولة كردية بل إسلامية، لكنّ قادتها ومؤسسيها كانوا من الأكراد وظلوا يتمثلون بروح الإسلام، وليس باسم قوميتهم الكردية، وكان لهم إسهام بارز في الفتوحات كما أنهم أصبحوا جنوداً للخلافة الإسلامية في عصورها شتّى، وأصبحوا سنداً ومُدافعاً أميناً عن الثغور الإسلامية في وجه الروس والبيزنطيين وحلفائهم من الأرمن والكرج الجورجيين ، أما دورهم في مقاومة الصليبيين والباطنيين تحت قيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي فأشهر من أن تُعرَّف، وفي العصور العباسية كان لهم دور مشهود في الدفاع عن حياض الخلافة، ورغم هذا كله لم نسمع أو نجد أي أثر يمكن لنا أن نقول إنه تراث حضاري كردي خالص، واستمرّ هذا الحال إلى يومنا هذا. وللأمانة العلمية الدقيقة ليس هناك أي إثبات علمي بأنّ الأكراد كانوا أصحاب حضارة وعلم وتراث، فكلّ هذا غير وارد تاريخياً، فليست لديهم طريقة شعرية متميزة ولا طرازاً معمارياً متميزاً ولا لغة متكاملة ولا تراثاً شعبياً.
 
لذلك، فإنّ مطامع بعض القوى والشخصيات الكردية بربط المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال الكيان الشامي أو باقي الكيانات في سورية أمر غير واقعي، فدعوة أحد الأحزاب الكردية لاستحداث محافظة في قضاء القامشلي غير مبررة، فمدينة القامشلي كانت حتى عام 1920 قرية سريانية أسمها «زلو» وتعني أرض الزلّ بالسريانية ولم يكن فيها أكراد حينها. أما مدينة عين العرب الذي يفضل الأكراد أن يطلقوا عليها اسم كوباني، فلا وجود تاريخياً لها وهي مدينة حديثة العهد نسبياً نشأت عام 1892 مع مشروع خط سكة حديد بغداد بين عامي 1911 و1912 م وبدأت حينها تتحول إلى تجمُّع سكاني، وأول من سكنها لاجئون أرمن عام 1912 ثم لاجئون أكراد عام 1925 بعد ثورة سعيد بيران في تركيا. أما التمدُّد إلى البحر المتوسط الذي يحلم به هؤلاء الذين يُسمّون أنفسهم قادة الشعب الكردي فهو ضرب من ضروب الخيال، فسورية لن تسمح بانتشار وباء كانتونات الإدارات الذاتية شبه المستقلة، والتي ستخلق وبكلّ تأكيد، مشكلات كبيرة في المستقبل، فاليوم يقيمون محافظة وغداً حكماً ذاتياً ولاحقاً يطالبون بحقّ تقرير المصير، كما جرى ويجري في الكيان العراقي الذي أعلن مسعود البرزاني حكماً ذاتياً شماله يسمى إقليم كردستان، ثم بدأ يخطط للانفصال بالإقليم وأراضي أخرى عن جسد الكيان العراقي، من خلال دعوته البرلمان إلى تنظيم استفتاء حول مستقبل هذا الإقليم، متجاهلاً أنه لا يحقّ للأكراد أن يقرّروا بصورة أحادية مسائل فدرلة أي كيان.
 
إقليم كردستان وما تحمله هذه التسمية من عنصرية بغيضة، خاصة أنّ هذه التسمية تلغي الوجود الفعلي للكثير من القوميات المتواجدة فيه من سريان وأشوريين ويزيديين وكلدان وعرب وتركمان وغيرهم.
 
وبجميع الأحوال الأكراد أقلية، هذا إن أرادوا أن نعتبرهم أقلية وليس سوريين، وقد رفضوا فكرة الاندماج في المجتمع السوري، واختاروا أن يكونوا أكراداً لا مواطنيين سوريين، ويجب على الأقلية أن تحترم قوانين وعادات وتقاليد وأنظمة الدولة التي تعيش فيها، إذ لا يحقّ لها فرض قوانينها على بقية المكونات من أبناء الدولة التي احتضنتها، ولا يحقّ لها أيضاً تشكيل ميليشيات خاصة بها ومحاربة وتهجير أبناء المنطقة ولا عقد اتفاقيات وتحالفات مع دول أجنبية، خصوصاً إذا كانت ضدّ أبناء الدولة الراعية لتلك الأقلية، فمصطلح القضية الكردية هو في أصله استفزازي لأنه يميز عرقاً لا يعدو كونه أقلية، بميزات خاصة.
 
تبدو «إسرائيل» الأكثر حماساً لقيام دولة كردية في المنطقة لتبرّر وجودها هي الأخرى فيها، لأنّ هذا يعتبر وجهاً آخر من أوجه الشبه مع الكيان الصهيوني الذي أنشأ دولة عنصرية قائمة على التمييز العنصري من اسمها إلى أفعالها، وسيعملون على جعل الشعب الكردي كاليهود في فلسطين، إذ سبق وأن أعلن قادة صهاينة دعمهم لإقامة هذه الدولة، بل هناك حديث عن ضغط «إسرائيلي» وجهد من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة للدفع بالأمور نحو هذا الاتجاه، وكما هو معروف فإنّ العلاقات الكردية ـ الصهيونية تمتد إلى ستينات القرن الماضي، عندما زار الملاّ مصطفى البرازاني الكيان الصهيوني في نيسان عام 1968، وكان أول من طرح انفصال ما يسمى إقليم كردستان عن العراق، واجتمع مع القادة الصهاينة آنذاك، وخاصة مع القيادات العسكرية والأمنية، وقدموا له النصائح بالانفصال وتأسيس دول مستقلة. بقيت الزيارة سرية إلى أن تطرقت لها كتب كثيرة، لعلّ أبرزها كتاب اليعازر تسافرير الذي تولى رئاسة الموساد في شمال الكيان العراقي في أوائل السبعينيات، وكتاب الصحافي «الإسرائيلي» شلومو نكديمون بعنوان «الموساد في العراق ودول الجوار»، وفي عام 1982 سرّبت أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية» دراسات عن ضرورة بلقنة المنطقة وتقسيمها على أساس عرقي وطائفي، وكانت سورية، بحكم تركيبتها السكانية النموذج المطروح للتطبيق، وذلك حتى تتفرد «إسرائيل» بقيادة المنطقة والهيمنة على مقدراتها، بعد أن تغرق دولها في أتون الحروب الداخلية، بحسب محللين، وأخيراً عادت الدراسات «الإسرائيلية» لتكشف عن مخطط تقسيم سورية، فكعكة تقسيم المنطقة لم تعد مجرد مخططات صهيوـ أميركية خفية، أو مجرد خرائط أو تنظيراً فلسفياً يستهدف الأمة السورية، بل باتت واقعاً ملموساً وظاهراً للعيان محدّد الأطراف والضحايا والمستفيدين، ويشهد نقلات نوعية متصاعدة لتفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، والجديد أنّ سيناريوات التفتيت لم تعد في أيدي الدول المستعمرة والدول الكبرى والمتواطئين معها، لكنها تتم من خلال مؤسسات الدولة التي كان من المفترض أن تحافظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها، بحسب مراقبين.
 
اليوم ومع تداعيات ما يسمى ثورات الربيع العربي والحروب والتطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة، ثمة قناعة كردية باتت تترسخ يوماً بعد آخر بأنهم باتوا أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرّر لتحقيق حلمهم القديم الجديد، حلم إقامة دولة كردية قومية تجمع الكرد المتوزعين بين العراق وإيران وتركيا وسورية. حلم قديم رافق الأكراد منذ رسم الخرائط السياسية في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، وظلّ هذا الحلم يدغدغ الوجدان الكردي كلما رأى الكرد أنّ الظروف والمتغيرات الإقليمية مناسبة، مع قناعة بأنّ هذا الحلم يصطدم بجدار الدول المذكورة لأنه يمسّ حدودها وجغرافيتها وسيادتها.
 
وإذا كان الأكراد يتساءلون إلى متى سيبقون من دون كيان قومي يجمعهم، فنحن نقول لهم عودوا إلى وطنكم الأم، فالوطن هو الأساس وافعلوا هناك ما يحلو لكم، فلا قومية من دون أمة ولا أمة من دون وطن، فسورية لن تقبل بأي مشروع يقع خارج هذا السياق، سورية هي وطننا وهي التي احتضنتنا وجبلتنا ومزجت أصولنا العرقية والسلالية وأكسبتنا هويتنا وشخصيتنا وفيها تجري حياتنا بكلّ مصالحها المادية والروحية، وإنّ إعطاء كامل الحقوق للأقليات الإثنية على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم، بما يضمن المساواة والعدالة لكافة المواطنين، لا ينبغي أن يكون على حساب وحدة أراضي هذه الدولة، خاصة أنّ هذه الخطوة هي خطوة انتهازية سياسية بامتياز في أقلّ وصف لها، واستغلال لظرف صعب تمرّ به سورية، وفي ظلّ هجمة كبيرة تتعرض لها من أطراف محلية ومناطقية وإقليمية ودولية تسعى إلى تفتيت وحدتها، وتحظى بمباركة «إسرائيل» لجميع التحركات التي تسعى إلى إنهاك حزب الله في معاركها بما يشغله عن ضرب أو تهديد «إسرائيل»، كما تسعى إلى إنهاك العراق وتدمير جيشه العراقي والجيش الشامي النظاميين بما يخدم الكيان الغاصب ويضمن له التفوق العسكري، وذلك بعد أن قامت بتحويل الكرد خلال العقدين الماضيين من ورقة إقليمية في يد هذا الطرف أو ذاك إلى لاعب إقليمي، بعد التحول الحاصل في المواقف الإقليمية من مسألة الاعتراف بالكيان الكردي. فإذا استطاع القوميون المتطرفون الأكراد فرض مشروعهم التقسيمي على سورية بمساعدة تلك الظروف ودعم الأميركيين وصمت الأتراك ولو على مضض بعد عقود من سياسة الإنكار والعداء، خاصة إذا اعتبرت أنّ هذه الدولة ستساهم في إيجاد حلّ لمشكلتها الكردية في الداخل، وسيسعون على العمل ليكون لهم ذلك، لكنّ هذا الجزء من الأراضي السورية سيشبه الاسكندرون وحتى الجولان، لأنّ إقامة دولة كردية ستغير من جغرافية المنطقة، وهو تحول لا يمكن التعويل عليه لأنه سيفتح الباب أمام حروب جديدة في المنطقة ستجعل المتطرفين يدفعون الثمن غالياً.
 
لذا يجب علينا أن نخيّر جميع الكرد، بين أن يكونوا كرداً أو أن يكونوا سوريين، وهذا بالتأكيد خيار صعب وغير جائز يشبه أن تخيّر العربي بين أن يكون عربياً أو أن يكون سورياً، لأنه، وبحسب الزعيم أنطون سعادة، «إن في سورية عناصر وهجرات كبيرة متجانسة مع المزيج السوري الأصلي، يمكن أن تهضمها الأمة إذا مرّ عليها الزمن الكافي لذلك، ويمكن أن تذوب فيها وتزول عصبيتها الخاصة، وفيها هجرة كبيرة لا يمكن بوجه من الوجوه أن تتفق مع مبدأ القومية السورية هي الهجرة اليهودية. إنها هجرة خطرة لا يمكن أن تهضم لأنها هجرة شعب اختلط مع شعوب كثيرة فهو خليط متنافر خطر وله عقائد جامدة وأهدافه تتضارب مع حقيقة الأمة السورية وحقوقها وسيادتها ومع المثل العليا السورية تضارباً جوهرياً، وعلى السوريين القوميين أن يدفعوا هذه الهجرة بكلّ قوتهم». من شرح الزعيم للمبدأ الأساسي الرابع .
 
«كل أمة تريد أن تحيا حياة حرة مستقلة تبلغ فيها مثلها العليا يجب أن تكون ذات وحدة روحية متينة، والوحدة الروحية المتينة لا يمكن أن تنشأ في حال انعزال كلّ جماعة من جماعات الأمة الدينية ضمن نطاق اجتماعي ـ حقوقي انعزالاً يجعل منها نفسية وعقلية مستقلتين عن نفسيات وعقليات الجماعات الأخرى لئلا ينشأ من ذلك اختلاف في الأغراض والأهداف». من شرح الزعيم للمبدأ الإصلاحي الثالث .
 
وبناء عليه، فإننا لا نعتبر الأكراد أقلية بل هم جزءاً لا يتجزأ من الشعب السوري، فهم مواطنون سوريون في سورية، لأنّ السوريين هم مزيج سلالي من أصول عرقية عديدة جاءت من الجنوب والشرق والشمال والغرب ونزلت في سورية واستوطنتها والتقت مع السوريين في سورية الذين ما عرفوا وطن آخر غيرها فتفاعل الجميع وتمازجوا وكوّنوا الشعب السوري الحالي، وفق ناموس التطور الاجتماعي الذي يقول إنّ المجتمع يهضم الجماعات الوافدة إليه والتي تنخرط وتشترك في دورة حياته إذا مرّ عليها الزمن الكافي لذلك، ما يعني أنّ العرب الذين جاءوا إلى سورية واستوطنوها وانخرطوا في دورة حياتها قد امتزجوا مع باقي السوريين، وأصبحوا سوريين هم أيضاً.
 
سورية هي توأم التاريخ والحضارة والمدنية في العالم، فالسوريون ليسوا عرباً جاءوا إليها، وكأنّها كانت مساحة خالية ليس فيها إلا من أتاها من خارجها، لذا فإنّ وجود الكرد وغير الكرد على الأرض السورية لا يشكل أي معضلة، وأنّ من الحقّ بل من الواجب اعتبارهم سوريين كإخوانهم العرب السوريين الآخرين، لأنّ في سورية سوريون فقط، والعرب والأرمن والأكراد والشركس وغيرهم الذين قدموا إلى سورية عبر التاريخ قد اندمجوا فيها وأصبحوا سوريين، وإنّ السوريين اليوم لا يمكن فرزهم مجدداً إلى أصولهم العرقية، فالأصول العرقية اختفت في المزيج السوري منذ زمن. لكنّ أي طروحات تسعى إلى تحويل سورية إلى دولة فيدرالية اتحادية، ما هي إلا مقدمة لتقسيمها، لأنّ طرح موضوع الاتحاد أو الفيدرالية سيشكل مساساً بوحدة الأراضي السورية ويصادر إرادة الشعب السوري، لأنّ تحديد شكل الدولة السورية أمر لا يمكن أن يجري على يد فصيل واحد أو جزء من الشعب بمفرده الأمر الذي يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية، وطالما أنه لا يعبر عن إرادة كامل الشعب السوري بكلّ اتجاهاته السياسية وشرائحه المتمسكين جميعاً بوحدة بلادهم أرضاً وشعباً، فلا أساس قانونياً لإعلانه.
 
وفي الأصل، ليس في سورية عدة قوميات واحدة عربية وأخرى كردية، لأنّ في سورية وطنية واحدة هي الوطنية السورية وفيها قومية واحدة هي القومية السورية، فإما أن تكونوا في سورية سوريين متساوين في الحقّ بالسيادة، أو أن تختاروا أن تكونوا فقط كرداً منتمين إلى قوميتكم الكردية ولا تريدون الجنسية السورية، وإذا كنتم تطمحون إلى إنشاء دولة باسم كردستان داخل سورية فلن نكون معكم، بل إننا عندها سنكون في مواجهة بعضنا البعض، لأنّ أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب وتسعى إلى تغيير جغرافية المنطقة لن نقبل بها، فنحن السوريون لن نسمح بتمرير سايكس ـ بيكو جديد في المنطقة وسنقف بكلّ قوتنا في وجه هذا المخطط الاستعماري، ولكم حرية الاختيار، لأنّ قوة المنطق ستنتصر والتاريخ خير شاهد على ذلك.
 
جودي يعقوب
 
 
المصدر:  موقع البناء