فاشلون في اختبارات الكفاءة..مدراء عامّون ” تحت الغربال..

فاشلون في اختبارات الكفاءة..مدراء عامّون ” تحت الغربال..

أخبار سورية

الأربعاء، ١٦ أكتوبر ٢٠١٩

Image result for فاشلون في اختبارات الكفاءة..مدراء عامّون ” تحت الغربال”..

 

تبدو مؤسساتنا كافة على مستوى “مقصورات” الإدارة فيها، أمام اختبار لا يقبل نعته بأقل من عبارة وطني وحساس، فالمرحلة لم تعد تنطوي على أي فسحة لتجسيدات الذهنية الامتيازية في التعاطي مع الموقع الإداري ” المنصب” الذي آن لنا جميعاً أن نقتنع بأنه بات تكليفاً ولم يعد تشريفاً..ونتحدّث بعيداً عن الفساد و الملفات ” السوداء”..بل ما يعنينا هو الكفاءة التي يجب أن تتكفّل قلّتها أو انعدامها بإعفاء صاحبها، فهي مسوّغ يوازي الفساد سبباً ومسوّغاً.

فقد آن لنا أيضاً ألّا نصدّق ” كذبة الظرف الراهن الذي لا يسمح بالعمل”، فالظرف ذاته يملي دأباً مختلفاً وبوتائر غير تقليدية، يجب أن يمتلكها المتربعون على كراسي الإدارة. وهنا نصل إلى إشكالية المبادرات، وهي الخاصيّة التي لم تعرف طريقا إلى أذهان كثيرين من حملة الأقلام الخضراء في مؤسساتنا، ممن لم يقتنعوا بعد أن المبادرات ليست مغامرات في معايير خصوصية ظرف لا تصح فيه مقولة “رأس المال جبان”، وإن كانت القيود الرقابية واعتبارات “لا أعمل كي لا أخطئ” هي علّة الإحجام، لا بد من تذليل هكذا عقبة، رغم أننا نراها ذريعة، ليس إلّا، كما كانت في السابق، وفي منظومتنا التنفيذية مقارنات تؤكد أن عبرة النجاح في الإدارة وليس في مجرد الإمكانات..أي فشل هذا حيث نجح ذاك..والوقائع تشهد.

فاليوم خرج اقتصادنا من “عنق الزجاجة” أو يكاد، وبدأت الكثير من مكوّناته بمعاودة الإقلاع والانتعاش على طريق التعافي، فثمة مؤشرات واقعية لن تستغرق جهداً من هواة التشكيك والارتياب والمسكونين بسوداوية الأفق لقراءتها بذهن منطلق متحرر، وهي تؤكد أن ما نسوقه ليس كلاماً “تعبوياً” لأن هكذا مفهوم غير وارد في أدبيات الاقتصاد، التي لا تعترف إلّا بالأرقام والمؤشرات الملموسة..ولدينا حصاد أرقام من شأنه تبديد أي جرعة وهن “محلية الصنع أو مستوردة”.. ففي تفاصيل المشهد الاقتصادي السوري الراهن، بعد حوالي 8 سنوات ونيّف من الأزمة، ومجريات الحرب الإرهابية، والتخريب المنظم للبنى والمرتكزات الحيوية، ما يدعو لتفاؤلٍ من النوع الذي لا يحبّذ طقوس الاسترخاء، بل ثمة جرعات من الشد العصبي، التي يصنفها محبو المصطلحات الرصينة تحت بند “الإحساس العالي بالمسؤولية”، يجب أن تعترينا جميعاً أمام ملامح النهوض الجديد الواقعة والمفترضة من المقدّمات التي تحتضنها مطارحنا الإنتاجية والخدمية، والشد العصبي يعني في هكذا مقامات مزيداً من المبادرات، ولو على طريقة “حافة الهاوية”، والجهود الاستدراكية المتماهية مع طبيعة الظرف الراهن لجهة نفحة التحدي والإصرار التي كانت سمتنا وربما كلمة السر في صمودنا واستمرارنا.

لذا قد نكون اليوم بأمسّ الحاجة إلى سبركفاءة الإدارات، وهي ليست مهمة صعبة حالياً، إن أردنا ذلك فعلاً، فربما يكون في فترة “عطالة الأزمة” ما يصلح لإطلاق الأحكام الصائبة، لأن بعضهم انكفأ تحت ذرائع الأزمة، وبعضهم عكف نشطاً على جردات حساب وترتيب جديد لأوراق مؤسسته لتشذيبها من تبعات وهن متقادم، وضعها على سكة الفعل الخلاق في الوقت المناسب، ولعل هذا المعيار يتيح مساحة رحبة لقياس مستويات الكفاءة وأهلية الاستمرار، إذ لا يجوز أن نُفاجأ بأن أوراقاً مختلطة وتشابكات وثغرات كانت قبل الأزمة لا تزال باقية إلى الآن في مؤسسة أو وزارة، وإلا على المعنيين أن يجيبوا على التساؤل المحرج: “ماذا كنتم تفعلون وأي نوع من المواجهة مع الأزمة اخترتم”؟، وهذا السؤال مجازي يحتمل عشرات الصيغ التي لا بد أن نبدأ بإطلاقها جدياً، والبناء على نتائجها في إعادة صياغة الكوادر القيادية في مؤسساتنا بما يواكب استحقاقات الانطلاقة الجديدة التي بدأت، والمفترض أنها ستتسارع وليس العكس.

وقد لا نقلل من شأن مؤسساتنا الرسمية وجهود المجتهدين، التي تستحق الثناء خلال سنوات الأزمة، إن أبدينا ملاحظة توحي بها الوقائع وليس الظنون، وهي أن بعض شركات قطاع الأعمال الخاص سبقت مثيلاتها الحكومية بمبادراتها العملية نحو “استئناف الحياة” والحضور، وهذا يبدو جلياً من قوام السلة السلعية المطروحة للتداول في السوق الاستهلاكية، ومن سوق الخدمات، التي يكاد ينفرد بها القطاع الخاص على حساب القطاع الحكومي كشريك مفترض بل لازم.

الآن ليس من الحكمة السماح ببقاء احتمالات مفاجآت عدم الجهوزية في أي مؤسسة ونحن في بداية سكة الإعمار الجديد، وإن كان بعض الحكماء يؤكد أنه “عند الرهان تُعرف السوابق”، فعلينا نحن أن نثبت أن “العمل أبلغ خطاب”.

 

ناظم عيد – الخبير السوري