ألم يحن الوقت ليحال القانون ذو الستين عاماً للتقاعد جمعيات تشكو تحولها إلى مديريات.. و”الشؤون”: دورنا إشرافي تنظيمي

ألم يحن الوقت ليحال القانون ذو الستين عاماً للتقاعد جمعيات تشكو تحولها إلى مديريات.. و”الشؤون”: دورنا إشرافي تنظيمي

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩

يصعب توصيف نشاط الجمعيات الأهلية خلال سنوات الحرب ضمن إطار واحد، فالبعض منها كان رديفاً فعالاً في الحفاظ على استقرار المجتمع، وهو الهدف الأساس للمجتمع المدني خاصة خلال الحروب، والبعض الآخر تشوبه ضبابية في جدوى التبرعات ومكان توجهها أو حتى في مصدر التمويل ذاته، وهناك من حاول الخروج برؤى جديدة سرعان ما أجهضها قانون الجمعيات المعمول به منذ عام 1958 والذي شكّل المعوق الأساس في العمل الأهلي خلال الحرب وقبلها، وفقاً لآراء القائمين على هذا العمل، حيث كان الروتين والبيروقراطية سبباً في إبطاء النشاطات وحجب الأفكار الجديدة، وخلال استطلاعنا لعمل الجمعيات الأهلية في دمشق بدا واضحاً التململ من العمل بقانون وضع لمجتمع مختلف عما وصلنا إليه اليوم، فسنوات الحرب وحدها كفيلة بتغيير النظرة للمجتمع المدني ونشاطاته، وهذا يتطلب قانوناً عصرياً يواكب التطورات ويوائم القوانين العالمية.
 
تبعيّة
بعض الملاحظات التي قدمها خبراء حول القانون هي بالصلاحيات الواسعة التي منحها لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بحيث تكون الوصي والمتحكم بأي قرار تتخذه الجمعية التي تحولت إلى مديرية صغيرة لدى الوزارة، وهو ما يناقض حاجة الجمعية للاستقلال والمرونة. ولدى توجهنا إلى عدد من الجمعيات كان مفاجئاً اعتذار بعضها عن الإجابة على أية سؤال دون موافقة الوزيرة، فجاء اعتذارها جواباً كافياً عن الحد الذي تتدخل به بعملهم، ورأى مدير جمعية فضل عدم الكشف عن اسمه أن المشكلة لا تكمن في القانون ككل؛ فهو كان قادراً على تنظيم العمل الأهلي إلى حد كبير، إلا أنه يوجد عدد من المواد التي تتطلب تغييراً جذرياً، ولاسيما المتعلقة بالحريات الممنوحة للجمعيات ونشاطاتها، ومنح مرونة أكبر بتنظيم الجمعيات التنموية، فهي المستقبل الذي يجب أن يتجه إليه العمل الإنساني لنبتعد عن مفهوم الصدقة والإعانة فقط.
 
إحياء
مديرة جمعية المبرة النسائية رنا البابا اعتبرت أنه لا يعقل الاستمرار بالقانون القديم؛ فالظروف فرضت تطورات جديدة يجب لحظها، والروتين بات عبئاً على كل الجمعيات، ولاسيما البطء بالإجراءات عند إشهار جمعية وتأسيس أخرى أو حتى تعديل النظام الداخلي لها، لافتةً إلى تحرك في السنتين الأخيرتين لعقد لقاءات وورشات للتشبيك بين الجمعيات والمشاركة في تعديل القانون، وهو ما أكدته مديرة الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ميساء ميداني عبر محاولة إعادة إحياء لجنة لتعديل القانون، معتبرة أن سنوات الحرب لم تكن فترة استقرار وغير مناسبة للتعديل.
وأكدت ميداني أن حرية المجتمع الأهلي بتنفيذ أنشطته هامة جداً؛ لذلك فوضت الوزارة المديريات بتيسير الأمور دون العودة لها للتخلص من البيروقراطية، ولوحظ بعد هذا القرار انخفاض 20% في حجم البريد الوارد، وتدخل الوزارة يكون بالميزانية وهو حق لها وفي طريقة الأنشطة والرقابة على الدُّور، مؤكدة أن دور الوزارة تنظيمي إشرافي لبناء خبرات إدارية، والتأكد من مجالس إدارة صحيحة وانتخابات عادلة وميزانية جيدة دون تلاعب أو اختلاس، وبما يتعلق بتحقيق الأهداف فلا تتدخل الوزارة وإنما هي وظيفة الجهة المختصة.
 
تنموية
وبالعودة إلى مديرة جمعية المبرة النسائية بيّنت البابا أن الحرب كشفت عيوب القانون من جهة، وأثقلت كاهل الجمعيات بسبب قلة الموارد من جهة أخرى، فالفئة المستفيدة من الخدمات تتزايد مقابل تراجع واضح في التبرعات، حتى من يرغب بالتبرع من خارج البلاد حالت العقوبات الاقتصادية دون إمكانية تحويل الأموال، مشيرة إلى أن النادي الذي يرفد الجمعية بالعائدات وصل عدد الطلاب فيه عام 2013 إلى 75 طالباً فقط، واليوم عاد إلى 325 طالباً، فالجمعية كونها ذات طابع تنموي وتملك استثمارات عدة تمكنت من الاستمرارية على عكس بعض الجمعيات الأخرى.
ولفتت البابا إلى أن سياسة الجمعية عمدت إلى إبقاء اليتيم ضمن بيئته، وتقديم المعونات لتربيته وتعليمه وعلاجه في حال المرض، مع التأكيد على متابعة جميع الحالات داخل الجمعية واستقبال الأطفال كل أسبوع للاطلاع على مستوى معيشتهم ودراستهم، فضلاً عن لجنة تزور البيوت للتأكد من وصول المعونات للطفل، كما تمكنت خلال 2014 من إعادة 500 طالب من أرصفة الشوارع للمدارس، وتابعت برامجها التنموية في تدريب النساء ومنحهن الأدوات للبدء بمشروع أو مهنة ما، مبيّنة أنه لا يوجد أية دعم مادي حكومي للجمعية كونها تملك استثمارات خاصة.
 
تصنيفات ظالمة
ميداني أكدت أن الوزارة تمنح معونات قد تصل لـ400 ألف ليرة سنوياً لبعض الجمعيات -التي تحتاجها كالأرياف وجمعيات الأيتام والإعاقات- وليس تلك المتعاونة مع منظمات دولية، موضحة أن عدد الجمعيات بلغ اليوم 1582 جمعية، أغلبها معني بالخدمات الاجتماعية والأعمال الخيرية، إلا أن التصنيف الحالي لا يعطي الجمعيات حقها إذ يتم العمل على نقل منهجية التفكير التنموي لكل الجمعيات، وبعد أن أجرى مشروع تطوير المنظمات غير الحكومية مسوحات بكل المحافظات، صُنفت الجمعيات بناءً عليه بعدة أشكال، منها النشطة والمتوقفة، فبعض الجمعيات صنفت متوقفة جزئياً كالسياحية مثلاً إذ تتابع اجتماعاتها بدون أنشطة، كاشفةً عن تقديم جمعيات في الغوطة وإدلب والرقة والحسكة طلبات لإعادة تفعيلها.
ورداً على اعتراضات حول تحكم الوزارة بحل الجمعيات أو دمجها أكدت ميداني أن حل الجمعيات بالحد الأدنى، ويتم اللجوء للدمج في حال انعدم مجلس الإدارة بهدف تفعيل العمل المجتمعي وإدارة أموال الجمعية وأملاكها.
وبعد عدة ملاحظات بأن الوزارة لا تلتزم بالوقت المحدد بـ60 يوماً لإشهار جمعية بعد تقديم الأوراق، أوضحت ميداني أن الجمعيات لا تعرف أن الـ60 يوماً تحتسب من وقت استيفاء الجمعية لكل أوراقها، وليس من وقت تقديم اسم الجمعية للإشهار، فالأمر يتعلق بالموافقات الخارجية واكتمال الإضبارة قبل استلامها. أما عن التبرعات النقدية وطريقة صرفها فكلها موضحة بالوصولات وموازنة الجمعية المدققة، لافتةً إلى أن مسودة تطوير النظام المالي أصبحت جاهزة لتكون للهبات تسميات واضحة لدى الجميع، وجعل الموازنة جيدة وموحدة والمدقق المالي معتمداً.
ريم ربيع-البعث