مشاكل النقل متزايدة في طرطوس.. واجتهاد الحلول لا يغيّر الواقع

مشاكل النقل متزايدة في طرطوس.. واجتهاد الحلول لا يغيّر الواقع

أخبار سورية

الخميس، ٥ ديسمبر ٢٠١٩

لا يخطر في بال من يزور طرطوس أن المدينة السياحية الصغيرة والهادئة بتعداد سكانها القليل مقارنة بالمحافظات الأخرى تعاني أزمة ومشاكل حقيقية في نقل الركاب، إن كان باتجاه الأرياف المجاورة ذهاباً وإياباً، أو حتى ضمن المدينة نفسها، أزمة في غالبية خطوط النقل الموجودة في المحافظة، والتي تتجاوز الـ 100 خط، فاقمها التوسع العمراني، وظروف الحرب، والجامعات الجديدة المحدثة، وأسباب أخرى.
وقوف، وانتظار يومي، وشكاوى مستمرة لطلاب الجامعات التي تقع خارج المدينة، تحديداً كلية العلوم، وكلية الصيدلة، وكذلك الحال بالنسبة لكلية الهندسة التقنية، حالة انتظار مماثلة لسيارات نقل الركاب يشهدها سكان بعض القرى، خاصة البعيدة منها عن المحافظة، أزمة نقل أيضاً في أوقات الذروة ضمن المحافظة مع مشكلات وهموم كثيرة تتعلق بالأجور، وندرة السيارات العاملة على بعض الخطوط، وطريقة نقل الركاب تم رصدها ومتابعتها كما بدت على لسان حال سكان محافظة طرطوس.
 
ندرة وغياب
وبالعودة للحديث عن مشكلات الطلاب ونقلهم، المشكلة تتلخص بحسب شكاوى الطلاب بقلة السيارات المتوفرة لنقلهم صباحاً أو بعد الظهر لجامعتهم ومنازلهم، خاصة جامعة العلوم، ورغم حديث الطلاب عن كثرة السيارات التي تخدم الخط (الحميدية- طرطوس)، لكنها لا تتوقف لهم وتكون ممتلئة، ما يضطرهم للانتظار ساعات طويلة، وفي بعض الأحيان تتوجه باصات نقل داخلي من خطوط أخرى لنقلهم، والتساؤل بحسب الطلاب: لماذا لا تخصص هذه الباصات بشكل دائم لنقلهم وحل المشكلة؟! أما ضمن المدينة فالوضع لا يبدو أفضل حالاً أوقات الذروة تخلق أزمة نقل ركاب، خاصة في منطقة الإنشاءات، وفي منطقة المشبكة، أما خارج المدينة فالوضع ليس أفضل، وهناك قلة بعدد السيارات التي تخدم بعض القرى مثل القدموس، وحمين، وبرمانة المشايخ، وغيرها كبعض القرى الصغيرة التي يعتمد سكانها في تنقلهم على سيارات الخطوط الرئيسية، فمثلاً أكثر من ساعة انتظار صباحاً أمضاها مؤخراً أبو شادي، أحد سكان منطقة العوينية، دون أن تتوقف له سيارة نقل على خط الدريكيش، فلا مكان في السيارات التي تمتلىء أحياناً بأربعة ركاب متجاورين لراكب إضافي من الطريق، وستتضاعف هذه المشكلة بعد تحويل الطريق عن بلدتهم وبلدات أخرى مثل بملكة بعد تحويل طريق الدريكيش عند الانتهاء من تنفيذه.
 
ازدحام وندرة سيارات
أربعة ركاب متجاورين في ثلاثة مقاعد، طريقة بدأت خطوط معظم القرى المحيطة بطرطوس بالاعتماد عليها، ما يؤكد الأزمة الحاصلة في المحافظة، يقول أحد الركاب الذين التقيناهم في الكراج الجديد: إن المواطن يجد نفسه مضطراً لهذا الحل عند الازدحام، وقلة السيارات، وخاصة في أوقات الذروة، وأيام العطل، وقبيل الغروب، والملفت أن معظم السيارات تتوقف تماماً في الفترة المسائية، حيث ينتهي تخديم القرى، وتشل الحركة تماماً، ويصبح الحل الوحيد للتنقل هو السيارات الخاصة أو “التكاسي”، وكذلك الدراجات النارية، وحتى ضمن المدينة تخلو بحسب المواطنين، ومعظم هذه السيارات تتسرب للعمل بالطلبات الخاصة، وفي أيام العطل المشكلة تتضاعف، طرطوس تصبح مدينة شبه خالية من وسائل النقل العام، وسيارات الأجرة قليلة، أما في الأرياف والقرى التابعة لها فالحركة تكون ضعيفة أيضاً، والاعتماد على السيارات الخاصة يكون غالباً، وبحسب المتابعة، وتأكيد معظم السكان فإن السبب هو تسرب السيارات التي تعمل على الخطوط، وعملها في الطلبات الخارجية والخاصة.
 
تحايل وأجور إضافية
مشاكل إضافية تمت متابعتها أثناء السؤال عن واقع النقل في المحافظة، تمثّلت في الأجور الإضافية التي يدفعها الركاب، فمثلاً أجرة خط الدريكيش محددة بـ 175 ليرة، وفي كثير من الأحيان لا يتم الإكمال للراكب بحجة نقص “الفراطة”، أما بالنسبة لبعض الخطوط في المدينة فيتحايلون على الخط بالوصول لمنتصفه فقط، ثم تعبئة الركاب مجدداً كما يحصل في خطوط (رأس الشغري- والرادار)، حيث يشتكي سكان هذه الخطوط تحديداً من الطريقة التي يُعاملون بها من قبل سائقي سيارات الأجرة، ورغم أن أجور سيارات الأجرة الخاصة محددة ومعروفة في المحافظة (250 ليرة أو 300) أجرة الطلب، فهناك من يشتكي من مزاجية وأسعار إضافية يتقاضاها سائقو “التكاسي”.
 
رصد واقع
رصد واقع النقل في محافظة طرطوس تحدث عنه بصورة أوسع حسان ناعوس عضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة، حيث أوضح أن ما يقارب 3100 ميكروباص تعمل حالياً في محافظة طرطوس، وهو رقم منخفض عن سنوات، فالرقم كان يتجاوز الـ 3600 ميكروباص عام 2002، علماً أن حاجة المحافظة اليوم أكثر من ذلك بفعل متغيرات عديدة، ناعوس أوضح أن العمل في الكراج الجديد في المحافظة يسير ضمن وتيرة مضاعفة لتأمين وصول المواطنين لمعظم المناطق والمحافظات، ولدينا خطوط لخمس مناطق رئيسية في الريف وهي: (القدموس- الدريكيش– صافيتا- بانياس- الشيخ بدر)، وهناك أيضاً تفرعات ضمن القرى التي تخدم من مناطقها، لكن ما يعتري هذا العمل قلة وسائل النقل، خاصة على بعض الخطوط، وهو ما دفعنا للبحث عن حلول مؤقتة وجدناها في خطوط النقل العائدة لمجلس المدينة، وتحويلها نحو الخطوط المزدحمة، منها الخاصة بطلاب الجامعات، حيث يتم تحويلها في أوقات الذروة، إضافة لتحويل السيارات من الخطوط المريحة لمناطق أخرى غير خطها، ورغم أن البعض يتحدث عن أجور مضاعفة بالنسبة لبعض السيارات، لكن ما يحدث هو عند تحويل بعض الخطوط قد تتقاضى أجرة زائدة، وهذا يتم بالاتفاق مع بعض الركاب، وهذا شيء لا نستطيع أن نتدخل به لأنه يكون دون علمنا، ودون شكوى.
 
ثقافة شكوى
وحول طريقة النقل التي تتم بالنسبة لبعض الركاب في بعض الخطوط، أو تقاضي أجرة زائدة، أو العمل لنصف الخط فقط، أكد ناعوس أن الأمر مرتبط بالراكب أيضاً، ومن الضروري اليوم تفعيل ثقافة الشكوى، والمحافظة وقيادة الشرطة مستعدة للتعامل مع أية شكوى ومتابعتها، وهو ما نعمل عليه بطرق مختلفة، فلدينا وسائل عقوبة بالنسبة للسيارات المخالفة، لكن دور الركاب أساسي أيضاً، فمثلاً لا نستطيع محاسبة السيارة التي يقوم سائقها بوضع أربعة ركاب في صف واحد قبل الانطلاق من الكراج للمناطق الريفية أو بالعكس، لأن هذا يتم بالاتفاق مع الركاب، وخاصة المستعجلين منهم، ولكن في المقابل السيارات المتسربة أو التي تذهب للعمل بالطلبات الخاصة تتم متابعتها، وتحرم من التزود بالوقود الذي لا يتم إلا بعد التأكد من تخديم الخطوط الخاصة بركابه، وعن توقيت العمل المتأخر، أوضح ناعوس أن معظم الخطوط تعمل للساعة السادسة مساء فقط، وهي مدة مقبولة حالياً، بالنظر للظروف القائمة، وهناك مناوبات في أيام العطل نحرص أيضاً على متابعتها، وفي النهاية الحل الأكثر جدوى للمحافظة هو زيادة سيارات النقل الموجودة في طرطوس.
محمد محمود-البعث