وزارة الصحة تعتذر عن الحديث..! تقارير تكشف بعض خفايا الاستجرار المركزي للأدوية والمواد الطبية.. مواد مرفوضة فنياً يعاد توريدها!

وزارة الصحة تعتذر عن الحديث..! تقارير تكشف بعض خفايا الاستجرار المركزي للأدوية والمواد الطبية.. مواد مرفوضة فنياً يعاد توريدها!

أخبار سورية

الأربعاء، ١١ ديسمبر ٢٠١٩

محمد زكريا
لاقى قرار رئاسة مجلس الوزراء الخاص بحصرية تأمين احتياجات الجهات العامة من الأدوية وبعض التجهيزات والمستلزمات والمستهلكات الطبية، بوزارة الصحة ارتياحاً كبيراً لدى إدارات المشافي العامة، لما له من مفاعيل تخدم عملية الاستجرار لتلك التجهيزات بالسرعة القصوى والجودة العالية وبأسعار منافسة جداً، وبحسب الكثير من المتابعين للشأن الصحي والطبي فإن هذا القرار ألغى حلقات الوساطة والسمسرة التي كانت تحصل سابقاً في المناقصات الخاصة بتلك التجهيزات، ولكن بعد مرور نحو عام على تطبيقه لم يعد يلقى قبولاً كبيراص كما كان في بعض المشافي سواء التابعة لوزارة الصحة أم لبقية الوزارات “الداخلية والدفاع والتعليم العالي”، وذلك لجملة من الملاحظات والمشكلات الناجمة عن الاستجرار المركزي، والتي تتعلق بالتأخر في وصول هذه المستلزمات، وفي عدم توفر الجودة المطلوبة في المواد المستجرة، إضافة إلى وجود فارق سعري كبير ما بين التي كانت تستجره هذه المشافي في السابق وبين الذي تستجره حالياً بموجب الاستجرار المركزي.
 
ثغرات
ورغم أن بعض الوثائق والمذكرات الصادرة عن بعض المشافي التي تؤكد في مجملها على أن قرار الاستجرار المركزي للأدوية والمستلزمات الطبية هو حاجة وضرورة يجب العمل على تدعيمه ليخدم عملية التأمين الأدوية والمستلزمات الطبية للمشافي الحكومية بالسرعة المطلوبة، إلا أنها بينت أن ما يحصل على أرض الواقع بهذا الخصوص عكس ما كان متوقعاً، حيث تشير هذه الوثائق التي حصلت البعث على نسخ منها إلى وجود ثغرات في آلية تطبيق هذا القرار، تعوق تطبيقه بالشكل المطلوب، وتبرز الوثيقة الصادرة عن مستشفى أمراض وجراحة القلب الجامعي بحلب الملاحظات والمشكلات الناجمة عن الاستجرار المركزي والمتمثلة في التأخر في توريد المواد والمستلزمات الطبية؛ الأمر الذي سبب إرباكاً في عمل المشفى خلال الفترة الماضية، وأوقع المشفى في حالة نقص لبعض المواد مثل الشبكات والصمامات الطبية، واعتبرت الوثيقة أن جميع عقود الاستجرار المركزي هي عقود إذعان بالنسبة للنوعية والأسعار وذلك لعدم وجود ممثلين عن المشافي في لجان المناقصات المركزية، ولفت الوثيقة -التي حصلت البعث على نسخة منها – إلى أن الأسعار التي وردت بموجبها مواد مناقصات الاستجرار المركزي كانت أغلبها بأسعار أعلى من أسعار المواد التي كانت تورد إلى المشفى عن طريق المناقصات التي تجريها، ومنها على سبيل المثال موكسج نوع برازيلي تم توريده إلى المشفى بقيمة 156 ألف ليرة، والموكسج الأمريكي تم توريده بـ170 ألف ليرة، بينما الموكسج الذي تم توريده عن طريق الاستجرار المركزي هو موكسج إيطالي بسعر 265 ألف ليرة، أي بزيادة 95 ألف ليرة للموكسج الواحد.
 
شبكات القلب مرفوضة
وتنوه الوثيقة إلى حالة خطرة وهي أن الشبكات التي وردت إلى مستشفى جراحة وأمراض القلب بحلب عن طريق الاستجرار المركزي هي من الجيل القديم، وقد سبق أن تم رفضها فنياً في المشفى، عندما تم الإعلان عنها للمرة الأولى وبالسرعة العادية بإعلان حمل الرقم 85377 تاريخ 19 /2/2017، الخاص بطلب استدراج عروض أسعار لتأمين شبكات دوائية لزوم مستشفى أمراض وجراحة القلب الجامعي بحلب، وحصلت هذه الشبكات على علامة فنية من المشفى قدرها 63 علامة وهو راسب فنياً، بحسب ما أوردته هذه الوثيقة.
انخفاض الجودة
وتشير الوثيقة الثانية الصادرة عن متشفى الأسد الجامعي بدمشق برقم 3229 إلى مديرية المشافي بوزارة التعليم العالي إلى أن الاستجرار المركزي للأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية عن طريق وزارة الصحة أدى إلى التأخر في توريد بعض الأدوية والمواد على سبيل المثال مواد القثطرة القلبية، الأمر الذي سبب إرباكات كثيرة بالعمل، ومنها التوقف عن العمل ببعض المطارح لفترات زمنية قصيرة تم خلال هذه الفترة تأمين هذه المواد، مع الإشارة إلى توفر هذه المواد حينما كان تأمينها عن طريق المشفى، كما بينت الوثيقة إشكالية أخرى تتعلق بانخفاض جودة بعض المواد المستجرة مثل السيرومات وغيرها، ولحظت الوثيقة التي حصلت البعث على نسخة منها إلى ارتفاع أسعار بعض المواد المستجرة عن طريق وزارة الصحة، منها مواد غسيل الكلية حيث تم شراء الفلتر عن طريق المشفى بسعر لا يتجاوز 3990 ليرة سورية في حين تم استجراره ولنفس النوعية عن طريق وزارة الصحة بسعر 5850 ليرة، في حين تم توريد الحمض عن طريق الوزارة 2750 ليرة في حين استجراه المستشفى في وقت سابق 1600 ليرة فقط..!
وتشير مذكرة أخرى صادرة عن الهيئة العامة لمشفى باسل الأسد لأمراض وجراحة القلب بدمشق إلى الطلب من مشفى جراحة القلب الجامعي استعارة 100 موكسج للكبار مع الدارات، على أن تقوم الهيئة بإعادتها عند توفرها لديها، إضافة إلى وجود العديد من المراسلات بين المشافي خلال الفترة الماضية تفيد في مجملها على الاستعارة لبعض المواد الطبية لاسيما أن موضوع الاستعارة لم يكن قائماً في السابق بين هذه المشافي..!
آراء متقاربة
مدير عام مستشفى الأسد الجامعي الدكتور حسين المحمد أكد أن الاستجرار المركزي للأدوية والمستلزمات الطبية هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وهي تحد من الفساد الحاصل في بعض المناقصات، موضحاً لـ”البعث” إلى أنه يجب الاستفادة من آلية الاستجرار المركزي بشكل عملي، من خلال خفض الأسعار وتأمين القدرة المالية والخبرة التي تساهم بتوطين صناعة كافة الأجهزة والمواد الطبية، وبحسب رأيه فإن الاستفادة يجب أن تهدف إلى توحيد مواصفات ونوعية الأجهزة الطبية الأمر الذي يؤدي إلى تطوير الخبرة في الصيانة من قبل الشركات المحلية، مبيناً ضرورة أن يكون الاستجرار المركزي فقط للأجهزة الكبيرة، مثل شراء أجهزة الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري وغيرهما، وأن تصدر وزارة الصحة نشرة تحدد فيها الأسعار لكافة التجهيزات والمواد الطبية والأدوية، ويترك للجهات العامة تأمينها مع الالتزام بهامش ربح محدد، وأن يترك أيضاً خيار شراء المواد والأدوية المصنعة محلياً للمشفى.
مدير عام الهيئة العامة لمستشفى المواساة الدكتور عصام الأمين بين أن عملية الاستجرار المركزي كانت في بداية الأمر معرقلة بعض الشيء لجهة السرعة في تأمين المواد والمستلزمات الطبية، لكن مع مرور الوقت أصبحت اللجان تعي موضوع التأخير، وتعمل على تأمين المستلزمات لكافة المشافي.
ولدى محاولة البعث لمعرفة المزيد عما تم سرده حاولنا التواصل مع معاون وزير الصحة الدكتور أحمد خليفاوي، لكنه اعتذر عن الحديث لعدم وجود وقت لديه ليتحدث؛ مما دفعنا إلى التوجه إلى مدير المكتب الصحفي بالوزارة سامر الفتح الذي اتصل بمدير العقود بالوزارة الذي أكد له عبر الهاتف أن لا علاقة للعقود بهذه المواضيع، وحاول مدير المكتب الصحفي تزويدنا ببعض المعلومات الخاصة بالموضوع، لكن بقيت هذه المعلومات بالإطار العام ولم تدخل في صلب الموضوع والرد على كل ما طرحناه، حيث بين عدم ورود أية شكاوى من المشافي إلى وزارة الصحة بخصوص الملاحظات الواردة أعلاه…!
نص القرار
يشار إلى أن قرار الاستجرار المركزي نص على أن تتولى وزارة الصحة تحديد قوائم الاحتياجات المطلوبة وتأمينها مركزياً من قبل الوزارة، بحيث تقوم الوزارة بتعميم قوائم الاحتياج المعتمدة على الوزارات الأخرى المعنية “الداخلية والدفاع والتعليم العالي” لتحديد احتياج الجهات التي تتبع لها من هذه المواد وعلى مسؤوليتها وتلتزم باستلامها، على أن ترد هذه القوائم إلى وزارة الصحة موثقة بتوفر الاعتمادات اللازمة في موازنة تلك الجهات خلال فترة أسبوعين كحد أقصى، وجاء في نص القرار تكليف وزارة الصحة بالقيام بجمع وتنسيق البيانات واعتمادها بحضور ممثلي الجهات المعنية، وإعداد قوائم تجميعية نهائية موثقة للاحتياجات الفعلية من كل مادة، مع بيان بتوفير الاعتمادات اللازمة، وحجز تلك الاعتمادات لحين تأمين الاحتياجات، على أن تتم إحالة القوائم التجميعية النهائية الموثقة من الاحتياجات الفعلية إلى المديريات المعنية في الوزارة حسب التخصص لإعداد دفاتر الشروط الفنية الخاصة بكل مادة بشكل أصولي، كما تضمّن القرار الموافقة على العمل بالتعليمات الفنية المرافقة للقرار والمتمثلة في أن تشكل لجان إعداد دفاتر الشروط الفنية بقرار من وزير الصحة، وذلك باقتراح من قبل المديرية المعنية في الإدارة المركزية من كوادر وزارة الصحة، وممثل عن كل وزارة معنية، وذلك حسب ما هو ضروري للإيفاء بالغرض المطلوب. وتنص التعليمات التي وضعتها وزارة الصحة بهذا الخصوص على إحالة دفاتر الشروط الفنية إلى مديرية العقود بعد المصادقة عليها من قبل وزير الصحة، على أن تعمل مديرية العقود في الإدارة المركزية لوزارة الصحة بالإجراءات اللازمة للإعلان بعد التأكد من حجز الاعتمادات اللازمة وفق آلية تكون نواتها تشكيل لجنة لوضع دفتر الشروط المالية والحقوقية برئاسة معاون وزير الصحة للشؤون المالية والإدارية وفق ما هو معمول به حالياً، إلى جانب تشكيل لجان المناقصة من العاملين في وزارة الصحة وفقاً لأحكام قانون العقود، إضافة إلى تشكيل لجان فنية تدرس العرض بحيث تكون برئاسة أحد العاملين الفنيين في وزارة الصحة، وعضوية اثنين من وزارة الصحة وممثل عن كل وزارة معنية، وتقوم لجنة المناقصة لاستكمال إجراءات فض العروض وتنظيم محضر لجنة المناقصة ومصادقته أصولاً من قبل وزير الصحة وتنظيم كتب إلى الوزارة المعنية، مرفقاً به نسخة مصدقة عن محضر لجنة المناقصات ونموذج معتمد لمشروع عقد مدقق فنياً من أعضاء اللجنة الدارسة ليصار إلى تنظيم الإحالات، كما نص القرار على إلزام الجهات المعنية بنتائج لجنة المناقصة المصدقة من وزير الصحة، وتلتزم بإبرام العقد مع المتعهد المرشح خلال المدة القانونية بحيث تقوم هذه الجهات بموافاة وزارة الصحة بصورة عن أمر المباشرة. وأوضح القرار أنه في حال التأخر في تنفيذ العقد لأي سبب كان، يحق للجهات الطالبة للاحتياجات تأمين حاجتها من المواد بنسبة لا تتجاوز 10% من قيمة الاحتياج بعد موافقة الوزير المختص ووزير الصحة دون تغيير بالكميات المطلوبة.
البعث