مع غياب الضوابط والشروط سوق الأسماك.. فوضى وعشوائية وتداول غير مراقب.. وغلّة صيادي الأسماك خارج الحسابات التسويقية

مع غياب الضوابط والشروط سوق الأسماك.. فوضى وعشوائية وتداول غير مراقب.. وغلّة صيادي الأسماك خارج الحسابات التسويقية

أخبار سورية

الاثنين، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٩

تضاءلت تدريجياً على مدى سنوات خطط الإقلاع بحزمة المشروعات المتداولة فيما مضى عن تطوير آليات عرض وتسويق وتقديم مخزون بيئتنا البحرية في أماكن ملائمة بما يشبه المتحف، أو المعرض البحري، أو معرض الأحياء المائية، بما في ذلك مراكز مجهزة مخصصة لتسويق المنتجات السمكية بمواصفات ومعايير وشروط بيئية وصحية وجمالية، وهذا أقل ما يمكن توفيره في اللاذقية ذات الطابع البحري الشاطئي والملاحي الذي تتميز به، لكن أياً من ذلك لم يتحقق ولم يتبلور لا على مدى السنوات ولا حتى العقود الماضية، لأنه لم يحظ بالاهتمام الذي يرتقي إلى مستوى الضرورة والأهمية، ولذلك بتنا نكتفي بالتدابير والإجراءات المستعجلة لضبط عملية تداول الأسماك، ومتابعة الاحتياجات الضرورية لحرفة الصيد البحري، وتنظيم عملية الصيد البحري في ظل غياب معالم الصناعة البحرية التي تعد ركيزة أساسية لقطاع الصيد البحري والإنتاج السمكي، حيث لاتزال مثل هذه الصناعة الملاحية التنموية بعيدة عن شواطئنا الغنية بموارد طبيعية، وكان من المفترض العمل عليها منذ زمن طويل، وهذا جعل قطاع الصيد البحري يتأثر بتواضع الصناعة البحرية، ولو أنها نالت الاهتمام الكافي من القائمين على مؤسساتها المعنية لوفرت بيئة استثمارية غنية بمواردها ومنتجاتها، وبعدد المشتغلين بها، ولكان ساحلنا الجميل هو الرابح الأكبر اقتصادياً، واستثمارياً، وبيئياً، وسياحياً، واجتماعياً.
 
أسس دقيقة لضبط التسويق
وفي متابعة لواقع حرفة الصيد البحري التقت “البعث” رئيس لجنة الصيادين في نقابة عمال النقل البحري صبحي بكّو الذي أوضح أن قانون الأحياء المائية يلحظ بنداً خاصاً بتسويق وعرض الأحياء المائية، مبيّناً أنه ينبغي بعد الانتهاء من عملية الصيد مباشرة وضع السمك في برادات مغلقة ومثلجة نظامياً لأجل القيام بتوريده إلى سوق السمك، كما يؤكد قانون الأحياء المائية على تسويق السمك بموجب موافقات ضمن سوق مركزي مخصص لبيع السمك يكون مستوفياً لكل الشروط الصحية والبيئية، ويمنع بيع السمك إلا ضمن السوق المخصص له، وبموجب مزايدات علنية، وهذه المزايدات العلنية لها مختصون بها من أصحاب الخبرة والثقة بما يضمن سلامة شراء المنتج السمكي.
 
غير مناسب بكل المعايير
ولفت رئيس لجنة الصيادين إلى أن توضع سوق السمك في مكانه الحالي في حي الرمل الجنوبي غير مناسب بكل المعايير، ومن المفترض أن يتوضع السوق داخل ميناء الصيد والنزهة لاعتبارات مكانية وبيئية وصحية، وهذا متعارف عليه في أسواق السمك التي غالباً تكون بعيدة عن التجمعات السكنية والمنشآت، وقريبة ومحاذية لمنطقة الصيد، بما يخفف كثيراً من أعباء النقل، وبما يضمن طرح السمك للتسويق بسرعة فور اصطياده، كما أنه عندما يكون السمك بمحاذاة البحر فإن مواصفاته الإنتاجية تبقى أفضل بكثير جراء عوامل القرب من البحر والملوحة والمياه المالحة، وفي الوقت نفسه يسهم هذا التوضع في فتح خدمات كثيرة رديفة ومكملة للتسويق على شكل سوق متكامل بمحاله واستثماراته وخدماته، لاسيما أن الموقع بالأصل اسمه ميناء الصيد والنزهة.
 
احتياجات الصيد البحري
وأوضح بكّو أن أهم الاحتياجات والأولويات التي يتم التأكيد عليها ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل عمل الصيادين بالتعاون مع الجهات المعنية في الحكومة، والسماح للصيادين في المياه الدولية بالصيد بشكل مؤقت ضمن المياه الإقليمية نتيجة الظروف الحالية، مع تنظيم آليات العمل بالتنسيق مع مديرية الموانىء، والهيئة العامة للثروة السمكية، ونقابة الصيادين، وتسوية المخالفات الخاصة بالقوارب لتقديم الخدمة لجميع الصيادين، ومساعدتهم، وتحقيق العدالة فيما بينهم.
 
تدني المردود
تكشف حالات تداول فراخ الأسماك الصغيرة الممنوع اصطيادها التي يتكرر طرحها بين حين وآخر في الأسواق عن مخالفة واضحة للتعليمات الصادرة التي جرى تعميمها لضبط وتنظيم مزاولة حرفة الصيد البحري وقانون الأحياء المائية، حيث تباع بسعر أقل من السعر المحدد للسمك مكتمل النمو المسموح صيده، بما يخالف التعليمات الصادرة الناظمة لأسس الصيد البحري، وبيّن بكّو أن الصيد المخالف للأسماك الصغيرة يؤثر سلباً على الإنتاج السمكي، لأن الكيلوغرام الواحد من الفراخ الصغيرة والأصبعيات يمكن أن يشكّل أضعافاً مضاعفة من الوزن عند اكتمال نموه، وهذا ينعكس على تدني الإنتاجية كثيراً، وعلى حرمان الصيادين من المردود والريعية، كما يؤدي حكماً إلى زيادة كبيرة في سعر الكيلوغرام على المستهلك، وأكد أن هناك تعليمات واضحة ومعروفة صادرة، إلا أن هناك حالات تجاوز لها من بعض الصيادين غير الملتزمين بها، وهذا التداول غير المسموح به يؤثر على الإنتاج السمكي وحمايته وتنميته، ما يستوجب التشدد المطلق في أولوية حماية الثروة السمكية من كل أشكال التعدي الجائر، ومنها الصيد غير المشروع، ولاسيما الصيد الجارف الذي يلتهم صغار الأسماك وفراخها وأصبعياتها من خلال استخدام شباك صيد بفتحات صغيرة، وهذا مخالف لتعليمات الصيد.
 
ارتفاع التكاليف
بكّو أوضح أن المنطقة الساحلية تفتقر لأي معمل لتصنيع أدوات ومستلزمات الصيد محلياً: /شباك- سنانير- زعانف- أدوات الغوص، وغيرها/، ما يضطر الصيادين إلى تأمينها استيراداً بأسعار مضاعفة عدة مرات، وهذه المستلزمات يحتاجها أكثر من (ألف) صياد، إضافة إلى الافتقار لسوق نموذجي للسمك يحقق الشروط التسويقية المعروفة، بما ينعكس على الصيادين والمنتجين والمستهلكين، وبما يحقق عائدات اقتصادية من خلال منشآت تصنيع أدوات الصيد، وتعد من أبسط الاحتياجات المفترض وجود منشآت واستثمارات لها منذ سنوات طويلة، رغم أن الصيد البحري يشكّل مصادر عيش ودخل لمئات الأسر في المنطقة الساحلية، حيث يوجد أكثر من ٦٠٠ مركب للصيد في محافظة اللاذقية.
 
تأمين الحماية
وفي موازاة الإجراءات، وبهدف تنشيط حركة الملاحة، وتأمين الحماية لمراكب الصيد والنزهة التي تؤم ميناء البسيط، والتي يتراوح عددها ما بين ١٥٠ إلى ٢٠٠ مركب صيد، وزيادة عدد المشتغلين بالصيد، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة، وتوسيع خدمات الأعمال البحرية بمختلف أنواعها، فقد جاء تجهيز مشروعي المكسرين الرئيسي والثانوي لميناء البسيط بكلفة بلغت نحو ملياري ليرة ضمن مشروعات وزارة النقل، المديرية العامة للموانىء في مجال أعمال ترميم وإعادة تأهيل المكسرين الرئيسي والثانوي لميناء البسيط في اللاذقية، وذلك ضمن خطة توسيع وتطوير الميناء لخدمات الملاحة البحرية، واستقبال زوارق الصيد والنزهة والسياحة، لما تتمتع به منطقة البسيط من طبيعة خلابة، وتشكّل مقصداً للاستجمام والنزهة والصيد، وتكمن أهمية هذا التطوير في تأمين الحماية البحرية الجيدة لحوض الميناء من الأمواج والعواصف البحرية، ومراصفة الزوارق بشكل آمن تجنباً للكوارث البحرية، واستثماراً للمساحات، ولفتح استثمارات ومشروعات تنموية في المنطقة ضمن خطة توسيع وتطوير خدمات الملاحة البحرية، تم تدشين المكسرين الرئيسي والثانوي في ميناء رأس البسيط باللاذقية بعد توسيعهما وتأهيلهما لاستقبال زوارق الصيد والنزهة والسياحة.
 
أعمال منجزة
مدير المشروع في مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية متاع 6 الجهة المنفذة، المهندس زهير تفاحة أشار إلى أن طول المكسر الرئيسي بلغ 506 أمتار، وطول المزوار 74 متراً، والمكسر الثانوي 260 متراً، والمزوار 74 متراً، وطول المكسرين 186 متراً، بينما بلغ ارتفاع سطح المكسر عند المزوار 16 متراً من قاع البحر، وارتفاع المكسر فوق سطح البحر 5ر5 أمتار مع ميل داخلي متر / متر للمكسرين، وبيّن أن قيمة الأعمال بالمشروع بلغت نحو 2 مليار ليرة سورية، وأن كمية الصخور الإجمالية التي تم توريدها بلغت نحو 283 ألف طن، وبأوزان مختلفة تراوحت بين 5ر1 طن و12 طناً لكل صخرة، مبيّناً أنه تم تنفيذ الأعمال في المكسر بارتفاعات متدرجة حسب عمق المياه في موقع المشروع.
 
تأمين حماية وفتح استثمارات
يسهم هذا المشروع المتكامل التابع للمديرية العامة للموانىء في تأمين حماية بحرية لحوض الميناء من الأمواج والعواصف البحرية، ومراصفة الزوارق بشكل آمن تجنباً للكوارث البحرية، واستثماراً للمساحات، إضافة إلى فتح استثمارات ومشروعات تنموية في المنطقة، بينما يؤم الميناء نحو150 زورقاً، وهو ما يسمح بتطوير النشاط، وزيادة عدد المشتغلين بالصيد، وخلق فرص عمل جديدة، وتوسيع خدمات الأعمال البحرية بمختلف أنواعها، ويضفي المشروع أبعاداً سياحية على الموقع العام في البسيط، ويمكّن من إقامة مشروعات واستثمارات سياحية جديدة لتطوير المنطقة، الأمر الذي ينعكس على الأهالي فيها ومصادر الدخل.
 
مشروعات ذات بعد تنموي
إن واقع الحال يكشف تماماً أن شاطىء اللاذقية أحوج ما يكون إلى مشروعات تنموية حقيقية وفاعلة في البعد التنموي الشاطئي “السياحي والملاحي والاستثماري” الذي يعوّل عليه في تنشيط حركة الملاحة والسياحة والصيد البحري، واستقطاب المهن البحرية، وهذه كلها مجتمعة أقرب إلى الدراسات والخطط المدوّرة والمؤجلة منذ سنوات طويلة رغم ما تحمله، في حال الاهتمام بها وإطلاق العنان لها، من تحولات نوعية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لجهة إحياء المناطق الشاطئية ببرامج وظيفية تنموية تستقطب الآلاف المؤلفة من الباحثين عن فرص عمل متشعبة الاختصاصات في رحاب البيئة البحرية والمناطق الشاطئية، وإذا كانت تلوح في الأفق المنظور رؤى تطويرية لتنمية الاستثمارات البيئية البحرية النوعية في قطاعات السياحة والنقل البحري، واستثمار الأملاك البحرية، وغيرها من مشروعات يتم طرحها، رغم التحديات الراهنة، لاسيما أنها مشروعات حيوية تنموية تؤسس لتنظيم استثمار الأملاك العامة البحرية كمشروعات جمالية سياحية شعبية مولّدة لفرص العمل، وفي الوقت الذي لا يحتضن الساحل السوري أية معالم للصناعة البحرية، فإن هذه المشروعات تعد مسارات تنموية واسعة، وركيزة أساسية لتنمية المنطقة الساحلية.
 
اللاذقية- مروان حويجة