الحمضيات بين الإنتاج والتصنيع.. هل يشفع خلوها من الأمراض الحشرية والفطرية في ردّ الاعتبار لها؟

الحمضيات بين الإنتاج والتصنيع.. هل يشفع خلوها من الأمراض الحشرية والفطرية في ردّ الاعتبار لها؟

أخبار سورية

السبت، ٤ يناير ٢٠٢٠

سراب علي:   
استبشر خيراً كل من حضر مهرجان الحمضيات في اللاذقية من مزارعين وباحثين وشركات توضيب وتغليف، فالاهتمام بهذا المنتج وإقامة نشاط اقتصادي وتجاري مهم كهذا للتعريف بالحمضيات السورية التي تتمتع بمواصفات متميزة، إضافة لما ظهر من اهتمام حكومي وسعي جدي لإنقاذ المنتج بعد ماعاناه من ظلم، بدءاً من أولى مراحله في الزراعة وانتهاء بتسويقه كفيلة كما يؤكد هؤلاء برد الاعتبار لهذ المنتج لتعويضه عما فاته في الأعوام السابقة.
بكل ثقة اصطفت الحمضيات بألوانها وأصنافها المتنوعة على الرفوف تارة وفي الصناديق تارة أخرى معلنة بداية مرحلة جديدة ومهمة في رحلتها إلى السوق الداخلية والخارجية وهي التي تشكل أكثر من 50% من إنتاج بقية الفاكهة في سورية، كما أثبت خلوها بعد أن تم فحصها في أحد المخابر الخارجية من 116 مادة تدخل في تركيب المبيدات الحشرية الفطرية ومبيدات الأعشاب، كما بين المهندس سهيل حمدان مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة الذي أشار إلى أن المهرجان يمكن أن يحقق غايته بإيصال المنتج السوري من الحمضيات إلى الأسواق العالمية إذا ما تضافرت جهود الجهات العامة والخاصة من مزارعين وشركات تغليف وتوضيب وتأمين خط نقل بحري.
مؤشرات جيدة
وجاءت تأكيدات مدير الزراعة في اللاذقية المهندس منذر خير بيك بأن جميع المؤشرات تشير إلى وجود محصول جيد للحمضيات وأن الأسعار في الأسواق الداخلية للمحصول جيدة ومن خلال السياسة المتبعة من قبل الحكومة سيكون هناك حل جذري لمشكلة الحمضيات التي تشكل مصدر دخل رئيسياً لحوالي 45 ألف أسرة على مستوى المحافظة، مشيراً إلى أن إنتاج المحافظة من الحمضيات حوالي 800 ألف طن ليصبح إنتاج محافظتي اللاذقية وطرطوس مليوناً و100 ألف طن، وفي خطوة وصفها العديد من المعنيين بالمهمة والجيدة للتأسيس لبرنامج تسويقي خارجي للمنتجات الزراعية السورية تم مؤخراً إطلاق برنامج الاعتمادية بالتعاون بين وزارتي الزراعة والاقتصاد وهيئة دعم الإنتاج المحلي وتنمية الصادرات، وهنا بينت المهندسة ميس شحادة رئيسة دائرة الاقتصاد الزراعي في مديرية زراعة اللاذقية أن هذا البرنامج يقوم على اعتماد المزارع التي تطبق الممارسات الزراعية الجيدة واعتماد مراكز الفرز والتوضيب وفق المعايير العالمية وكذلك خطوط النقل البرية والبحرية المنتظمة ضمن بروتوكولات تبادل تجاري مع الدول المستهدفة وأضافت: تم هذا العام التوجه إلى المزارع التي لا تقل مساحتها عن 2,5 هكتار وقد بلغ عددها حوالي 1300 مزرعة وتعبئة استمارة خاصة بالمزرعة تمهيداً لمنح شهادة اعتمادية وطنية بما يحقق شروط الاعتمادية.
حل استراتيجي
كما إن أشواطاً جيدة قطعت في عملية وضع البرنامج حيث تم تقييم مراكز الفرز والتوضيب فيه بالتنسيق مع وزارة الزراعة في هيئة دعم الإنتاج المحلي والصادرات وتقييم وفحص بعض مراكز التوضيب والفرز الأخرى.. هذا ما أكده الدكتور ابراهيم ميده مدير عام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، مشيراً إلى أن هذا البرنامج سيكون حلاً استراتيجياً للتسويق الخارجي لمادة الحمضيات من خلال شهادة الاعتمادية التي سوف تخترق الأسواق الأخرى كالسوق الصينية والروسية التي يمكن أن يتم إبرام عقود تصديرية طويلة ومتوسطة الأجل معها وبمواصفات عالية جداً ومنح شهادات للتسويق خارجياً، كما تبع ذلك تطبيق نظام (الغلوبال غاب )على كامل سلسلة إنتاج الحمضيات وبشكل تشاركي ما بين منتجي مراكز التوضيب وتجار التجزئة ضمن نظام رقابي يضمن جودة المنتج وصحة المستهلك.. هذا ما بينه المهندس سامي وهيبه وكيل شركة ccpb في الساحل السوري، وأضاف وهيبه: إن الشهادة التي تمنحها الشركة تخول حاملها الدخول إلى المنظومة العالمية للجودة في سلسلة الإنتاج، حيث تضم أكبر تجار التجزئة في العالم كما تعمل على المحافظة وتداول منتج سليم صحياً وخالٍ من الترسبات وتطبيق أنظمة التتبع على كامل السلسلة الإنتاجية وحفظ السجلات، إضافة إلى اتباع ممارسات الزراعة والتوضيب الجيدة والحفاظ على صحة العمال والدخول في الزراعة التعاقدية والأسواق العالمية المستدامة، مشيراً إلى أنه يتم العمل مع وزارة الزراعة ومكتب الحمضيات لتشكيل مجموعات للمزارعين لتفعيل الشهادات وعن طريق مكتب الحمضيات أصبحت لدينا مجموعة في محافظة طرطوس واللاذقية حوالي مزرعتين نطبق معها نظام الزراعة العضوية على الحمضيات، ولفت وهيبة إلى أن هناك عدة مزارع في سورية تم منحها شهادة الشركة ما يثبت أنها محققة للمواصفات المطلوبة في الإنتاج العضوي والقابلة للتصدير وتخولهم دخول منتجاتهم للسوق الخارجية بكل سهولة كما محصول العنب في صلنفة ومزرعة تفاح في السويداء ومزرعة خضروات في طرطوس وفي دمشق تصنع العطور من الزيوت النباتية، وهناك عدة طلبات من مزارعين وشركات وسيتم وضع المساحات المزروعة الصغيرة في مجموعات لتخفيف تكاليف الشهادة.
جهود خاصة
في حين أكد المهندس ميسرة الحاجي- صاحب مؤسسة الحاجي التجارية للتغليف والتوضيب ونائب المجلس السوري الروسي للأعمال أن ما وصل إليه المنتج السوري من الحمضيات يحتاج الدعم المضاعف لتصديره للخارج وتسويق الفائض منه، وهذا لن يكون- كما يقول- إلا بتضافر جهود الإعلام مع الجهود الحكومية للتعريف بجودة المنتج السوري وتسويقه للخارج، مشيراً إلى أنه سيتم تسيير أول باخرة بالاتفاق مع شركة (روس لاين) مباشرة بين مرفأ اللاذقية ومرفأ كريتش بالقرم منتصف الشهر القادم محملة ب60 براد حمضيات بوزن 1500 طن وهي خطوة تجريبية وسيتم أسبوعياً تسيير باخرة إذا ما تم الأمر بسهولة ويسر ونحن متفائلون بتحسين وضع الحمضيات.
أصناف جديدة
وشاركت محطة سيانو التابعة للبحوث العلمية الزراعية بمنتجها من الحمضيات باعتبارها مختصة باستنباط أصناف جديدة من الحمضيات لتكون متلائمة مع البيئة السورية وتحسين جودة المنتج وتحسين ريع المزارع، حيث لفتت الدكتورة أليسار شعبون من المركز إلى أنه بعد الاهتمام الحكومي بالمنتج واتباع نظام الإدارة المتكاملة في مراحل إنتاجه يفترض أن تبذل كل الجهود لإيصاله إلى السوق الخارجية وإعطاء المزارع حقه الذي حرم منه سنوات، كما عرض إنتاج بعض المزارعين الذين فازوا بالمراتب الثلاث الأولى بالمباريات الإنتاجية على مستوى المحافظة والذين لم يحالفنا الحظ للقائهم ولاسيما الفائز الأول في المباريات الإنتاجية على مستوى المحافظة اسماعيل علي الذي تحدث عن وصوله لهذه المرتبة وحصوله على محصول جيد بعد تطبيقه إرشادات مديرية الزراعة واستخدامه السماد العضوي والمكافحة الحيوية إضافة لاستخدامه الري بالتنقيط والتقليم الجيد…وبعد جولته على عدة معارض في المهرجان قال المزارع أحمد حمدون إنه تعرف على نوعين جديدين من أصناف الحمضيات يمكن أن يضيفهما للصنف الذي ينتجه حالياً كما إنه تعرف أكثر على إيجابيات المكافحة الحيوية والزراعة العضوية.
اهتمام حقيقي وليس ورقياً الدمج بين المؤسسة العلمية والمؤسسات والقطاعات الأخرى أضفى قيمة كبيرة كما يقول الدكتور علي الخطيب من مركز البحوث العلمية، إضافة إلى ذلك فقد استطاع المزارعون الزائرون للمهرجان الاطلاع على أصناف لم يكونوا يعرفونها وكانت هناك أسئلة وجهت من قبل المزارعين فيما يخص الخدمة والإنتاج وهذا دليل على ثقتهم بالجهة الحكومية وكان للندوة التي رافقت المهرجان وألقى فيها الدكتور الخطيب محاضرة عن أصول الأصناف والتسميد والري فائدة كبيرة كما يقول وذلك لجهة ما قدم فيها من مقترحات قابلة للتطبيق بسرعة وتسهم في حل بعض المشاكل التي يعانيها المحصول كما أن هناك مقترحات جديرة بأن تدرسها الجهات المعنية، وقدمت مقترحات استراتيجية، مؤكداً ضرورة الانتقال من مفهوم زراعة الحمضيات إلى صناعتها، ففائدة قشور الليمون أكبر من فائدة عصائرها والعمل على إنشاء معمل للعصائر يجب أن يرافقه إنشاء معامل للاستفادة من قشور وزيوت الليمون ومن وجهة نظر د.الخطيب أنه ليس بالضرورة أن يتم إنشاء معمل واحد وبطاقة إنتاجية كبيرة متل 3000 طن يومياً وتالياً تحتاج أسطول نقل كبيراً ومستودعات مبردة لاستيعاب الفائض وربما تكون تكلفتها أكبر من تكلفة المعمل، بل الأفضل أن تعطى موافقات رخص لمعامل صغيرة قريبة من مراكز الإنتاج كما هي الحال بالنسبة لمعاصر الزيتون، وتابع قوله: وجود أكثر من معمل للعصائر يخلق حالة تنافسية بين المزارعين حيث إن بساتين صناعة العصائر لها خصوصية عن بساتين التصدير.