بسبب حوافزها المجحفة.. أساتذة الجامعة يمتنعون عن التأليف للجامعة ويفضّلون “الثقافة”!!

بسبب حوافزها المجحفة.. أساتذة الجامعة يمتنعون عن التأليف للجامعة ويفضّلون “الثقافة”!!

أخبار سورية

الجمعة، ٢٢ أبريل ٢٠٢٢

يبدو أن جميع الأطراف المعنية والمرتبطة بإنتاج وتسويق الكتاب الجامعي غير راضية عن الواقع، سواء المتعلق بمكافأة التأليف، أو المرتبط بالتسويق، وغيرهما من العقبات التي تزداد أمام هذا المنتج العلمي المسؤول عن تعليم أجيال الشباب، وإكسابهم الخبرات العملية والمعلومات النظرية في اختصاصاتهم، فحلقة التأليف والتسويق وصولاً إلى الطالب لاتزال تدور في دائرة الخسارة، سواء للمديرية “كساد الكتب”، أو للأستاذ الجامعي “الامتناع عن التأليف” بسبب قلة المكافأة، في وقت أصبح أغلب الطلبة يلجؤون إلى “النوتة” التي تباع في المكتبات، والتي يتهمها البعض، بما فيهم الأساتذة، بأنها تشوّه أفكارهم كونها غير دقيقة، وفيها الكثير من الأخطاء، مستغربين عجز الإدارات الجامعية عن ضبطها، وبالمقابل هناك أساتذة هم من يروّجون لنوتهم في المكتبات، ويتقاضون من ورائها الأرباح.
الثقافة أفضل!
بعض الأساتذة في الكليات الجامعية تحدثوا بكل صراحة عن الامتناع عن تأليف الكتاب الجامعي بسبب المقابل المادي القليل رغم حاجة الكلية للمقرر، وتفضيلهم التأليف لدى وزارة الثقافة التي تمنح مقابلاً مادياً أعلى، في حين يقوم بعض الأساتذة بتأليف المقرر ولا يلتزمون بالتدريس منه، وهذا مخالف للقانون، بل يتم تأليف نوتة ويُطلب من الطلبة الالتزام بها، فتعويض التأليف حتى بعد تعديله يراه الأستاذ الجامعي قليلاً جداً، خاصة أنه سيأخذ من وقته أكثر من عام، “فضلاً عن الضريبة التي تقطع من المبلغ”، وهذا ما يدفعه إلى وضع نوتة قد لا تشمل جميع مفردات المقرر، وبالتالي يؤدي إلى ترهل المخرجات، أما عن رأي البعض حول المقترح الذي أطلقته جامعة دمشق منذ عام حول نشر الكتاب الجامعي على CD وإتاحته على الشبكة، فإن ذلك يخالف حقوق الطباعة والتأليف، كما يوقف إيرادات مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، وتنشط الطباعة في المكتبات والأكشاك.
أصبحت من الماضي
لم يخف مدير الكتب والمطبوعات الجامعية  الدكتور منهل أحمد أحمد قلة إقبال أساتذة الجامعة على التأليف، في حين يلجأ البعض إلى التأليف بهدف الترفّع العلمي فقط، والمشكلة أن الأستاذ لا يلتزم بالإعطاء من الكتاب الذي ألّفه بحجة أن معلوماته أصبحت من الماضي وقديمة، ولا يقوم بتأليف كتاب جديد بعد مضي أربع سنوات على المقرر السابق، وحالياً تم تعديل المكافأة بعد صدور القرار 49  في 19/ 12/ 2020 بمنح مكافأة مالية قيمتها 1000 ليرة عن كل صفحة، بمعنى الورقة الواحدة تصبح 2000 ليرة، لكن على ألا يتجاوز المبلغ المالي 300 ألف ليرة، حيث تم توحيدها للكليات النظرية والعملية: أربع ساعات تدريسية،  100 صفحة لكل ساعة أسبوعية، والجانب العملي 50 صفحة، علماً أن الأسعار كانت سابقاً 30 ليرة للصفحة لمقررات الكليات النظرية، و35 ليرة للصفحة في الكليات العملية.
تكدّس الكتب 
وبيّن أحمد المشكلة التي يكررها في جميع الاجتماعات والمنابر عن سلبيات النوتة الموجودة في المكتبات من قبل الطلبة، وحتى من قبل بعض الأساتذة، ما يسبب عدم بيع الكتاب الجامعي، وبالتالي تكدّس الكتب في المستودعات بوجود نسخ لم تبع منذ 25 و30 سنة، فالكتب الطبية هي الوحيدة التي تباع مباشرة، أما الكتب الأخرى فـ 20% – 25% منها غير مباعة، علماً أن بعض الأساتذة يلزمون الطلبة بالكتب، والقسم الآخر يقوم بتأليف الملخصات بحجة أن معلومات الكتاب قديمة، وأصبحت الأكشاك تبيع أكثر من المديرية، وهنا يجب على الأستاذ وضع ملحق للكتاب يرسل إلى المديرية وتتم طباعته بشكل نظامي.
وأمل أحمد بحل مشكلة التسويق من خلال قيام الأستاذ بإلزام الطلبة بشراء الكتاب الجامعي، كما يجب رفع سعر الكتاب الجامعي، فعلى الرغم من الزيادة التي طرأت عليه، إلا أن التسعيرة لا تحقق 40% من سعر الكتاب، وتسبب خسارة للمديرية بوجود كتب تبلغ تكلفتها  11 ألف ليرة، وتباع بـ 4800 ليرة، وكتب أخرى ملونة تباع بـ 6500 ليرة، وتكلفتها 20 ألف ليرة للكتاب الواحد، علماً أنه في العام الماضي تم تأليف 32 كتاباً نظرياً وعملياً، و7 كتب لنظام التعليم المفتوح، أما في عام 2022 فتمت طباعة 7 كتب، و2 لنظام التعليم المفتوح، وستتم طباعة 13 كتاباً جديداً الأسبوع القادم .
خسارات متكررة 
تتعرّض المديرية بحسب أحمد للخسارة، خاصة أنها مستقلة ولا يتم دعم خزينتها، وحالياً قامت باستدانة 600 مليون ليرة كدفعة أولى، و400 مليون كدفعة ثانية من وزارة المالية، و200 مليون من الجامعة، في حين بلغت مبيعات العام الماضي 177 مليون ليرة، ولم تغط جميع التكاليف، لاسيما في ظل عدم استقرار الأسعار.
ومن التعليمات التي تضمنها القرار أن يكون لكل مقرر تدريسي في مرحلة الإجازة في الجامعات والمعاهد العليا كتاب جامعي واحد أو أكثر معتمد للمقرر، ولا يجوز تدريس كتاب في كليات الجامعة أو المعاهد العليا وبيعه للطلبة إلا بناء على قرار من مجلس الجامعة، مستنداً إلى توصية من لجنة التأليف والترجمة والنشر في الجامعة، ومجلس الكلية أو المعهد العالي، ورأي القسم المختص.
أسوة بدور النشر
وبيّن بعض الأساتذة ضرورة رفع مكافأة التأليف، ومنح تعويض مالي عند طباعة نسخ جديدة أسوة بدور النشر، حتى إنه عند صدور قرار مكافأة التأليف الجديدة، فإن قسماً من الأساتذة الذي سلّم الكتاب قبل صدور القرار تم تعويضه على أساس السعر القديم، والقسم الآخر الذي سلّم الكتاب بعد صدور القرار تم تعويضه على أساس السعر الجديد، فضلاً عن اقتطاع ضريبة على مبلغ المكافأة، لذلك يفضّل الأستاذ التأليف لدى وزارة الثقافة، ففي حال ألّف كتاباً، وبلغ عدد كلماته 80 ألف كلمة، يبلغ تعويضه أكثر من مليون و600 ألف، بعد أن عدّلت الوزارة المكافأة إلى 27 ليرة للكلمة الواحدة في الدراسات والبحوث والرواية، و36 ليرة للكلمة الواحدة لكتب المسرح، والقصة القصيرة، وأدب الأطفال، و45 ليرة للكلمة لكتاب الشعر.
في الختام، قضية الكتاب الجامعي من المفروض أن تكون من ضمن أولويات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وإدارات الجامعات من خلال الاهتمام بتطوير المناهج وتأليف الكتاب المرجع البعيد عن القص واللصق والنسخ، مع ضرورة إعادة النظر في قيمة مكافأة التأليف، فالأرقام الحالية، رغم التعديل الأخير، غير عادلة ولا تتناسب أبداً مع الجهد المبذول من قبل الأستاذ المنهك بساعات التدريس، والذي من حقه أن يسعى لتحسين دخله.
 فداء شاهين