من يوميات العيد.. محاولات ضبط الأسعار مجرد فقاعات وعدد الضبوط طي الكتمان!

من يوميات العيد.. محاولات ضبط الأسعار مجرد فقاعات وعدد الضبوط طي الكتمان!

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣ مايو ٢٠٢٢

مع انتهاء شهر رمضان الكريم، تنفس المواطنون الصعداء أملاً بانتهاء موجة الغلاء الفاحش التي رافقت هذا الشهر، فعلى الرغم من تأكيدات الحكومة – وعلى رأسها وزارة حماية المستهلك – سعيها الدؤوب لخفض الأسعار وتوفير جميع السلع في صالات السورية للتجارة، بأسعار منافسة، ناهيك عن تقديمها سلّلها الغذائية عبر قرض الـ 500 ألف، إلّا أن محاولاتها كانت مجرد فقاعات ووهماً من سراب لمسه المواطنون منذ الأسبوع الأول من شهر الخير، إذ لم يعد ينفع ربع الراتب لشراء وجبة إفطار لا تتعدى الخضار بعد أن لامس سعر كيلو البندورة حائط الـ 5000، لينعدم مع ذلك خيار شرائها “بالحبة” أيضاً، إضافة إلى فقدان واحتكار الكثير من السلع في صالتها، وفي الأسواق، وإغراق السوق السوداء فيها على عينك يا تاجر.
السيناريو ذاته
وفي وقت امتلأت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بمناشدات المواطن “المعتّر” لحكومته علّ وعسى “ترفع العصا” في وجه من يتسببون بغلاء الخضار التي تُزرع محلياً وتُصدّر في وقت نحن بأمس الحاجة إليها، جاءت تصريحات الكثير من المسؤولين والتجار ونصائحهم بالاستغناء عن الخضار الأساسية، كالبندروة والحشائش، معتبرينها مجرّد “كماليات”، لتستفزّ المواطن الذي لم يعد قادراً على تحمّل المزيد من الأعباء، إذ تكرر اليوم السيناريو ذاته باختفاء الكثير من الخضار والفواكه من الأسواق بحجة ارتفاع ثمنها بشكل فاحش قُبيل العيد، ليتحول هو الآخر إلى فرصة لرفع الأسعار وملء الجيوب أكثر فأكثر؛ فلم يكد المواطن يُحصي خسائره وديونه المتراكمة من شهر رمضان وما سبقه من أشهر غلاء حتى بدأ بالعزف على آلته الحاسبة أرقام وأعباء أخرى بعيدة كل البعد عن شراء ثياب العيد وحلوياته، لتتلخص ببضع الخضراوات الإضافية كون أسواق الهال تُغلق في هذه الفترة التي يجب على الفقير مرة أخرى دفع فاتورة تعطيلها من جيبه “المبخوش”.
تصريحات ووعود
وبين تصريحات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتوفير السلع وملاحقة كبار التجار المحتكرين وإغلاق مستودعاتهم، وبين الواقع الملموس الذي ينبئ بمزيد من الغلاء وخنق المواطن تارة تلو الأخرى، نجد أن جيوب الجهات المسؤولة باتت شبه فارغة من الحلول الحقيقية والكثير من التسويف الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، لا سيّما ما لمسه المواطن في حديث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك من تنصّل تدريجي من المسؤوليات، والذي نفى خلاله مسؤولية الوزارة بضبط الأسعار واقتصار عملها على توفير السلع ورفد السوق بها، الأمر الذي أثار استغراب واستهجان المواطنين ممن تمسكوا بقشة أمل في عودة الأسواق كما كانت، ليعاود وزير حماية المستهلك تأكيده لهذا الحديث عبر المجلس العام لاتحاد نقابات العمال، منذ بضعة أيام، متمسكاً بالقانون الناظم لعمل الوزارة، والذي يحصر واجبها بتوفير السلع، في حين بقي ضبط الأسعار “لا معلق ولا مطلق”.. وبانتظار أن يتم تبّنيه من أي جهة مسؤولة ذات سلطة رادعة لحيتان الأسواق.
منحة ضرورية
وعلى الرغم من أن منحة السيد الرئيس بشار الأسد مع حلول عيد الفطر جاءت لتسد الكثير من الاحتياجات الضروية للعيد، إلّا أن سباق تجارنا للفوز بهذه المنحة قبل وصولها إلى جيب المواطنين كان سيد الموقف، فقد شهدت الأسواق ارتفاعات مُضاعفة بحيث رتبت على المواطن أعباء مالية إضافية. وقد شدد الاقتصادي اسماعيل مهنا على أهمية هذه المنحة خاصّة في فترات الأعياد، ولا سيّما مع تكبّد المواطنين خسائر جمّة خلال شهر رمضان وخروجهم من هذا الشهر خاوي الجيوب، لكن ومن وجهة نظر مهنا كان لابدّ من تكثيف جولات الرقابة على الأسواق تزامناً مع صرفها لتوسيع دائرة المشتريات بحيث نصل إلى تكافؤ معادلة السوق من حيث زيادة الطلب على السلع مع تصريف هذه السلع وعدم بقائها كاسدة، وتحقيق هامش ربح بسيط للتجار، لافتاً إلى وجود حلول كثيرة وخطط ومقترحات لخبراء اقتصاديين على طاولة الجهات المسؤولة إلّا أن الصدّ لها تحت مبررات غير منطقية يقف في وجه تطبيقها على أرض الواقع، لنقع دوماً في المطب نفسه عند صدور أي زيادة في الأجور أو حتى منحة على الأجر الشهري. وتحدث مهنا عن ضرورة تعويض فاقد القدرة الشرائية للدخل دورياً وتنشيط عجلة الاقتصاد في ظل أوضاع اقتصادية متعثرة في وجه الجميع لأسباب يشوبها الكثير من الضبابية، فإطلاق العجلة الاقتصادية يجب أن يبدأ بخلق طلب على المنتجات والذي – إن وُجد – يكون في حدوده الدنيا، لعدم وجود مقدرة شرائية للدخل، متسائلاً عن تمسّك الجهات المسؤولة وإصرارها بإطلاق تصريحات كإبر بنج واهمة لا تستطيع أن تُخرج المواطن من عنق زجاجة سوء الوضع المعيشي.
غياب التموين
ومع اختلاف الأسعار من منطقة لأخرى، ومن شارع لآخر، وفقدان الكثير من السلع والمواد الغذائية خلال شهر رمضان وقُبيل العيد، نجد اختفاء لدوريات حماية المستهلك والتي على ما يبدو بدأت في عطلتها مبكراً. وفي محاولة للتواصل “معهم” لمعرفة حجم ضبوط المخالفين والتي يجب أن تكون تجاوزت الحد المُعتاد، أُغلقت الأبواب في وجهنا تحت ذريعة ضرورة التواصل مع المكتب الصحفي الذي بدوره أجّل طلبنا لفترة ما بعد العيد، لتبقى أرقام الضبوط المخيفة في شهر رمضان وقُبيل العيد طي الكتمان ومحجوبة عن الرؤية لأسباب خارج التغطية الإعلامية!!.
ميس بركات