مربو الدواجن يعلنون إفلاسهم.. والسوق تواصل تمردها على معيشة المواطن

مربو الدواجن يعلنون إفلاسهم.. والسوق تواصل تمردها على معيشة المواطن

أخبار سورية

الخميس، ٨ سبتمبر ٢٠٢٢

محمد العمر
غابت مادة الفروج عن موائد أكثر العائلات بعد استغنائها عن اللحوم الحمراء التي أصبحت أسعارها أشبه بالفلكية أيضاً وبعيدة كل البعد عن متناول اليد.. ففي عشر سنوات ارتفعت بيضة الدجاج من ليرتين إلى 600 ليرة، وارتفع الفروج من 100 ليرة وأقل إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة اليوم، حيث تشهد أسعار البيض والفروج في الأسواق ارتفاعات متوالية وغير مسبوقة خلال هذه الفترة بالذات، ليصل سعر طبق البيض للمستهلك إلى 15000- 16000 ليرة، وكيلو الفروج إلى أكثر من 10 آلاف ليرة، وبحسب نشرات التموين الرسمية فقد تمّ رفع سعر كيلو الفروج الحيّ إلى 9500 ليرة بدلاً من 7 آلاف، في وقت يباع في الأسواق بأكثر من 11 ألفاً، وتمّ رفع كيلو الشرحات من 17 ألفاً إلى 23 ألفاً، بينما تباع في الأسواق بنحو ٢٨ ألفاً، ويأتي ارتفاع أسعار الفروج في الأسواق في الوقت الذي يواجه فيه المواطن موجة غلاء متواصلة منذ سنوات طالت مختلف السلع والخدمات.
بدورهم مربو الدواجن وفي ظل تصاعد قذف التهم لهم بأنهم سبب ارتفاع أسعار للفروج، ذهبوا اليوم مدافعين عن أنفسهم، وأنهم -حسب قولهم- بريئون مما يحدث، واصفين قطاعهم بالمظلوم أسوة بالقطاعات الأخرى، ولاسيما أنه يعد رافداً للاقتصاد الوطني وداعماً أساسياً لليد العاملة، فهم يقولون إن كلّ شيء أصبح مرتفعاً كأسعار الأعلاف وأجور النقل، وخاصة بعد قرار رفع البنزين مؤخراً، فضلاً عن التقنين الكهربائي الجائر، وعدم وجود المازوت وغيرها من مستلزمات الإنتاج.
طبعاً هذا الاتهام، نفاه حكمت حداد عضو لجنة مربي الدواجن الذي قال إن ارتفاعات الفروج اليوم لا علاقة للمربي بها، فالمربي هو الحلقة الأضعف بعد المواطن، حسب وصفه، وتأتي الدولة اليوم محملة المسؤولية للمربي رغم أنها تعرف جيداً أسباب ارتفاع مادتي الفروج والبيض، فارتفاع الأعلاف المتواصل سبب رئيسي لزيادة التكلفة على المربي، فضلاً عن موجة الحر التي أدّت وما زالت تؤدي لنفوق أعداد كبيرة من الفروج بسبب ظروف الكهرباء، مشيراً إلى أن الإنتاج انخفض اليوم لانخفاض كميات الصيصان، ولم تعد الأرقام كما كانت بالسابق مشجعة من ناحية الإنتاج، وليس هناك من رابح سوى التاجر الذي يشتري بسعر أقل من المربي ويبيع بسعر أعلى!.
واتفق المربي علي الصفدي بريف دمشق مع غيره من أن المربين بسبب خسائرهم المتواصلة وارتفاع الأعلاف ووصول الكيلو الواحد من الذرة الصفراء إلى ٢٧٠٠ ليرة امتنعوا عن تربية الصيصان وقاموا بذبح قطعانهم للحصول على أسعار مقبولة، حيث تجاوزت تكلفة إنتاج كيلو الفروج من أرض المدجنة 8400 ليرة، متسائلاً عن دور مؤسّسة الأعلاف بالتدخل الإيجابي، وكيف أنها تتفاخر اليوم بتوزيع الأعلاف أكثر من 230 ألف طن خلال هذا العام، في حين أن المربي لم يصله للصوص الواحد سوى 500 غرام فقط، بل أقل  من ذلك؟ وليس من حلّ للمربين -حسب قوله- سوى اللجوء للسوق السوداء، ليكون التاجر في النهاية هو الرابح على جميع الصعد، كعلف وأدوية ومازوت!!.
أكرم عفيف، خبير اقتصادي وتنموي، استغرب بدوره من كيفية تعاطي الحكومة مع المربين بهذه الطريقة، فالعملية الإنتاجية برمتها مهدّدة لسبب كائن في عقلية صنع القرار واعتماد الفريق الاقتصادي على المستوردات بدلاً من المنتجات المحلية، وهذا ما سيدمّر عمليات الإنتاج بشقيها الزراعي والحيواني بشكل كامل، وهناك أكثر من 95 بالمئة من المداجن توقفت عن الإنتاج اليوم، وهي مشكلة مستمرة وما زالت قائمة دون حلول.
ويوضح عفيف أنه لو تدخلت السورية للتجارة كما يجب وبالكميات الكافية في المحافظات لانخفضت الأسعار، وانحلت قضايا المربين، وزالت عقدة ارتفاع التكلفة، فليس هناك مانع من وجود هامش ربح محدّد للسورية للتجارة، لكن دون فرض أسعارها على المربين بشكل غير منطقي هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يوجد هناك أي علاقة اليوم بين سعر النشرة الرسمية للتموين وتكاليف منتج الفروج، وخاصة إذا ما علمنا أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لا تسعّر على أساس التكلفة الحقيقية على أرض الواقع.
مديرُ عام السورية للتجارة زياد هزاع من جهته أكد أن المؤسّسة تطرح اليوم كمية 400 طن في مختلف صالاتها بهدف التدخل الإيجابي في الأسواق وكسر السعر المرتفع بأسعار مخفضة، وهذا التدخل من قبل السورية للتجارة يأتي كغيره من الخطوات السابقة التي تدعم المواطن، وتحقق في الوقت نفسه الفائدة للمربين كتخفيف من الخسائر عبر الاستجرار منهم، مضيفاً أن توزيع مادة الفروج في صالات السورية بسعر 9000 ليرة هو أقل من السوق بألفين إلى ثلاثة آلاف ليرة كسعر يتماشى مع دخل المواطن وقدرته، مشيراً إلى أن التخزين يتمّ في برادات ومواصفات مؤهلة تحافظ على جودة المادة.
البعث