كساد وضعف قوة شرائية في الأسواق.. جمعية اللحامين بدمشق: الأسعار منطقية!

كساد وضعف قوة شرائية في الأسواق.. جمعية اللحامين بدمشق: الأسعار منطقية!

أخبار سورية

الثلاثاء، ٨ نوفمبر ٢٠٢٢

محمد العمر
في الوقت الذي تستقرّ فيه أسعار اللحوم الحمراء في النشرة الرسمية التموينية على مدى أربعة شهور، فإن الأسعار تختلف على أرض الواقع وفي الأسواق المحلية وبفوارق كبيرة بين مكان وآخر تصل بين 8 و10 آلاف ليرة بالكيلو الواحد، لتبتعد مادة اللحوم بمختلف أصنافها عن الموائد السورية في ظل إحجام المواطن عن شرائها واعتبارها من المنسيات.
واللافت أن مسألة الغلاء المرتفعة يشتكي منها القصابون بعد حالة الجمود وضعف الطلب التي عصفت بالأسواق، ليختلف النمط الاستهلاكي للمواطن -حسب قولهم- تبعاً للظروف والمتغيّرات بعد أن أصبح الشراء بالوقية والغرامات المحدودة.
أحد اللحامين في سوق باب سريجة خلال جولة لـ”البعث” أشار إلى أن الزبون والبائع اليوم يتشاركان الضرر من هذا الغلاء، ولاسيما في ظل عدم قدرة المواطن على الشراء بهذه الأسعار التي تصل إلى 50 ألف ليرة للكيلو الواحد من لحم الغنم، و30 إلى 35 ألف للحم العجل، وبالمقابل انخفاض كميات البيع  للقصاب التي أصبحت بحدود ٥ إلى ١٠ كيلو باليوم، حتى المربي، حسب قوله، يعتبر نفسه خاسراً بسبب شرائه الأعلاف بأسعار مرتفعة، وكثير من أصحاب المهنة حسب ما يرويه آخرون في السوق ترك المصلحة متوجهاً إلى عمل آخر يعتاش منه بسبب عدم القدرة على الاستمرار بتلقي الخسائر في ظل ارتفاع التكاليف.
جمعية اللحامين بدمشق على لسان نائب رئيسها محمد الخن اعتبرت أن الأسعار في مادة اللحوم التي تسعر بالأسواق اليوم بـ32500 ليرة واقعية ومنطقية تغطي التكاليف المرتفعة للحامين، من أجور مختلفة تشمل رسوم المحل والنقل والشحن والأيدي العاملة، حيث هناك ضرائب يدفعها بعض اللحامين تصل إلى مليون ونصف المليون ليرة، وهذه التسعيرة -حسب قول الخن- توضع حسب لائحة مديرية تموين دمشق التي قيدت ٧ بالمئة كأرباح، وهي مقسومة بين اللحام وبائع الجملة.
ويوضح الخن أن هناك ٩٠٠ قصاب مسجل ومرخص بالجمعية يعملون بالمهنة، لم يتغيّر عددهم منذ ثلاث سنوات، حسب زعمه، وأن حجم المبيعات وسطياً من اللحوم لكلّ قصاب بشكل يومي يصل الى١٠ كيلو غرامات، أي بمربح وسطي بين ١٥ إلى ٢٠ ألف ليرة، متضمنة أجور النقل والشحن وهو رقم رابح للقصاب في ظل التكاليف المرهقة. وبيّن الخن أن هناك حالة كساد تضرب الأسواق في ظل تراجع كميات الشراء في الأسواق التي تُقدّر بحدود ٧٠٠ رأس غنم يومياً، متراجعاً عن العام الماضي بعد أن كانت الكميات أكبر من ذلك، مشيراً إلى أن هناك عوامل لعبت وما تزال تلعب بارتفاع اللحوم في الأسواق، أولها تهريب الأغنام الذي لم ينقطع إلى الآن على عكس ما يُشاع بتوقفه، وخاصة تهريبها من أسواق رحيبة إلى حلب وتركيا وأربيل بالعراق، ثم يأتي عامل ذبح أنثى الأغنام وهي الفطيمة الصغيرة، وزاد من الطين بلة غلاء مادة الأعلاف التي أثرت سلباً ورفعت التكاليف أكثر مما هو متصور، مما جعل المربين يذبحون الفطائم هرباً من الخسائر. ولفت إلى وجود اختلاف بالسعر بين أسواق دمشق والريف بسبب طبيعة عمل الريف كوجود أماكن لتربية وتسمين الأغنام، فضلاً عن الذبح خارج المسالخ مما يخفض من الأسعار، لكن في كلتا الحالتين الكميات منخفضة عن السابق من قبل المواطن الذي يعاني بالأصل من ضعف قدرته الشرائية. وتوقع الخن تحسّن الطلب إلى بعد رأس السنة القادمة حيث تتحسّن فيها المواسم، على حد قوله.
غش موصوف..!
وعلى وقع فوضى ارتفاع الأسعار واختلافها بين مكان وآخر، تزامناً مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، هناك من ضعاف النفوس من البائعين من راح يستغل هذا الغلاء ليطرح لحوماً مغشوشة ومخلوطة بين لحوم متعدّدة، وخاصة لحوم الفروج والغنم والعجل وبيعها على أساس أنها لحم غنم، والأدهى أن يتمّ خلط اللحوم وبيعها للمطاعم ومحلات الصفيحة، وأكثر ما لفت انتباهنا في الأسواق أن اللحمة المسوفة تفقد بالساعات الأولى لتذهب -حسب قول أحد اللحامين- إلى محلات المعجنات. وباتت الموضة الدارجة اليوم بيع لحوم فروج نتر فاسدة بعد فرمها وإضافة البهارات عليها وبيعها كلحم كباب للاستفادة من فارق السعر.
بدوره مدير دائرة حماية المستهلك في التجارة الداخلية بدمشق جهاد الناصر أكد أن هناك تشديداً يومياً للرقابة التموينية على باعة اللحوم في أسواق دمشق، وذلك للتأكد من نظامية ذبحها وصلاحيتها للاستهلاك البشري، مشيراً إلى أن عدد الضبوط التموينية في مادة اللحوم بمختلف أنواعها منذ بداية العام الحالي إلى نهاية تشرين الأول الفائت، بلغ ٦٣ ضبطاً، شملت الغش والذبح خارج المسلخ، والجمع بين نوعين من اللحوم بشكل مسبق أكثر من الكمية المسموحة بها 2 كيلوغرام، لافتاً إلى أن المرسوم رقم ٨ يعتبر صارماً بالمخالفة في هذا الجانب، ووضع عقوبات منها الحبس مدة سنة على الأقل وغرامة لا تقلّ عن ٥ ملايين ليرة، وبالإغلاق إن تكرّرت المخالفة أكثر من الحدّ المتاح.
يُشار إلى أن آخر تسعيرة رسمية صدرت عن مديرية الأسعار بتاريخ 29 حزيران الماضي، حُدّد بموجبها سعر كيلو لحم الغنم المسوف بنسبة الدهن 50 بالمئة بـ26 ألف ليرة، ولحم العجل المسوف بـ19 ألفاً، في حين سعّرت النشرة كيلو هبرة غنم عواس نسبة دهن 25 بالمئة بـ32500 ليرة، وكيلو هبرة لحم عجل بـ 29500 ليرة، أما كيلو هبرة لحم بقر فتمّ تسعيره بـ24 ألف ليرة.