البرازيل تستعد لساعة الحقيقة: لولا دا سيلفا بريء والحساب آتٍ

البرازيل تستعد لساعة الحقيقة: لولا دا سيلفا بريء والحساب آتٍ

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٣ يونيو ٢٠١٩

لن يعرف اليمين البرازيلي راحة البال، بعد التسريبات التي نشرها موقع «ذي إنترسبت» قبل أيام، والتي كشفت عن المؤامرة التي أدت إلى إدخال الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا السجن. وفيما من المنتظر أن تبتّ المحكمة العليا الأمر، في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، فقد وعد الموقع ذاته بالكشف عن معلومات وتفاصيل جديدة قد تكون كفيلة بإطاحة وزير العدل سيرجيو مورو نهائياً، والذي كان وراء هذه المؤامرة.
تسارعت الأحداث الناجمة عن كشف التسريبات بشأن المؤامرة التي حاكها وزير العدل البرازيلي سيرجيو مورو مع عدد من المحقّقين والقضاة، لتوريط الزعيم «العمّالي» والرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وإيداعه السجن بتهم فساد، مستندين إلى اعترافات مشبوهة وقرائن مفبركة تعاون على إنجازها قاضي التحقيق والمدعي العام. مؤامرة فتحت الباب أمام إعادة التحقيق في القضية، ووضع وزير العدل أمام موقف قد يترتّب عليه خروجه النهائي من الساحة السياسية والقضائية. لم يحتج الزعيم «العمّالي» أكثر من عام واحد، حتّى يحقّق وعده الذي قطعه لحفيده أرتور دا سيلفا. حينها، توجه دا سيلفا إلى جثمان الطفل الراحل ووعده بأنه لن يرتاح حتى يكشف الحقيقة، ويثبت لشعبه أنه سجن ظلماً بإيعاز خارجي وتواطؤ داخلي.
جاءت التسريبات التي نشرها موقع «ذي إنترسبت» لتؤكد نظرية المؤامرة التي اشتركت فيها المؤسسات الأمنية والقضائية، وعلى رأسها وزير العدل الحالي سيرجيو مورو الذي قاد عملية جمع الدلائل والشهود وإدارة التحقيقات، بل وإجبار المدعي العام دالنت دالاغنول على الإسراع في الادعاء على دا سيلفا، على الرغم من عدم اقتناع دالاغنول بالأمر.
أربعة أيام مرّت والفضيحة التي هزّت الأروقة السياسية والقضائية ما زالت تؤرق النظام اليميني، الذي بدا مرتبكاً إلى حدّ قطع الرئيس البرازيلي جايير بولسنارو مؤتمره الصحافي عصر الثلاثاء الماضي، حين سئل عن رأيه في قضية التسريبات التي طالت وزيره المقرّب سيرجيو مورو. رفض بولسنارو الإجابة عن السؤال وانسحب من المؤتمر بشكل عاجل.
أما الحدث الأبرز، فقد تمثّل في تأجيل المحكمة العليا قرارها النهائي بشأن تبرئة الزعيم «العمّالي» لولا دا سيلفا إلى الخامس والعشرين من هذا الشهر. تأجيل وضعه المحلّل السياسي لويس ناصيف في خانة تبريد الحدث، وانتظار التسريبات الأخرى التي قد يكون وقعها أشد بكثير من سابقاتها، خصوصاً أنها قد تطال مكالمات بين القاضي السابق سيرجيو مورو وعدد من قضاة المحكمة العليا.
ناصيف أكد، في حديث إلى «الأخبار» أن التسريبات التي نُشرت، كشفت التواطؤ القضائي مع مؤسسات إعلامية نافذة، أبرزها شبكة «غلوبو»، التي أدارت حملة تشويه طالت دا سيلفا لتسهيل الإجراءات القضائية التي كانت ترمي إلى إبعاده عن الترشح الرئاسي وتصفيته سياسياً وقضائياً.
أما عن التوقعات بشأن قرار المحكمة العليا في الخامس والعشرين من هذا الشهر، فقال ناصيف إن الأجواء السياسية المرتبكة تطال، أيضاً، الساحة القضائية، خصوصاً المحكمة العليا التي عانى أبرز قضاتها من الاستهداف السياسي، الأمر الذي تجلّى في الهجوم على المحكمة برمّتها في التظاهرات المؤيدة لليمين. وبالتالي، فإن المحكمة قد تلجأ إلى الطريقة السابقة في إجراء مطالعات مطوّلة، ومن ثم يبرز الانقسام بين قضاتها، لكن الأمر يبقى رهن التسريبات الجديدة التي قد تقلب الأحداث من جديد. وكشف ناصيف أن النتيجة الأوضح في هذه الأحداث، هي نهاية الوزير سيرجيو مورو الذي تكشفت شخصيته الهزيلة بعد تولّي وزارة العدل، ما يؤكد نظرية استخدامه ليكون رافعة قضائية مؤقته، استفاد منها التيار اليميني، ولن يغامر أبداً في إبقائه إذا ما تطوّرت الأمور، خصوصاً بعد زيادة الضغوط الإعلامية والقضائية المطالِبة بتنحيته.
في المحصلة، يحاول الرئيس البرازيلي جايير بولسنارو وتياره التحايل على أزمة التسريبات، من خلال الحديث عن النيات السيئة للمسرّبين، خصوصاً مدير موقع «ذي انترسبت» غلين غرينوالد الذي تعرّض لحملة تشهير غير مسبوقة، واتُّهم بأنه يعمل لمصلحة شبكات إرهابية، وتربطه علاقات وثيقة بمؤسّس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج. كذلك، يروّج هؤلاء لاتهامه باستخدام المعلومات المسرّبة لمصلحة أطراف سياسيين داخليين، بعيداً عن المهنية الصحافية، وذلك في وقت كشف فيه غرينوالد عن تعرّضه وعائلته لتهديدات مباشرة بعد رفضه الإفصاح عن مصادره وإعلانه نيّته نشر تفاصيل أخرى، في الأيام المقبلة، ستكون بمثابة الضربة القاضية لمورو والمتورّطين معه في مؤامرة تلفيق التهم للزعيم «العمّالي» لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
على الرغم من دعوات الاستقالة التي وجّهها عدد من القضاة والصحافيين إلى مورو، إلا أن اليمين الحاكم يحاول تبريد الأجواء، عبر إعلانه أن مورو سيمثل أمام الكونغرس لمساءلته. لكن الأجواء الداخلية، خصوصاً داخل «الحزب الليبرالي» الحاكم، تشير إلى أن خروج مورو لا يمثل أيّ أهمية بالنسبة إليه، إلا أن القلق الأكبر يتمثل في النتائج الكارثية لخروج دا سيلفا منتصراً، ذلك أن الرجل كان يمثّل هاجساً كبيراً وهو يقبع في زنزانته وممنوع من التواصل مع الخارج، فكيف سيكون الحال وهو خارج السجن محاطاً بمناصريه الذين ظلوا أوفياء له في أحلك الظروف، ومواطنيه الذين ضلّلتهم الدعاية الإعلامية والفبركات القضائية، وأساؤوا الظن يوماً بزعيمهم المظلوم.