انطلاق «المعركة» بين بايدن وترامب: الشَّخصنة أولاً

انطلاق «المعركة» بين بايدن وترامب: الشَّخصنة أولاً

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٣ يونيو ٢٠١٩

بدا لافتاً أنّ الجولة التي قام بها كلّ من دونالد ترامب وجو بايدن في ولاية آيوا، طغى عليها الطابع الشخصي، في ظلّ تبادلهما توصيفات ونعوتاً، حتى وصل الأمر بترامب إلى حدّ وصف بايدن بالـ«نائم» و«الأضعف عقلياً»
 
خاض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومنافسه الأبرز عن «الحزب الديموقراطي» جو بايدن، معركة شرسة عن بُعد، أول من أمس. جال الرجلان، كلّ على حدة، في أنحاء مختلفة من ولاية آيوا، حيث تبادلا كيل الانتقادات، في عرض انتخابي نجحا في وضعه ضمن إطار شخصي أكثر منه سياسياً، أو مرتبطاً بالشؤون العامة. ولئن تطرّق كلّ منهما إلى أمور تتعلق بالبيئة أو الصحة أو التجارة أو الخلاف مع الصين... إلا أن الطابع الذي بقي طاغياً على الحدث كان الإهانات والنعوت الشخصية التي أطلقها كلّ منهما على الآخر. 
الأساس كان سعي كلّ من ترامب وبايدن إلى تظهير خصمه بأنه غير مناسب لقيادة البلاد. تهكَّم الأول على الثاني وكرّر اسمه مرات عدة، قائلاً إنه كان «خاسراً» و «رجلاً نعسان» و«أضعف عقلياً»، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن «الناس لا يحترمونه». أما بايدن، الذي يقود استطلاعات الرأي ضمن المرشحين الديموقراطيين، فقد تحدث عن مواضيع عدة كان قد تجنّبها سابقاً، انطلاقاً من علاقة ترامب بزعيم كوريا الشمالية، وصولاً إلى استخدام عبارات كان قد قالها الرئيس، في محاولة لنقضها. صوّب على الوقت الذي أمضاه ترامب في البيت الأبيض، مستخدماً كلماته الخاصة، كدليل على ضرورة رفض الديموقراطيين الواضح والقطعي له. «لدي السلطة المطلقة»، عبارة سبق لترامب أن تلفّظ بها، ليردّ عليها بايدن بالقول: «لا، ليست لديك، دونالد ترامب». وتطرّق إلى عبارة أخرى له، هي: «أنا فقط يمكنني إصلاح ذلك»، ليردّ عليها: «أصلح نفسك في البداية، دونالد ترامب».
وكان بايدن، في وقت سابق من اليوم ذاته، قد استعاد شعار ترامب لحملته الانتخابية عام 2016، مخاطباً إياه بالقول: «أنت تتحدث عن حقيقةِ لِنجْعل أميركا عظيمة مجدداً، سأقبل فقط بأن نترك أميركا تكون أميركا مجدداً». ترامب، من جهته، أخرج الكثير ممّا في جعبته من مصطلحات كان قد استخدمها في حملته السابقة، مضيفاً إليها مصطلحات تتناسب مع المرشّح المنافس الجديد. ولكنه لم يغفل التطرّق إلى «إنجازات» إدارته، حيث أشار خلال عشاء للجمهوريين في آيوا إلى «جهوده» في شأن التجارة والهجرة، وأيضاً إلى تعيين القضاة في المحكمة العليا... ليهاجم بناءً عليها الديموقراطيين على خلفية سياساتهم البيئية، من دون أن ينسى تكرار الحديث عن «اشتراكيي» هذا الحزب، وذلك في إشارة إلى المرشح بيرني ساندرز.
لم يغفل بايدن، بدوره، وضع مقاربة سياسية لترامب، بناءً على حربه التجارية مع الصين، والخروج من التزامات محاربة التغيّر المناخي، وغيرها من الأمور التي تتعلق بقانون الرعاية الصحية... وإذ رأى نائب الرئيس السابق أن مزارعي أيوا «سُحقوا بحربه الجمركية مع الصين»، اتهم الرئيس بأنه تراجع عن الحرب المشابهة مع المكسيك «لأنه أيقن أنّ من المحتمل أن يخسر ميشيغان وأوهايو وأيوا». أما عن العلاقة مع كوريا الشمالية، فقد اعتبر أن ترامب «يحتضن ديكتاتوريين مثل كيم جونغ أون»، واصفاً الأخير بالـ«قاتل اللعين والسفّاح»، ليعقّب على ذلك بالقول إن «الشيء الوحيد الذي يتفقان عليه: جو بايدن، يجب أن لا يكون رئيساً». 
تبادل الألفاظ العدائي، الذي تخلّل جولات المتنافسَين في آيوا، كان الدليل الأوضح على أن الرجلين يريان أن هناك مزايا سياسية في شنّ أحدهما معارك على الآخر، في هذه المرحلة المبكرة من السباق. ومن أبسط الإشارات على ذلك، أن بايدن تجاهل وجود 22 منافساً ديموقراطياً، في الوقت الذي يبني فيه حملته على أساس الحاجة الطارئة لإزاحة ترامب. وهو ما أشارت إليه صحيفة «نيويورك تايمز»، لافتة إلى أنه بدل الدخول في خلافات مع مرشحين أكثر ليبرالية أو آخرين غير معروفين، يحاول بايدن تقديم نفسه على أنه كيان رئاسي، أكثر قابلية للانتخاب في وجه ترامب، خصوصاً في الولايات المتأرجحة مثل أيوا، حيث فاز الأخير على هيلاري كلينتون عام 2016، بعدما كان باراك أوباما قد فاز فيها في عامي 2008 و2012. 
أما ترامب، الذي يأخذ في الاعتبار الاستطلاعات التي تضعه وراء بايدن في ولايات رئيسة عدة، فقد استهدف خصمه بسخرية أكثر ممّا فعل مع أيّ من المرشحين الديموقراطيين الآخرين. وبينما لا تزال الانتخابات العامة على بعد عام من الآن، يعمد الرئيس إلى استرجاع عدد من الشعارات والعبارات التي كان يستخدمها في عام 2016. وفي إحدى المحطات، رأى ترامب أن رسالة بايدن الوحيدة كانت انتقاده، مستعيداً في هذا المجال بعض الكلمات التي كان قد أطلقها ضد منافسته الديموقراطية السابقة، هيلاري كلينتون. «هذا يذكّرني بالمُنحنية هيلاري»، قال ترامب، مضيفاً أنها «كانت تقوم بالأمر ذاته. ثم جاء وقت التصويت، الجميع قال: أتعرفون، إنها لا تحب ترامب كثيراً، ولكن ما (الشعار) الذي تدافع عنه؟ الأمر ذاته يجري مع بايدن النائم».