ترامب يتظاهر بمد يده إلى إيران ويفرض عقوبات جديدة عليها

ترامب يتظاهر بمد يده إلى إيران ويفرض عقوبات جديدة عليها

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٣ يونيو ٢٠١٩

قال تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" نشر اليوم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد سعى أمس السبت لتخفيف حدة التوترات مع إيران، ومد غصن الزيتون "للبدء من جديد" بمحادثات نووية معها، بل حتى شكر طهران على قرارها "الحكيم" بعدم إسقاط طائرة عسكرية أميركية على متنها أفراد.
 
فقد أدى رفض ترامب المضي قدماً يوم الخميس بضربة عسكرية بسبب إسقاط طائرة بدون طيار في الخليج الفارسي، إلى تفادي أزمة جديدة مدمرة محتملة في الشرق الأوسط، حيث كانت إيران وقواتها بالوكالة على استعداد للرد على الأهداف الأميركية في جميع أنحاء المنطقة.
 
لكن في الوقت الذي تلاشى فيه شبح هجوم وشيك، ما زال احتمال تجدد الصراع مع استمرار المشكلات الأساسية بين البلدين في التفاقم.
 
لم تُظهر إيران، الغاضبة من مجموعة من العقوبات الأميركية التي فرضت عليها بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، أي اهتمام بإعادة التفاوض بشأن اتفاق جديد مع إدارة ترامب التي عملت على خنق اقتصادها ومنعها من بيع النفط في السوق الدولية.
 
وقال ترامب، الذي كان يخاطب المراسلين قبل مغادرته إلى كامب ديفيد يوم السبت، إنه يريد أن يفعل أشياء رائعة للخصم منذ وقت طويل، "إيران تريد أن تصبح دولة ثرية مرة أخرى. دعنا نجعل إيران عظيمة مرة أخرى". لكن ترامب لم يبدِ أي اهتمام بتخفيف العقوبات - بل ووعد بالمزيد منها، على الرغم من إصرار إيران على وجوب رفعها قبل بدء أي حوار.
 
وفي تغريدة يوم السبت، قال ترامب إنه سيفرض "عقوبات إضافية كبيرة على إيران يوم الاثنين". كما وافق أيضاً على ضربة إلكترونية هجومية عطلت أنظمة الكمبيوتر الإيرانية المستخدمة في التحكم في إطلاق الصواريخ والصواريخ الدقيقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
 
بعد الأحداث الدرامية يوم الخميس، سافر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين إلى الشرق الأوسط لحضور اجتماعات، ولكن ليس مع أي من الدول التي تميل إلى إيران. يوم السبت، وصل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى "إسرائيل". وفي يوم الجمعة، وصل برايان هوك، المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إلى المملكة العربية السعودية. ونادى كل "إسرائيل" والسعودية بحملة "أقصى ضغط" لواشنطن ضد إيران، التي يعتبرونها تهديداً رئيسياً في المنطقة.
 
انخرط المسؤولون الأميركيون والإيرانيون تاريخياً في اتصالات القنوات الخلفية من خلال طرف ثالث. لكن بعد ظهور تقارير يوم الخميس بأن الولايات المتحدة كانت تستخدم سلطنة عمان، كمحاور للتوسط في محادثات مع إيران، نفى المسؤولون في كل من واشنطن وطهران المزاعم بشدة.
 
وقال وزير الخارجية مايك بومبو في بيان يوم السبت "الرئيس ترامب لم يمرر رسالة عبر عمان تدعو إلى إجراء محادثات مع إيران. لقد جعلنا موقفنا واضحاً للغاية. نحن على استعداد للمشاركة (في محادثات) عندما يحين الوقت. عندما يقرر النظام الإيراني التخلي عن العنف وملاقاة دبلوماسيتنا بالدبلوماسية، فإنه يعرف كيفية الوصول إلينا. حتى ذلك الحين، سوف تتكثف حملتنا من العزلة الدبلوماسية والضغط الاقتصادي ضد النظام".
 
كما أخبر رئيس الخدمات الإعلامية الإيرانية وسائل الإعلام بأنه لا يوجد اتصال بين الجانبين.
 
وقال المحللون إن الجمع بين الخصومة العميقة وعدم وجود قناة دبلوماسية تعمل جيداً يخلق بيئة قابلة للاحتراق.
 
كتب فيليب غوردون، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول سابق في إدارة أوباما في مجلة الشؤون الخارجية: "سيكون صعباً تجنب المزيد من التصعيد، نظراً لتصميم الطرفين على عدم التراجع. التفاوض النووي الجديد، الذي يدعي ترامب أنه يريده، سيكون إحدى الطرق لتجنب الصدام. لكن من غير المحتمل أن تدخل إيران في محادثات مع إدارة لا تثق بها، بل الأقل احتمالاً هو الموافقة على نوع الصفقة البعيدة المدى التي يقول ترامب إنها ضرورية".
 
يقول المسؤولون الأميركيون إنهم يريدون صفقة تحتوي على قيود على البرنامج النووي الإيراني لا تنتهي مدتها، تحظر جميع أنواع تخصيب اليورانيوم؛ وتكبح طموحات طهران الإقليمية وبرنامجها للصواريخ الباليستية.
 
لكن يبدو أن مثل هذه النتيجة غير مرجحة إلى حد كبير بالنظر إلى نظرة إيران إلى الولايات المتحدة باعتبارها معتدياً مصمماً على انهيارها الاقتصادي، الذي يتوقع أن يتبعه تغيير النظام.
 
تعززت هذه الرؤية قبل عام عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في عهد أوباما، وأعاد فرض العقوبات وتعهد بتخفيض صادرات النفط الإيرانية إلى مستوى الصفر.
 
وقد أدت هذه الخطوة إلى إغضاب القوى الكبرى الأخرى التي وقعت الاتفاق - روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا - وتعهدت بالبقاء في الاتفاق. وعلى الرغم من موقفها، فرت الشركات الأجنبية من إيران بسبب مخاوف من فقدها الوصول إلى النظام المالي الأميركي.
 
وبدأت إيران، التي كانت ملتزمة بقيود الاتفاقي النووي، تطالب القوى الأوروبية بإيجاد طريقة للالتفاف على العقوبات الأميركية حتى تحصل طهران على المزايا الاقتصادية التي وعدت بها في الصفقة. ففي إبريل نيسان / إبريل الماضي، مع ارتفاع التضخم وتقلص الاقتصاد الإيراني، واصلت إدارة ترامب زيادة الضغط، بإضافة جناح قوي من الجيش الإيراني، هو حرس الثورة الإسلامية، إلى قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وبقيامه بذلك، قام ترامب بتجاوز البنتاغون، الذي كان قلقاً من أن يعرض هذا التصنيف أفراد عسكريين أميركيين للخطر على مقربة من القوات الإيرانية في المنطقة.
 
في 8 أيار/مايو الماضي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستتوقف عن الامتثال لأجزاء رئيسية من الاتفاق النووي وتنسحب منه بالكامل في غضون 60 يوماً إذا لم تجد أوروبا طريقة لتعويض خسائر إيران. بعد ذلك بفترة وجيزة، تم تخريب ناقلات النفط التي كانت تمر عبر الخليج الفارسي وطارت طائرات بدون طيار مجهولة إلى منشآت النفط في المملكة العربية السعودية وأغلقت خط أنابيب فيها.
 
وقد بلغت التوترات ذروتها يوم الخميس عندما أسقطت إيران طائرة "غلوبال هوك، وهي طائرة استطلاع أميركية بدون طيار.
 
يوم السبت، نشر وزير الخارجية الإيراني خرائط جديدة على تويتر قال إنهت تثبت أن الطائرة الأميركية قد دخلت المجال الجوي الإيراني. وغرّد ظريف مع عرضه الصور قائلاً: "لا يمكن أن يكون هناك شك حول مكان وجود السفينة عندما تم إسقاطها".
 
حظي قرار ترامب بإلغاء الضربات ضد إيران بدعم من كبار المسؤولين في البنتاغون، لكن عارضه بولتون وبومبيو. يوم السبت، وصف ترامب بولتون بأنه "صقر" كان مخطئاً بدعمه السابق للغزو الأميركي للعراق أثناء إدارة جورج دبليو بوش. وقال ترامب إنه لا يتفق دائماً مع بولتون، الذي دعا إلى تغيير النظام في إيران لكنه قال إنه يحب سماع مجموعة من الآراء.
 
وقال ترامب: "في النهاية، أنا أتخذ القرار.. أستمع للجميع. أريد أشخاصاً من كلا الجانبين".
 
وبينما توجه الرئيس ترامب بنبرة ودية بشكل غير عادي تجاه إيران يوم السبت، فقد أكد معارضته لحصول إيران على سلاح نووي. وقال: "لن نسمح بأن تمتلك إيران سلاحاً نووياً. وعندما يوافقون على ذلك، سيكون لديهم بلد ثري، وسيكونون سعداء للغاية، وسأكون أفضل صديق لهم. آمل أن يحدث ذلك، لكنه قد لا يحدث".
 
لم يستبعد ترامب احتمال وقوع هجوم في المستقبل على إيران، لكنه بدا راضياً عن قراره، الذي قال إنه جاء خشية أن تكون الضربة رداً غير متناسب، مما يؤدي إلى مقتل ما يصل إلى 150 إيرانياً. وقال: "أتلقى الكثير من الثناء على ما فعلته. تعبيري هو (لدينا متسع من الوقت). كان الجميع يقولون إنني من دعاة الحرب، والآن يقولون إنني حمامة، وأنا أقول إنني لست كذلك. لم تعجبني فكرة أنهم أسقطوا طائرة بدون طيار من دون دراية، وأننا سنقتل 150 شخصاً" رداً على ذلك.