ترامب لا يستبعد مواجهة «محدودة».. الاتفاق النووي يحتضر

ترامب لا يستبعد مواجهة «محدودة».. الاتفاق النووي يحتضر

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٧ يونيو ٢٠١٩

تدخل طهران اليوم منعطفاً جديداً في إطار ضغوطها المقابلة للحملة الأميركية، مع تخفيفها التزاماتها بالاتفاق النووي. وإذ جددت طهران رفضها التفاوض، على لسان المرشد علي خامنئي، الذي تجاهل أمس عقوبات ترامب بحقه، أعاد الأخير المخاوف بشأن إمكانية حدوث صدام عسكري وإن «محدود»
ربما عن قصد، اختارت طهران الـ27 من الشهر الجاري موعداً لمزيد من التخفّف من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، عبر تجاوز حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق، على توقيت انعقاد قمة «العشرين» في اليابان، حيث سيفرض الملف الإيراني نفسه بقوة على المجتمعين، لا سيما لقاء الرئيسين الأميركي والروسي. لا شيء في الأفق يلوح مرجحاً إمكانية أن يبقى الاتفاق النووي على حاله مع الخطوة الإيرانية، بعد فشل وساطات واتصالات ربع الساعة الأخير التي أجراها الأوروبيون مع الإيرانيين. حتى ليل أمس، بقي المسؤولون الإيرانيون متمسكين بعدم تمديد مهلهم، وترك الاتفاق يتعثر تلقائياً جراء عرقلة العقوبات الأميركية بيع اليورانيوم، فيما واصل الأوروبيون نداءاتهم لطهران لتتراجع عن موقفها، من دون القدرة على تقديم حل عملي. وأمس، وجه مندوبو الدول الأوروبية في مجلس الأمن نداءات جديدة للحفاظ على الاتفاق، وقال مندوب الاتحاد لدى الأمم المتحدة، جواو فالي دي ألميدا، إنه «لا يوجد له (الاتفاق) بديل سلمي يُعتدّ به». وحذر المندوب الفرنسي، فرانسوا ديلاتر، من أن إنهاء الاتفاق «سيعني اتخاذ خطوة خطيرة إلى الوراء تجلب معها غموضاً وعواقب وخيمة محتملة على المنطقة وعلى نظام منع الانتشار النووي وأمننا الجماعي». وعزت منسقة الأمم المتحدة للشؤون السياسية لمجلس الأمن، روزماري دي كارلو، عرقلة الاتفاق إلى قرارات الولايات المتحدة عدم التمديد الكامل للإعفاءات على العقوبات ضد النفط الإيراني، ورأت أن الخطوات التي ستتخذها طهران اليوم «ربما لا تساعد في الحفاظ» على الاتفاق. مع ذلك، تبدأ من الغد مهلة جديدة حتى السابع من تموز، وهي مهلة الـ60 يوماً التي أعلنتها طهران للبقاء في الاتفاق حال استمرار عدم الالتزام الأوروبي بتيسير العوائد الاقتصادية.
وما استحقاق الاتفاق النووي سوى حلقة في المشهد الساخن، الذي تثبت التطورات أن التكهنات بانتهائه لا يمكن الجزم بها. هذا على الأقل ما يؤكده الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي وإن طمأن ناخبيه إلى أنه لن يرسل «قوات برية» إلى المنطقة، لكنه أشار إلى عدم استحالة مواجهة عسكرية محدودة عبر القول: «أتمنى ألا نخوض حرباً، لكننا في وضع قوي جداً إذا حدث شيء... لا أتحدث عن قوات برية. أقول فقط إنه إذا حدث شيء فلن يدوم طويلاً». الفصل الجديد من التصريحات عالية النبرة، والمليئة بالتهديدات بين الطرفين، كانت السبب في افتتاحه العقوبات على المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي انتقدها بشدة وزير الخارجية جواد ظريف، ورأى أنها تعود إلى فشل «الإرهاب الاقتصادي». واعتبر أن شمول خامنئي بالعقوبات دليل على أن «الساسة الأميركيين يجهلون الإسلام وروابط المرجعية بأتباعها، وهم بذلك لا يراعون حرية المذهب لدى المسلمين من المواطنين الأميركيين».
خامنئي، من جهته، تجاهل في خطاب أمس قرارات الرئيس الأميركي بحقه، وقال: «كل يوم تقوم أخبث وأكره حكومة في العالم، تسببت بإشعال الحروب وبث الفرقة ونهب وسرقة ثروات البلاد والشعوب، بتوجيه إهانات واتهامات للشعب الإيراني الشريف، لكنه لا يهاب ممارسات أميركا القبيحة ولا يتراجع أبداً». وجدد رفض التفاوض مع واشنطن، معتبراً أن الهدف الرئيس لهذا المطلب هو نزع أسباب القوة: «يسعون لسلب إيران هذه الأسلحة وأسباب القوة هذه من خلال التفاوض، لكي يستطيعوا إلحاق أيّ أذى بهذا الشعب»، في إشارة إلى البرنامج الصاروخي. وأضاف: «إذا ما وافقت على اقتراح أميركا (التفاوض) فسوف يتمّ التنكيل بالشعب، وإذا رفضته فسوف تستمرّ إثارة الضجيج السياسي والإعلامي والضغوط». وتطرق الزعيم الإيراني إلى حديث الخبراء في الإعلام العالمي عن قوة إيران العسكرية، ولفت إلى أن ذلك ليس سببه الأحداث الأخيرة «بل هو نتيجة لصمود» على مدى 40 عاماً، مشيداً بعملية «الدمج بين الهوية الإيرانية والخصائص الإسلامية» في العقود الأربعة الماضية من عمر الثورة.