مشاريع استيطانية تنسف خداع كوشنر للعرب

مشاريع استيطانية تنسف خداع كوشنر للعرب

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١ يوليو ٢٠١٩

وجهت دولة الاحتلال الإسرائيلي ضربة موجعة وغير متوقعة إلى جاريد كوشنر المستشار الخاص للرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط، وذلك بعد ساعات قليلة من انتهاء ورشة المنامة المثيرة للجدل والتي رعاها وعرض فيها مليارات الدولارات كمشاريع استثمارية للفلسطينيين.
 
ورغم أن كثيرين كانوا يتوقعون أن ما عرضه كوشنر، الذي حظي بتصفيق المشاركين العرب وإعجابهم، تم بالتوافق مع "إسرائيل"، لكن ما كُشف من تفاصيل خطة اقتصادية استيطانية موازية بالضفة ترجم حجم الخلاف بين "تل أبيب" وواشنطن في تعاملها مع القضية الفلسطينية.
 
وعكس كل المشاريع التي تحدث عنها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عرض رئيس بلدية الاحتلال السابق في مدينة القدس المحتلة، نير بركات، خطة اقتصادية "مُغرية" تعتمد على إنشاء 12 منطقة صناعية توفر العمل لأكثر من 200 ألف فلسطيني في المناطق الصناعية، لتطوير وتعزيز المستوطنات المقامة بالمنطقة (ج).
 
وبحسب تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر (29 يونيو الجاري)، عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، فإن بركات بيَّن أن الخطة تهدف أيضاً إلى تطوير وتوسيع 4 مناطق صناعية كبيرة في شمالي الضفة، ومنطقة "معاليه أدوميم" و"ترقوميا" قرب الخليل، واقترح إقامتها جميعها على خط تماس واحد بما يتيح سهولة الوصول إليها نسبياً للمواطنين الفلسطينيين وللمستوطنين على حد سواء.
 
إعلان فشل "ورشة المنامة"
 
وتهدف كذلك إلى إقامة حديقة صناعية شمالي غور الأردن تضمن تشغيل 100 ألف شخص، وإنشاء 3 مناطق صناعية قرب برطعة في محافظة جنين وبعض المستوطنات المحيطة بها بما يضمن تشغيل 168 ألف شخص.
 
الخطة الإسرائيلية الجديدة، وفق رؤية مسؤولين ومختصين، نسفت كل ما طرحه كوشنر في قمة البحرين وأعلنت فشلها، وكشفت حجم الخلاف بين إدارة دونالد ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو، وأحرجت كذلك الدول العربية التي صفَّقت لمخططات تصفية قضية فلسطين.
 
مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، أكد أن الاحتلال بهذه الخطة، التي وصفها بـ"الخبيثة"، أعلن صراحةً فشل جهود كوشنر في تحويل الصراع بالمنطقة من سياسي إلى اقتصادي، ووجَّه ضربة موجعة إلى إدارة ترامب.
 
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، قال البرغوثي: "إسرائيل لا تعرف خططاً أو معاهدات حتى وإن كانت الإدارة الأمريكية هي التي تطرحها، وهي تسير بطريق آخر يتماشى مع مصالحها الاستيطانية والعنصرية والتهويدية فقط".
 
ولفت إلى أن ما يطرحه الاحتلال من مخططات استيطانية لتطوير وتعزيز وجود مستوطنات الضفة الغربية والقدس بحجة توفير فرص عمل للفلسطينيين وتحسين اقتصادهم، في ظل المخططات الأخطر التي تطرحها الإدارة الأمريكية في "صفقة القرن" و"ورشة المنامة"، هدفها جميعاً استهداف القضية وتقزيم مكانتها.
 
البرغوثي أضاف لـ"الخليج أونلاين": "رغم الخطورة الكبيرة التي نجمت عن ورشة المنامة وتأثيرها على الفلسطينيين، فإن الاحتلال أثبت مرة أخرى أنه فوق الدول العربية وحتى ترامب، بطرحه خطة اقتصادية استيطانية موازية لخطة كوشنر، ليعلن بطريقة غير مباشرةٍ عدم اعترافه والتزامه إياها رغم الكنوز التي تحصل عليها".
 
وبالعودة إلى تفاصيل الخطة التي طُرحت في وقت غريب جاء بعد يومين من انتهاء "ورشة المنامة"، يقول مُعدُّها بركات: إن خطته "ستعمل على تجنُّب إخلاء المستوطنات، وإن لها فرصة نجاح أكبر من الخطة الأمريكية التي تعتمد فقط على المناطق المصنفة A–B".
 
وأوضح أنها تتضمن كذلك بناء 1600 وحدة استيطانية في منطقة قلنديا شمالي المدينة المقدسة، وربطها بعدد من البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية مثل مستوطنات "آدم وبيت إيل" شرقي مدينة رام الله، بزعم أنها تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي بمدينة القدس والضفة، لكنها في الواقع تهدف إلى السيطرة على مناطق (C) من خلال إقامة مشاريع اقتصادية وسياحية.
 
خارطة الضفة والقدس
 
وعن خطورة الخطة الإسرائيلية على الأرض، يؤكد غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان بالضفة، أن المخطط سيبتلع أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، وستتحول فور مصادرتها إلى أراضٍ إسرائيلية خالصة.
 
وأوضح لـ"الخليج أونلاين"، أن المخطط سيغير الخريطة الجغرافية الفلسطينية، وسيُسهم في ابتلاع آلاف الدونمات من الأراضي من أجل تنفيذه، وسيُعَدُّ من المشاريع الاستيطانية الكبرى التي كانت تنتظر فقط اللحظة المناسبة لترى النور.
 
وأضاف: "الخطة تستهدف المنطقة الصناعية في قلنديا، واستخدام مطار القدس-قلنديا والأراضي المحيطة به، وكذلك تعديل مسار جدار الفصل العنصري، وسيتم ابتلاع مساحات واسعة من الأراضي وتوسيع الاستيطان لتشكيل حاجز استيطاني ضخم موازٍ للتوسع الذي حدث خلف الجدار في منطقة قلنديا من الجانب الآخر للمطار".
 
وعن توقيت نشر هذا المخطط، لفت لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الاحتلال أراد من خلال توقيت نشر هذا المخطط الاستيطاني، تأكيد رفضه كلَّ المشاريع الاقتصادية والاستثمارية التي طرحها صهر ترامب في "ورشة المنامة" التي رفضها الفلسطينيون؛ لأنه يسعى لمزيد من التهويد والسرقة والسيطرة على الضفة والقدس التي اجتاحها الاستيطان وقطع أوصالها.
 
خلاف ينسف خطط كوشنر
 
الإعلام العبري كشف عن جانب آخر من الخلاف مع واشنطن في الخطة التي طرحها كوشنر، وظهر بقضية الممر الآمن الذي يربط بين قطاع غزة والضفة الغربية، فأكدت أوساط إسرائيلية أن الممر الآمن يتناقض مع السياسة الإسرائيلية التي تفضل مواصلة الانفصال.
 
وقالت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية: إن "الجيش والخبراء حذروا من فكرة الممر الآمن، وإن المؤسسة العسكرية غير مرتاحة إلى هذا البند في الخطة الاقتصادية، لأنه سيكون نقطة انطلاق لحركة حماس نحو الضفة للسيطرة عليها".
 
الأربعاء (26 يونيو الجاري)، اختُتمت ورشة عمل في المنامة أطلقت فيها واشنطن الجانب الاقتصادي من خطتها للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن"، واتَّهم كوشنر في ختامها القيادةَ الفلسطينية بالفشل في مساعدة شعبها، مؤكداً أن "الباب لا يزال مفتوحاً" أمامها.
 
ويشار إلى أن خطة كوشنر تتضمن إنفاق 50 مليار دولار، بزعم النهوض بالاقتصاد الفلسطيني والعربي في المنطقة، مخصِّصةً 27 ملياراً منها لفلسطين، والبقية للدول العربية الشريكة (مصر والأردن ولبنان). وطبقاً للخطة هناك اقتراح يقضي بإقامة ممر آمن للتنقل، بتكلفة خمسة مليارات دولار، ويشمل طريقاً سريعاً وربما خطاً للسكك الحديدية، بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
 
ويتردد أن "صفقة القرن" تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة "إسرائيل" في ملفات القدس واللاجئين وحدود عام 1967، مقابل تعويضات واستثمارات ومشاريع تنموية.