الكاتالونيون يواصلون الاحتجاج: هل تُعيد مدريد فرض «الطوارئ»؟

الكاتالونيون يواصلون الاحتجاج: هل تُعيد مدريد فرض «الطوارئ»؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٩ أكتوبر ٢٠١٩

تتواصل التظاهرات التي تشهدها كاتالونيا احتجاجاً على إصدار القضاء الإسباني أحكاماً على عدد من قادتها، الأمر الذي من الممكن أن يتصاعد نحو الأسوأ. وفي الوقت الذي تبدو فيه مدريد غير ميالة لإيجاد حلّ قريب، تصرّ الحكومة الكاتالونية على المضي في الانفصال
ليس من المعروف ما ستؤول إليه التظاهرات التي تشهدها كاتالونيا، والتي تصاعدت بشكل كبير أمس، في خامس أيامها، وسط «إضراب عام» وتظاهرة كبيرة في مدينة برشلونة، بعد ليلة من التوتر والصدامات بين الشرطة والاستقلاليين الذين يعبّرون عن غضبهم بعد إصدار القضاء الإسباني أحكاماً على عدد من قادتهم. وقد بدت آثار الإضراب واضحة في المدينة، التي تعد وجهة مفضّلة للسياح، فيما كانت حركة السير ضعيفة بالنسبة إلى يوم عمل. كذلك، شهدت وسائل النقل العام اضطرابات وألغيت 55 رحلة في مطار برشلونة.
وجاء هذا التوتر الجديد عشية يوم سيشهد ذروة التعبئة، احتجاجاً على الأحكام القاسية بالسجن لمدد تراوح بين تسع سنوات و13 سنة، على القادة الانفصاليين لدورهم في محاولة الانفصال في عام 2017.
وتعد أعمال العنف هذه التي نجمت عن شعور بالإحباط لدى جزء من قاعدة الاستقلاليين، بعد سنتين على فشل محاولتهم الانفصالية في عام 2017، مُنعطفاً للحركة الانفصالية التي أكدت دائماً نبذها للعنف. كذلك، تشكل هذه التحركات تهديداً للحكومة الإسبانية، لا سيما أنها تأتي قبل أسابيع على إجراء رابع انتخابات تشهدها إسبانيا خلال أربع سنوات، ووسط هشاشة وانقسامات حزبية. وقد جاء تكرار الدعوة إلى إجراء انتخابات في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر، بعدما فشل رئيس الحكومة بيدرو شانشيز وحزبه الاشتراكي في الحصول على ما يكفي من الدعم من الأحزاب الصغيرة من أجل تحويل فوزهم في انتخابات نيسان / أبريل، إلى حكومة قادرة على العمل. لذا، وبالرغم من أن الحزب الاشتراكي يقود استطلاعات الرأي، إلا أن التركيز المتجدد على كاتالونيا يمكن أن يؤثر على الناخبين، خصوصاً في حال تصاعدت التظاهرات.
وما ينذر بذهاب الأمور نحو الأسوأ، هو التعنّت الذي يحافظ عليه كل من سانشيز والزعيم الانفصالي كويز تورا الذي يترأس الحكومة الكاتالونية، في تصريحاتهما إزاء الوضع، خصوصاً أنهما لم يحرزا أي تقدّم نحو حل النزاع منذ أن تسلّما السلطة في حزيران / يونيو 2018.
وفي خطاب ألقاه سانشيز، يوم الإثنين، قال إن الحكم الذي توصلت إليه المحكمة العليا يؤكد أن إسبانيا هي واحدة من أصلب الديموقراطيات في العالم، وإن الخطوة الأخيرة ستسمح لكاتالونيا بالدخول في «مرحلة جديدة». إلا أن تورا وعد، في اليوم ذاته، بـ«التقدم في المسار باتجاه إنشاء جمهورية كاتالونيّة، من دون أعذار». وكان هذا الأخير قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، محذراً مدريد، عندما زارها في أيلول / سبتمبر، من أن كاتالونيا ستتبع خطى المتظاهرين في هونغ كونغ. تورا طالب أيضاً بعفو عام عن القادة الكاتالونيين، على اعتبار أنه يمكن لسانشيز أن يستخدم سلطاته التنفيذية لهذا الهدف. إلا أن الأحزاب الإسبانية المعارِضة تمنعه من إظهار هذا التساهل.
في مقابل ذلك، لا يزال المجتمع الكاتالوني منقسماً إزاء الاستقلال. فالسياسيون الانفصاليون الذين دخلوا الحكم، منذ عام 2015، فازوا بغالبية المقاعد البرلمانية مرات عديدة، من دون أن يتمكنوا من الحصول على الغالبية القصوى من الأصوات. وما يمكن أن يقلب المعادلة أمام القادة الكاتالونيين والإسبان على السواء، ظهور مجموعة جديدة في الاحتجاجات الأخيرة، وهي منظمة سرية وغامضة تسمّي نفسها «تسونامي الديموقراطية»، التي تتمايز عن غيرها من المنظمات الكاتالونية الانفصالية، واصفة نفسها بأنها سلمية وغير عنفية. وبوجود هيكلية غامضة وقادة غير معروفين، تمكنت هذه المنظمة، التي تتواصل مع أعضائها عبر التطبيقات الإلكترونية المشفّرة، من تحريك آلاف المتظاهرين، ليل الإثنين، عندما قام هؤلاء بإيقاف العمل في مطار برشلونة. وفي هذا السياق، أفيد بأن الحكومة الإسبانية فتحت تحقيقاً قضائياً بشأن هذه المجموعة من أجل معرفة ما إذا كانت لديها صلات ببعض السياسيين الكاتالونيين. هذا فضلاً عن أن هذه السلطات الإسبانية قد هدّدت باستخدام حالة الطوارئ لإعادة فرض النظام، ما يعني احتمال إعادة كاتالونيا لحكم مدريد، كما حصل في تشرين الأول / أكتوبر 2017.