الوساطة الجزائرية في ليبيا وأفق الحل!

الوساطة الجزائرية في ليبيا وأفق الحل!

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٨ يناير ٢٠٢٠

غابت الجزائر لعد شهور عن المشهد على الرغم من اهميته بالنسبة لها، لكون الجزائر كانت منشغلة في اوضاعها الداخلية والانتخابات الرئاسية التي تمخض عنها تعيين "عبدالمجيد تبون" رئيسا للجمهورية، والذي أعلن بدوره صراحةً ان ليبيا هي على رأسه أولوياته في الشأن الخارجي، خاصة وان ليبيا تشكل عمقا استراتيجا للجزائر وأمن ليبيا يؤثر بشكل كبير على أمن الجزائر، وبالتالي حماية هذا الأمن هو مهمة وطنية على الرئيس تحكلها وضمان أمن بلاده وحدودها، الأمر الذي سينعكس بكل تأكيد بشكل ايجابي على الداخل الجزائري وسيدعم الرئيس الجديد في مهامه الجديدة، لذلك رأينا مدى تركيز تبون على هذا الملف.
 
وحاليا تراقب الجزائر، باهتمام شديد تطورات الوضع المتأزم في ليبيا، وتلتزم في الوقت ذاته بعدم التدخل في شؤون الجارة الشرقية وعدم دعم أي طرف من الأطراف المتناحرة.
 
وقالت الجزائر، إنها تعتبر العاصمة الليبية طرابلس "خطا أحمر"، و"ترجو أن لا يجتازه أحد"، وجاء ذلك، في بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة، الإثنين، عقب استقبال الرئيس "عبدالمجيد تبون"، رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا "فائز السراج".
 
وتعتبر ليبيا عمقاً استراتيجياً بالنسبة للجزائر، حسب تصريحات سابقة لمسؤولين محليين فيما يجمع خبراء على الارتباط الوثيق لأمن البلدين، وهو ما يبرر اعتزام القيادة الجزائرية الجديدة تفعيل دورها في حل الأزمة.
 
وبعد مساعي وساطة قامت بها خلال السنوات الماضية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، غابت الجزائر عن المشهد في جارتها الشرقية خلال الأشهر الماضية بسبب أزمة داخلية، تمثلت في انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
 
الجزائر تكاد تكون الوحيدة التي تجمع بين إدانة صريحة لما تتعرض له العاصمة طرابلس من "عدوان"، وفق وصف وكالة الأنباء الجزائرية قبل أيام، ورفض أي تدخل عسكري أجنبي في الشأن الليبي. هي بذلك تضع حدا للحوَل الذي ميّـــــز مواقف عدد من دول، لاسيما في الاجتماع الأخير لجامعة الدول العربية في القاهرة حين لم تر التدخل الأجنبي في ليبيا إلا في ما أعلنته أنقرة، في إغفال متعمد لتدخل كل من روسيا بشركاتها الأمنية شبه الرسمية والإمارات بطيرانه وغاراته القاتلة ومصر وإسنادها المتعدد الأوجه فضلا عن المرتزقة الأفارقة يتقدمهم سودانيون عبر "المتعهد" محمد حمدان دقلو حميدتي وقوات "الجنجويد" سيئة الصيت.
 
نقطة قوة الدبلوماسية الجزائرية، التي بدأت تستعيد عافيتها مؤخرا وتلتفت إلى محيطها المتوتر بعد فترة غياب شغلتها فيه الأوضاع الداخلية المضطربة، أنها قادرة على التواصل مع جميع المؤثرين من ذلك اتصالات وزير خارجيتها مؤخرا بكل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومع وزراء خارجية كل من مصر والإمارات وفرنسا ومالي والنيجر وتشاد.
 
وعقب تنصيبه في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلن الرئيس الجديد عبد المجيد تبون أن الأزمة الليبية ستكون ضمن أولويات السياسة الخارجية في عهده.
 
وبعد أيام فقط من تنصيبه أعلنت الخارجية الجزائرية إطلاق مبادرات حول الأزمة الليبية، لم تكشف عن مضمونها، كما استقبلت رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وكذا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الذي أعلنت بلاده بداية نشر قوات في ليبيا بناء على طلب من حكومة السراج.
 
كما أعلنت الرئاسة الجزائرية، الإثنين، أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وجهت دعوة رسمية للجزائر لحضور مؤتمر برلين حول ليبيا، وذلك بعد إقصائها منه سابقا بشكل أثار رفض السلطات المحلية.
 
وعكس دورها في مسار الأزمة بالجارة الجنوبية مالي، حيث قادت وساطة دولية قبل سنوات كللت باتفاق للسلام، لم تلعب الجزائر دورا مركزيا في مسار الحل الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا، واكتفت بدور المسهل والمشجع لليبيين على الاتفاق فيما بينهم على مخرج توافقي.
 
وقامت سنة 2015، بوساطة بين الفرقاء الليبيين، في الجلسات الممهدة لاتفاق الصخيرات الذي يعرف "بالاتفاق السياسي".
 
واستقبلت الخارجية الجزائرية بشكل دوري، ممثلي أحزاب وشخصيات سياسية ليبية، كما استقبلت عدة مرات المبعوث الأممي الى البلاد ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، الذي تعترف به.
 
واتخذت الجزائر موقفا رسميا من الأزمة مبني "على الوقوف على مسافة واحدة مع جميع الأطراف الليبية ومساعدتهم على حل مشاكلهم بأنفسهم بعيدا عن التدخلات الأجنبية".
 
وفي كلمته أمام مجلس الوزراء، الأحد، شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على أن بلاده لن تحيد عن "واجبي التضامن وحسن الجوار"، في تلميح الى الوقوف بجانب الدول الجارة وعلى رأسها ليبيا.
 
وجدد التأكيد على "رفض الجزائر التدخل في شؤون الدول الأخرى والتصدي بكل قوة لكل محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية".
 
وسبق لتبون أن قال، في خطاب تنصيبه رئيسا للبلاد إن "الجزائر سوف تبذل مزيدا من الجهد في سبيل تحقيق استقرار ليبيا والحفاظ على وحدتها الترابية والشعبية"، معتبرا أن ذلك "من واجباتنا، وأولوياتنا".
 
رفض هجوم حفتر
 
واتخذت الجزائر موقفاً واضحاً من هجوم خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، وقالت إنه "مرفوض"، كما أدانت الهجوم على الكلية العسكرية بطرابلس.
 
وقال وزير الخارجية صبري بوقادوم، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التونسي خميس الجهناوي في 26 أبريل/ نيسان الماضي "لا أقبل أن تقصف عاصمة عربية أو مغاربية ونحن نبقى صامتين.. هذا مرفوض مبدئيا".
 
وأضاف: "على لغة المدافع أن تنتهي فورا".
 
وكان حفتر، قد بدأ هجوما على العاصمة طرابلس، في 4 أبريل/ نيسان الماضي. وخلف الهجوم، الذي وصفته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في تقرير لها مطلع الشهر الجاري، بـ"العدوان"، مقتل حوالي 2000 من المقاتلين وقرابة 300 آخرين من المدنيين وتهجير مئات الآلاف، وفق مصادر رسمية ليبية وأممية.
 
مبادرات مستحدثة
 
وتعتزم الجزائر بعث دورها الدبلوماسي في منطقتي شمال إفريقيا والساحل الإفريقي انطلاقا مما يجري في ليبيا.
 
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في خطاب تنصيبه، إن بلاده "لن تقبل بإقصائها من الحلول المقترحة لتسوية الأزمة في ليبيا"
 
وجاء ذلك في إشارة إلى مؤتمر برلين المعتزم انعقاده في العاصمة الألمانية بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، ودون حضور حتى الأطراف الليبية ودول الجوار مثل الجزائر وتونس.
 
تعزيز الأمن الحدودي
 
وفي ظل وضع يتسم بالتعقيد والهشاشة الأمنية مع انتشار كثيف لقطع السلاح، تجد الجزائر نفسها أمام حتمية التعامل مع الأمر الواقع في هذا البلد الجار. ويتخذ الجيش الجزائري عقيدة دفاعية، حيث لا يمكنه القيام بعمليات عسكرية على تراب دولة أخرى بموجب دستور البلاد.