ضابط سابق في "سي آي إي": تشويش مقصود تسبب بتحطم الطائرة الأوكرانية؟

ضابط سابق في "سي آي إي": تشويش مقصود تسبب بتحطم الطائرة الأوكرانية؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٨ يناير ٢٠٢٠

نشر موقع صحيفة "أمريكان هيرالد تريبيون" مقالاً للمتخصص السابق في مكافحة الإرهاب في "سي آي إيه" والاستخبارت العسكرية، فيليب غيرالدي، الذي عمل في إيطاليا وتركيا وإسبانيا
 
وتحت عنوان "من استهدف رحلة الطائرة الأوكرانية 755؟ إيران أسقطتها، لكن هناك شيئاً وراء القصة أكثر من هذا"، يقول غيرالدي في مقاله، إن الزعم بأن الفريق قاسم سليماني هو "إرهابي" في مهمة للقيام بهجمات "وشيكة" تقتل مئات الأميركيين تبين أنها كذبة، ولهذا، "فلماذا علينا تصديق أي شيء له علاقة بالتطورات المرتبطة بالعراق وإيران؟".
 
 ويتابع غيرالدي: "حتى نكون متأكدين، فالرحلة الدولية للطائرة الأوكرانية 752 التي أقلعت من مطار الإمام الخميني الدولي في صباح يوم 8 كانون الثاني/ يناير وعلى متنها 176 راكباً، وأطلقت الدفاعات الجوية الإيرانية عليها صاروخاً أسقطها، وهو ما اعترفت به إيران، لكن هناك المزيد في القصة تدخل في طياته حرب إلكترونية قامت بها الولايات المتحدة وربما إسرائيل". 
 
 ويشير إلى أن "الدفاعات الجوية الإيرانية كانت بالتأكيد في حالة من التأهب خشية رد أميركي في ضوء عملية اغتيال سليماني في 3 كانون الثاني/ يناير تبعتها غارات صاروخية شنتها إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق".
 
 ويوضح  أن "الحكومة الإيرانية لم تغلق المجال الجوي، رغم التصعيد، فقد استمر إقلاع الطائرات المدنية من طهران، وهو خطأ في التقدير من جانب سلطات المطار، ولسبب غير مفهوم بقيت الطائرات المدنية تقلع وتهبط حتى بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية".
 
 ويلفت الكاتب إلى أنه كان من بين الركاب 57 شخصاً من حملة الجنسية الكندية والإيرانية، حيث وجه رئيس الوزراء جاستين ترودو أصابع الاتهام لإهمال الحكومة الإيرانية وواشنطن، وقال غاضباً إن "إدارة ترامب قامت ودون داع بالتصعيد مع إيران، من خلال الهجوم على مطار بغداد الدولي، ودون أن تأخذ في عين الاعتبار أثر غارتها على المسافرين والمدنيين في المنطقة".
 
 وبحسب الكاتب فإن "ما بدا أنه سوء تقدير في الحكم وخطأ إنساني يحمل في طياته أيضا عناصر أخرى بحاجة للشرح، فقد واجه العاملون الإيرانيون في مجال الدفاعات الجوية تشويشاً كبيراً، وهو ما أدى إلى إغلاق مفتاح التردد، وتوقف عن إرسال الإشارات لعدد من الدقائق قبل انطلاق الصاروخ وبعده، كما لوحظ وجود مشكلات في شبكة الاتصالات مع قيادة الدفاع الجوي".
 
ويقول غيرالدي إن "التشويش الإلكتروني جاء من مصدر مجهول، ما يعني أن النظام الدفاعي الجوي تحول إلى العمل اليدوي، واعتمد على التدخل الإنساني لإطلاق الصواريخ، والدور الإنساني يعني أن المشغل كان عليه اتخاذ قرار سريع في وضع ضاغط، وليست لديه سوى دقائق للرد، فتوقف جهاز الترددات الذي كان يمكن أن يرسل إشارة إلى (تور إلكترونيكس) بأن الطائرة مدنية، وأشار بدلاً من ذلك إلى أنها معادية، فالمشغل الذي أخبر بأن هناك إمكانية لضربة أميركية قادمة رد وأطلق الصاروخين".
 
 ويفيد الكاتب بأن "الصاروخين انطلقا من النظام الروسي (أس إيه- 15)، بحسب وصف الناتو، لكن الروس يطلقون عليه نظام (تور)، وعادة ما يطلق النظام 8 صواريخ تقوم بملاحقة وتتبع الهدف الذي يشمل على وظيفة تحديد هويته صديقاً أم عدواً، وإن أخذنا في عين الاعتبار ما حدث صباح ذلك اليوم في طهران فإنه من الممكن الافتراض تدخل شيء أو شخص في كل من الأنظمة الدفاعية الإيرانية وجهاز الترددات في الطائرة، في محاولة لخلق حادث جوي يمكن نسبته للحكومة الإيرانية".
 
 ويتابع: "نظام (أس إيه-15 تور) للدفاعات الجوية الذي تستخدمه إيران يعاني من نقاط ضعف رئيسية، فيمكن تعريضه لعمليات قرصنة أو (خداعه)، ما يسمح للمتطفل بالتدخل وانتحال شخصية مستخدم شرعي والقيام بالسيطرة، وطورت البحرية الأميركية وسلاح الجو تكنولوجيا (يمكنها خداع رادار العدو وجعله يستهدف الأهداف الخطأ)، وخداع الهدف يعني خداع المشغل، وذكرت صحيفة (الغارديان) وبطريقة مستقلة كيف قام الجيش الأميركي بتطوير أنظمة يمكنها تغيير الإشارات الإلكترونية والأهداف المتوفرة للصواريخ الإيرانية".
 
 ويشير الكاتب إلى أنه "يمكن استخدام التكنولوجيا ذاتها للتمويه على جهاز الترددات في الطائرات المدنية بطريقة يمكن من خلالها إرسال معلومات خاطئة حول الهوية والمكان، ولدى الولايات المتحدة القدرات الحربية والإلكترونية للتشويش وتغيير الإشارات المتعلقة بجهاز الترددات والنظام الدفاعي الجوي الإيراني، ولدى إسرائيل القدرات ذاتها".
 
 غيرالدي يقول إن "جوي كوين من موقع (سوت.نت) لاحظ بشكل مثير للصور والفيديوهات التي ظهرت في صحيفة (نيويورك تايمز)، وكشفت عن إطلاق الصواريخ وأثرها على الطائرة وبقاياها بعد تحطمها، بما في ذلك بقايا الصاروخ، وقد ظهرت الصور أول مرة في 9 كانون الثاني/ يناير في حساب اسمه (ريتش كيدز طهران) ويبدو أن صاحبه يعيش في مجمع سكني فقير قرب طهران، حيث كانت الكاميرا موجهة بزاوية جيدة استطاعت التقاط الصاروخ الذي ضرب الطائرة الأوكرانية".
 
 ويختم بالقول: "لو أخذنا صور (ريتش كيدز) مع إمكانية التدخل الإلكتروني لرأينا أن عملية قتل سليماني هي جزء من خطة مدبرة، وأدت إلى تظاهرات بعد الحادث، فانتقد المتظاهرون عقم الحكومة الإيرانية، وهتف بعضهم بمطلب تدعو إليه الحكومة الأميركية والإسرائيلية منذ وقت طويل، وهو (تغيير النظام)، فإيران التي ظهرت ضحية من خلال مقتل سليماني سرعان ما أصبحت المعتدية الملوثة يديها بالدماء، وهناك الكثير الذي يجب توضيحه بشأن ظروف إسقاط الطائرة الأوكرانية 752".