تداعيات كارثية تجبر العراق على إلغاء قرار إخراج القوات الأمريكية

تداعيات كارثية تجبر العراق على إلغاء قرار إخراج القوات الأمريكية

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٩ يناير ٢٠٢٠

القوات الأمريكية

أوصى خبراء مختصين من الحكومة العراقية، وأعضاء من البرلمان، في جلسة خاصة حصلت "سبوتنيك" على تفاصيلها، بإلغاء قرار إخراج القوات الأمريكية، تلافيا لنتائج كارثية تدمر العراق وتسلبه جميع طموحاته وأمواله الأمر الذي دفع النواب الذين صوتوا على القرار إلى الندم، بعد تعرضهم لضغوط ومخاوف من الاغتيال.
 
وقد تبرأ الشارع العراقي، من خلال حملة أطلقها المتظاهرون وسط، وجنوبي البلاد، في هاشتاغ "البرلمان لا يمثلني"، عقب التصويت على قرار سحب القوات الأمريكية، تلبية لضغوط إقليمية، وعاطفية، على خلفية اغتيال قائد فيلق قدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والقيادي البارز في الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في غارة أمريكية استهدفتهما بمطار بغداد الدولي، في الثالث من الشهر الجاري.
وتحدث النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني في البرلمان العراقي، جمال كوجر، في حوار أجرته معه مراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم الأربعاء، 29 يناير/كانون الثاني، عن مجمل تداعيات القرار الذي صوت عليه النواب لطرد القوات الأمريكية والأجنبية المنضوية في التحالف الدولي ضد الإرهاب.
قرار على ورق
وأوضح كوجو، العضو في اللجنة المالية البرلمانية، أن تراجع العراق، عن قرار سحب القوات الأمريكية، متروك للنواب الذين صوتوا في جلسة البرلمان التي عقدت بتاريخ الخامس من الشهر الجاري.
 
وأضاف مشخصا ً بقوله: إن الذين صوتوا على القرار هم النواب الشيعة، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي قالها بكل صراحة أن هذا القرار شيعي، وإذا كان بنيتهم التراجع ولديهم الحجة بالتراجع، فإن هناك آليات لإعادة التصويت، والذهاب إلى أن يكون القرار تكليف الحكومة وتخويلها بإجراء ما يلزم، وهي تستطيع التراجع عن ذلك، وبعد الدراسة تقول أن دوافع أو نتائج الانسحاب تكون أكثر من بقائها وتستطيع أن تتراجع.
ويؤكد كوجو، أنه ليس هناك إلزام للحكومة بالقرار الذي صوت عليه مجلس النواب، لأن قرارات المجلس غير ملزمة، وليست إجبارية، وهي بمثابة توصية للحكومة.
 
ضغط وعاطفة
ويقول كوجر، إن للحكومة العراقية، إرادتين من تصويت النواب على سحب القوات الأمريكية، وهما:
 
الأولى: القرار اتخذ تحت ضغط من جهات معينة، والثانية عن دوافع عاطفية، ونفسية، وحينها قلنا إن القرارات السياسية تختلف كدولة تماما عن قرارات الأحزاب، والجهات الأخرى لأن الدولة ليس لديها عواطف بل مصالح والقرارات يجب أن تدرس على حسب ذلك، وعلى سبيل المثال روسيا عندما اغتيل سفيرها في تركيا، لم تتخذ إجراءات سريعة.
وأضاف، كان يجب أن تستثمر هكذا مواقف للحصول على أكبر قدر من المصالح، لكن لأن الإرادة غائبة كليا في هذه الدولة، فإرادتها، وقرارها ليس بيدها وخطواتها تملى عليها وتم ما تم من الذهاب إلى السفارة، والتصويت على سحب القوات، لذلك الوقت الآن أن الكرة في ملعب مجلس الوزراء، ويستطيعون دراستها.
 
نتائج كارثية
وكشف كوجر، عن جلسة عقدتها اللجنة المالية البرلمانية، مع المعنيين، وهم شخصيات من البنك المركزي، وديوان الرقابة المالية، ووزارة المالية، وكانت توصياتهم أن النتائج ستكون كارثية إذا تم اللجوء إلى تطبيق قرار طرد القوات الأمريكية.
ويبين كوجر، أن القرار هو طرد القوات الأمريكية،وليس سحب، لأن السحب يتم إذا كان بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية، ومقتنعة، مثلما حصل في عام 2011، ولكن القرار الذي صوت عليه النواب، يعتبر طرد لأنه بدون الجلوس مع هذه القوات، والتفاوض معها حول آلية السحب، وتوقيته من أين يبدأ، مستفهما: وهل يعني الانسحاب طرد سفارة؟ السفارة ليست قوة عسكرية حتى يتم المطالبة بطردها، وكافة القوات الأجنبية.
وأكمل، كانت جلسة للجنة المالية، ولنقل عنها تنويرية لأننا معنيين بتنوير النواب، والكتل السياسية بنتائج كل خطوة نتخذها، وأي قانون يترتب عليه أعباء أو التزامات مالية، فأن المجلس لديه رأيه الخاص به، وهذا قرار حساس جدا.
 
وتابع كوجر، أن اللجنة المالية عقدت الجلسة لتنور الكتل، والقرار السياسي في المجلس أن النتائج الكارثية، وإفرازاتها، عن طرد القوات الأمريكية، كالآتي:
 
النتيجة الأولى: أن موازنة 2020 فيها عجز على الأقل يتراوح بين (45-40) مليار دولار، وأحد أهم مصادر سد هذا العجز هي القروض الدولية، وفي حال طبق قرار طرد القوات الأمريكية، لن يتمكن العراق من الحصول على هذه القروض.
 
ثانيا ً: أن النفط العراقي، يباع بالدولار، وأموالنا تذهب إلى البنك الفيدرالي الأمريكي سيخلق للعراق مشكلة في العمولة، والدولار، بالإضافة إلى أن البنك الأمريكي قد يقوم بحجز الوصولات مثلما هدد دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وينوه كوجر، إلى أن العراق عاجز عن سحب أو نقل أمواله المودعة في البنك الفيدرالي الأمريكي، فهي مجمدة.
 
وثالثا: إذا لم تزود أمريكا، العراق بالدولار، فليس للدولة العراقية عملة بديلة، بالتالي سيتم ضرب العملة المحلية "الدينار"، لأنه حتى الدولة التي عقد الوفد العراقي معها الصفقات وهي الصين، لم تبرم باليوان الصيني، وإنما بالدولار، بالتالي الدولة ستواجه مشكلة لإيجاد عملة أخرى كاليورو مثلا ً.
 
وتابع كوجر، أن النتيجة الرابعة من سحب القوات الأمريكية، وفرض حكومتها عقوبات على  العراق، ستضرب الاقتصاد العراقي، لأن العراق دولة ريعية تعتمد بالكامل على النفط، والشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي هي شركات أغلبها أمريكية، وبريطانية، وأخرى أوروبية، وبعضها صيني، وروسي.
ولفت كوجر متداركا، لكن الشركات النفطية الأجنبية الكبرى العاملة في العراق هي أمريكية، وإذا لجأت الولايات المتحدة إلى فرض العقوبات فإنها ستطال هذه الشركات، ولننظر إلى إيران كيف سحبت الكثير من الشركات الأوروبية العقود منها خوفا من ضرب استثماراتها في الدول الأخرى، بالتالي لأن عدد السكان في العراق 33 مليون نسمة، إن حصة هذه الشركات من موارد هذه الدولة قد تكون نسبة قليلة مقارنة بباقي دول العالم، ولذلك فهي غير مستعدة للدخول في صراع مع أمريكا في مصالح ضيقة جدا، وهي ليست مضمونة أيضا لأن الوضع السياسي العراقي لم يعط الاطمئنان بأن مصالحها ستبقى، ومستمرة، وبالتالي إنها تجازف بالبقاء في العراق، وتواجه أمريكا.
والنتيجة الخامسة من تداعيات طرد القوات الأمريكية، هي هروب رأس المال الداخلي، والخارجي، بعدم تمكن المواطنين، والتجار، من سحب الأموال الموجودة في البنوك العراقية، كما أن المستثمر الأجنبي لا يستطيع المجيء إلى دولة تتحكم بها ميليشيات، وتضرب السفارات، والشركات والقواعد العسكرية بالصواريخ في وضح النهار، على حد تعبير النائب.
 
ولفت كوجر، إلى أن النتيجة السادسة، هي أن العراق لن يبقى له غطاء جوي، بالإضافة إلى أن تسليح القوات العراقية، هو أمريكي من دبابات برامز، إلى طائرات أف 16، وبالتالي إذا تم طرد القوات الأمريكية فهي لن تعود لصيانة هذه الأسلحة والطائرات.
وأفاد بإن جميع الجوانب، السياسية، والأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، في كل المجالات ستضرب، لذا قلناها في اللجنة المالية بكل صراحة، نحن لسنا مع طرد القوات وإنما مناقشة خروجها بما يخدم الدولة العراقية سواء انسحاب جزئي مؤقت بشكل تدريجي، بعد دراسة، وليس حالة انفعالية.
 
صاحب القرار
بعد الجلسة التنورية للجنة المالية، يشير كوجر، إلى أن المعنيين الذين أتوا إلى اللجنة، هم جزء من جسم الحكومة، ولم نأت بخبراء من خارجها، ومن المفترض أن تكون الحكومة هي صاحبة القرار.
 
وعبر كوجر، أقولها للأسف، أن الحكومة العراقية، مختطفة الإرادة، والقرار، والمبادرة ليست بيدها، وهناك من يقرر بدلا عنها.
وتأسف كوجر، للمرة الثانية، معتبرا ً أن رئيس الحكومة لا يفكر إلا بنفسه، لاسيما أن الكثير من التوجهات قد تغيرت بعد التظاهرات، والدماء التي سالت، والكم الهائل من القتلى، والجرحى والمعوقين بين المتظاهرين، بالتالي ستكون هناك مطاردة قضائية له.
 
حماية
وأبدى وجهة نظره، بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال، يبحث عن الدولة التي ستحميه من الملاحقة القضائية لذوي الضحايا المتظاهرين، وليس هناك إلا الجارة التي تحميه، وسلم لها زمام الأمر، ولا يفكر إلا من خلال هذا المنعطف وهذا خطير جدا ً.
واستذكر في استفهام، هل يعتقد بعد كل هذه الدماء التي سالت، أنها يتذهب سدى بدون أي ردود أفعال؟ تمت محاكة صدام حسين على إعدام 124 إنسان في قضاء الدجيل، ولكن كانوا بتهمة أنهم حاولوا اغتيال رئيس الحكومة، أما الحاليين هم أبرياء جائعين عاطلين عن العمل، وتم قتلهم بأسلحة القنص، وليس عن طريق الخطأ وجميعهم ضربات في الرأس، وهل ستذهبهم دماؤهم سدى؟ أنا لا اعتقد، نحن الطبقة الحالية راضون بهذا الحكم، لكن ستأتي طبقة لن ترضى بذلك كما الذين تم إعدام 124 في زمنهم، أتى بعدهم من لم يرض بذلك.
 
ندم وتنصل برلماني
ونقل كوجر، عن عدد من النواب الذي صوتوا على قرار سحب القوات الأمريكية من العراق، قولهم بإنهم نادمون وكانوا تحت ضغط نفسي، وضغوط متنوعة، وتصويتهم جاء خوفا من أن تحرق بيوتهم، مثلما صوتوا على الكثير من قرارات مجلس النواب حيث يقومون برفع أيديهم خوفا من الاغتيالات أو ما يطلق عليه في العراق، بالطرف الثالث.
واعتبر النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، في ختام حديثه، هذه القرارات، ليست سليمة، وغير معبرة عن وجدان أي نائب، معربا ً عن اعتقاده "الآن إذا ذهبوا إلى اختيار رئيس جديد لمجلس الوزراء، سيرمون الكرة في ملعبه، وهو لن يلجأ إلى هذه الخطوة لأنه يريد أن يأخذ البلد إلى بر الأمان الذي لن يتم بفتح جبهات جديدة مع الناس، وقوتهم، ومصالحهم، رغم أنه تم خرق سيادة الدولة، وهذا أمر مدان وغير مقبول ولكن خرق السيادة لا يعني ضرب كل المصالح.
وعلمت مراسلتنا، من مصادر أمنية، بأن القوات الأمريكية لازالت تتواجد في القواعد العسكرية لاسيما في محافظة الأنبار، غربي البلاد، حيث شددت الحماية بغطاء جوي تحسبا ً لأي هجمات صاروخية مثل التي أطلقتها إيران ردا على مقتل سليماني خلال هذا الشهر.
 
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إصابة 50 عسكريا بإصابات دماغية عقب الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على قاعدة "عين الأسد" العسكرية غربي العراق.
 
وقال المتحدث باسم البنتاغون توماس كامبل، في بيان، مساء أمس الثلاثاء، 28 يناير/كانون الثاني، إنه "اعتبارا من اليوم، تم تشخيص 50 من أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية بإصابات في الدماغ"، مشيرا إلى أن الأعراض تشمل الإصابات الارتجاجية والصداع والدوار والحساسية تجاه الضوء والغثيان، وذلك حسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وأضاف: "من بين هؤلاء الـ 50، تم علاج 31 من أعضاء الخدمة في العراق وأُعيدوا إلى الخدمة، بما في ذلك 15 من أعضاء الخدمة الإضافيين الذين تم تشخيصهم منذ التقرير السابق، فيما نقل 18 إلى ألمانيا لإجراء مزيد من الفحص والعلاج، فضلا عن ذلك نقل أحدهم إلى الكويت قبل أن يعود إلى الخدمة من جديد".
 
وأدان رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، مساء الأحد الماضي، 26 يناير/كانون الثاني، الهجمات الأخيرة التي طالت السفارة الأمريكية في بغداد، قائلًا إنها تسيء لسمعة الدولة.
 
" إن الاعتداء على أية بعثة أجنبية يعد اعتداء على كيان الدولة العراقية وهيبتها، مطالبًا الأجهزة الأمنية بالاضطلاع بدورها في ملاحقة الخارجين عن القانون وكشف هوية المعتدين".
وتابع أن "استمرار هذه الاعتداءات يضر بمصالح البلاد العليا وعلاقاتها الدبلوماسية، وتحملها تداعيات خطيرة يجب تجنبها في ظل الظروف الراهنة"، مشددًا على التزام بغداد بالتعهدات القانونية في حماية مقار البعثات الدبلوماسية.
 
ووجه رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي قوات الأمن، بالبحث عن منفذي الاعتداء على السفارة الأمريكية باستخدام صواريخ كاتيوشا في المنطقة الخضراء في وقت سابق من الأحد الماضي 26 يناير/كانون الثاني.